السبت 2018/03/17

آخر تحديث: 08:41 (بيروت)

دير الفرنسيسكان في الميناء.. للمسيحيين والمسلمين

السبت 2018/03/17
دير الفرنسيسكان في الميناء.. للمسيحيين والمسلمين
يحتفل الدير بذكرى مرور 800 عام على وجود الفرنسيسكان في طرابلس
increase حجم الخط decrease

عند دوّار Grouppi في الميناء، يقع دير الفرنسيسكان الذي يشغل مساحةً كبيرةً تشمل المبنى الرئيسي وحدائق مع ملعبيّن، واحد لكرة القدم وآخر لكرة السلّة. لا يشبه هذا الدير الأديرة الأخرى في المدينة وخارجها. ثمّة ميزاتٌ جعلتْ منه ديراً فريداً من نوعه، واستطاع أن يسهم في كسر نمطيّة اللون الواحد داخل المدينة.

هو ديرٌ مسيحي الهويّة، لكنّه للمسلمين أيضاً. هدوء المكان وسكينته، و"بسمة السلام" المرسومة على وجوه القائمين عليه، لا يدعا مجالاً للاستغراب حين تجد رواده من المسلمين والمسيحيين. عند الوصول إلى الدير، تستقبلك بفائضٍ من الحبّ والترحاب سيّدة محجبة تعمل فيه وسيدةٍ أخرى تستلم الشؤون الإداريّة للدير.

بناء الدير هو أقرب إلى بناءٍ مدرسي في بوابته وباحته الداخليّة. وهو كان كذلك. لكنّ عمارته الحجريّة التي تعود إلى أكثر من 158 عاماً، والكنيسة في داخله، تجعل روحيّته الدينيّة السمة الأبرز. في طابقه العلوي، 10 غرفٍ للضيوف جعلته أوتيلاً يستقبل النزلاء من مختلف المناطق اللبنانية والأجانب. بعضهم يأتي بصفته الفرديّة لزيارة طرابلس، وبعضهم الآخر يأتي بغية العمل مع المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر والأونروا والمنظمات الإنسانيّة التي تعنى باللاجئين.

لدير الفرنسيسكان في الميناء، نشاطات متنوعة جعلته مزيجاً يجمع البُعد الديني والثقافيّ والاجتماعي والترفيهي معاً. يتوافد إلى ملاعبه محبو كرة القدم والسلة ولاعبو الجيدو، ولديه فرقة كشاف تضمّ شباباً من مختلف الأديان. وفي داخله، ينظم الدير بين وقت وآخر صفوفاً لتعلم الفنون، كرقص الباليه والغناء في جوقة الكونسير. كذلك، يتفرّد هذا الدير باستقبال العاملين والعاملات الفلبينيين، حيثُ يُقام قدّاس خاص بهم، يختلف عن قدّاس الثلاثاء من كلّ أسبوع، الذي يُصلى فيه على القديس انطونيوس البدواني.

يحكي الأبّ الدكتور Quirico Calella في حديثٍ مع "المدن"، وهو إيطالي الجنسية يبلغ 72 عاماً، عن الدور الذي استطاع أن يلعبه الدير في المدينة، لتعزيز التثاقف ولغة الحوار وتقليص المسافات مع الآخر. "الخوارنة الفرانسيسكان محبوبون في الميناء. فنحن رسالة سلام، ونهدف عبر نشاطاتنا ووجودنا إلى جعل الأديان واحدةً، وأن نؤسس لفكرة الاندماج، لأن الفرق بين إنسانٍ وآخر، ليس دينه، وإنما إنسانيّته".

ولد الأب Calella من أبٍ وأًمٍ إيطاليين في مدينة برينديزي الايطالية. "عندما كنت شاباً، عرفت خوارنة فرنسيسكان ورحت إلى روما لأدرس معهم. ثمّ سافرت إلى بيت لحم لأدرس الفلسفة واللغة العربية في العام 1967، قبل أن أعود إلى روما لإعداد رسالة الدكتوراه عن وسائل الإعلام في عهد البابا بولس السادس". بعد حصوله على الدكتوراه، عاد الأب إلى فلسطين وبقي يتنقل بين الناصرة وعكا والجنوب اللبناني، حيث كان مرشداً روحياً للجنود الإيطاليين في اليونيفيل على الحدود اللبنانيّة- الفلسطينية، على مدار 17 عاماً، إلى أن جاء إلى دير الفرنسيسكان في الميناء في العام 2016 ليخلف الأب حليم نجيم من رشعين.


يربط الأب Calella الحديث عن الدير بتاريخ وجود الفرنسيسكان في الشرق الأوسط والذي يعود إلى العام 1217 ميلادي، وكان مقر طرابلس واحداً من أوائلها. "بعد الحرب العالميّة الثانيّة، كان الدير في حالةٍ يُرثى لها. وفي العام 1947، رمم قسم كبير من الدير وأضيف البلكون فوق الكنيسة لحمايتها من الرطوبة. كذلك، رممت المدرسة التي كان طلابها يتلقون علوماً روحيّة وعلميّة واقتصاديّة، والتي نمت تدريجاً برعاية الراهب الموجود في الدير حتّى بدء الحرب اللبنانيّة في العام 1975. وبعد انتهاء الحرب، استأنفت المدرسة عملها، وضمت مختلف الصفوف الابتدائية وكان عدد طلابها يبلغ 285 طالباً. وبقيت مفتوحة حتّى العام 2014، حين صدر قرار عن الرئاسة العامة لحراسة الأراضي المقدسة بإقفالها نتيجة مشاكل عدة واجهت المدرسة".

حالياً، يحتفل الدير بذكرى مرور 800 عام على وجود الفرنسيسكان في طرابلس. ولهذه المناسبة، "أقمنا معرضاً لمخلوقات مارفرنسيس الذي كتب أول نشيد باللغة الإيطاليّة. واستقدمنا لفرقة الكونسير آلة الأورغان الهوائيّة الموسيقية التي تعمل عن طريق الهواء وهي الوحيدة الموجودة في لبنان. وفي نهاية آذار، سيجري افتتاح شارع مار فرنسيس المحاذي للدير".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها