الأربعاء 2014/08/27

آخر تحديث: 16:21 (بيروت)

"سجون النساء": تدريب لقوى الأمن على حقوق الانسان

الأربعاء 2014/08/27
"سجون النساء": تدريب لقوى الأمن على حقوق الانسان
increase حجم الخط decrease

أطلق، الإثنين الفائت، مشروع "تعزيز سياسات وممارسات حقوق الانسان في سجون النساء في لبنان" دورة تدريب لعناصر من "قوى الأمن الداخلي"، على معايير حقوق الانسان في سجون النساء في لبنان. وهذا المشروع، الممول من "الاتحاد الأوروبي" و"الوكالة الدولية السويدية للتعاون الانمائي"، تشارك فيه جمعية "دار الامل"، "كاريتاس لبنان مركز الأجانب"، "التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني" و"دياكونيا".

ويهدف المشروع، الذي بدأ قبل سنتين، إلى "تحسين الظروف في سجون النساء بما يتلاءم مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، من خلال تحسين السياسات المتبعة وإرساء آليات قائمة على الحقوق بما يكفي لإحترام حقوق النساء السجينات". على أن المشروع، وفق ديانا عساف من "دياكونيا"، لا يقتصر على عناصر قوى الأمن، "بل يشمل السجينات وجميع المعنيين بقضيتهم، وخاصة الحارسات، اللواتي يمكن النظر إليهن بإعتبارهن سجينات أيضاً، في هذا العمل". عليه، لم تُستثنى الحارسات من اهتمامات المشروع. "نظمنا ورش عمل لهن. لكنها تحولت إلى مجال لسماع شكواهن. وهذا مهم جداً". وتمكن المشروع من تغيير، نظرة بعض الحارسات، على ما تقول عساف، إذ كن مثلاً يملن، في معاملتهن لسجينات قضايا الدعارة، "إلى تأديبهن، وليس حمايتهن. تغيرت هذه النظرة عند بعضهن الآن".

تبنت وزارة الداخلية هذا المشروع، وانتدبت عناصر ليصيروا مدربين في مجال حقوق الإنسان. وتقول المحامية منار زعتير، احدى المدربات، أن المشروع يشتغل في مسارات عديدة. "جربنا في اليومين الأولين للتدريب نقل معارف قانونية لهم. وخاصة في ما يتعلق بالقوانين المحلية والعالمية، والمقارنة بينهم. إضافة إلى الاتفاقات التي وقع عليها لبنان وتتعلق بهذا المجال. أما في الأيام الثلاثة الأخيرة من الدورة فسندربهم على مهارات خاصة ليكونوا مدربين لغيرهم. وهي مهارات تتعلق بالتواصل والتنظيم وحل النزاعات". وهذا التدريب لا ينفصل عن مسار أطلقه المشروع لتعديل القانون المحلي الخاص بالسجون. "المشكلة أن القانون اللبناني، الذي صدر في العام 1949، صار قديماً. وهو غير متوافق مع كثير من الاتفاقيات الدولية التي يلتزم بها لبنان. ولا يشير إلى النساء الحوامل أو أطفالهن في السجون. ولا يذكر السجينات الأجنبيات، ولا يهتم بالصحة النفسية والعقلية للسجينات".

لكن القصور القانوني ليس وحده من يتحمل المسؤولية. تذكر أحياناً بعض القوانين حقوقاً للسجينات لكنها لا تطبق. "مثل حقهن في إعادة التأهيل، والتعلم والعمل. لكنه أيضاً لا يراعي أهمية حمايتهن من التمييز والعنف بما أن النساء يشكلن الحلقة الاجتماعية الأضعف"، وفق زعيتر. ويعتمد هذا المشروع في رصده لهذا الواقع على زيارات ميدانية واستمارات مطورة وشكاوى السجينات. "يبقى أن المشكلة ليست في أشخاص محددين. إنها تتعلق بالنظام والقوانين. لو وجدت هذه الأخيرة لما كان بمقدور الأشخاص التصرف بهذه الطريقة، ارتجالياً وعاطفياً"، وفق عساف، التي تشدد على أهمية إتمام مشروع نقل السجون من وصاية وزارة الداخلية إلى وزارة العدل. "لكن من المهم أيضاً التركيز على دعم الكوادر، في السجون، نفسياً وتزويدهم بالمهارات، وأن يُخلق عندهم الحماس. هذه المشكلة جزء من مشكلة السجينات العامة أيضاً".


تقرير تقييمي

ويصدر المشروع تقريراً تقييماً لأوضاع سجون النساء كل ستة أشهر. وصدر آخر تقرير في شباط الفائت. وهو "يهدف إلى إنشاء نظام تقييمي لسجون النساء الأربعة (سجن بعبدا، سجن بربر الخازن، سجن طرابلس وسجن زحلة) وتقييم أداء السجون بما يتناسب والمعايير الدولية لحقوق السجينات من خلال مؤشرات يتم رصد مدى تحققها في ممارسة السلطات".

ويلحظ التقرير الأخير، فيما يخص صحة السجينات، أنها لا تزال "أكثر الاشكاليات التي تعانيها السجينات في لبنان، مع بعض التقدم الملحوظ الذي ارتبط بالخدمات التي باشرت وزارة الشؤون الاجتماعية تقديمها، حيث يمكن رصد توافر خدمات طبيب واحد على الأقل موجود بشكل يومي مع بعض الاستثناءات، وممرضة وخدمات طبيب الأسنان للقلع، وفتح سجل طبي لكل سجينة، وحديثاً بدأ في بعض السجون توافر خدمات طبية نسائية. أما السجينات اللواتي يحتجن لعلاج متخصص ينقلن إلى مستشفيات مدنية". لكن السجينات لا زلن محرومات من المعاينة السريرة اللازمة لكل سجينة فور دخولها السجن، ولا تولي اجراءات التسجيل الأولية الانتباه إلى حالات الاعتداء الجنسية التي قد تكون السجينة قد تعرضت لها قبل دخولها السجن.

أما الغذاء فلا يزال "ضمن الوتيرة نفسها الممارسة من قبل السلطات الرسمية لجهة كون الوجبات المقدمة لا تكفي للحفاظ على صحة السجينة وقواها، ولناحية عدم مراعاتها الخصوصية الثقافية والدينية، ولا الأوضاع الصحية الخاصة". أما النظافة الشخصية، التي يحرص القانون على الإشارة إليها بسماحه للسجينات بالإستحمام ثلاث مرات أسبوعياً وغسل الفراش والشراشف والبياضات مرة في الشهر، "إلا أن مواد التنظيف اللازمة لذلك غير مؤمنة". ويرصد التقرير "بعض التقدم المتمثل بتقديم وزارة الشؤون حزمة تضم الملابس الداخلية، في حين أن الدولة حتى اللحظة لا تقدم للسجينات أي ثياب". على أن المشكلة الأبرز، وهي مشتركة بين جميع السجون، تتعلق بالبيئة العامة للسجون، "حيث أنها غير مبنية في الأصل لتكون سجوناً". وأبرز المشكلات التي يرصدها التقرير تتعلق بعدم توفر النوافذ في كل الزنازين، كما أن مساحة الزنزانة لا تراعي المعايير الدولية، وهي 4 أمتار مربعة لكل سجينة. وتبرز، وفق التقرير، مشكلة عدم توفر مراحيض كافية "مما يعيق تلبية السجينات لاحتياجاتهن الطبيعية بشكل صحي، وعدم إنفصالها عن أماكن النوم، وعدم فصل أماكن الطعام عن أماكن النوم، إضافة إلى عدم تأمين المواد اللازمة لتنظيف الغرف إلا بنسب متفاوتة".

increase حجم الخط decrease