الإثنين 2018/02/05

آخر تحديث: 12:56 (بيروت)

شيمان حدشيتي: الموظفة المرحة

الإثنين 2018/02/05
شيمان حدشيتي: الموظفة المرحة
منعتها ظروفها الصحيّة والمادية من متابعة دراستها
increase حجم الخط decrease

حين تنظر إلى الشابة شيمان حدشيتي (23 عاماً)، تشعر بالدهشة أمامها لكونها من أقصر قصيري القامة في لبنان. وحين تحادثك تزداد دهشتك للنضج الواضح في كلامها. تأسرك ثقتها بالنفس، وتشدّك إلى أن تعرف أكثر عن هذه الصبية الكبيرة بفكرها، الصغيرة بقامتها التي لا تتعدى الـ80 سنتم. وتسأل: كيف تعمل على التأقلم مع الظروف المحيطة بها في بلد نادراً ما يفتح فرص العمل أمام الذين في مثل حالها أو غيرها من ذوي الحاجات الخاصة؟

تعيش شيمان مع عائلتها في منطقة زوق مكايل. تروي لـ"المدن" أولى مراحل حياتها: "منعتني ظروفي الصحيّة والمادية من متابعة دراستي التي أوصلتني إلى منتصف المرحلة المتوسطة، وأجبرتني على ملازمة المنزل". تلك المعاناة لم تحدّ من طموح هذه الشابة الذكية والمتصالحة مع ذاتها، بل راحت تكثّف قراءتها الكتب ودراسة اللغات حتى تمكّنت من العمل بدوام جزئي في مجال التسويق عبر الانترنت.

إلا أن شيمان لم تكتفِ بهذا العمل الذي لا يؤمن لها مدخولاً كافياً لسدّ حاجاتها، وتالياً لا تشملها التغطية الصحية. "كان الحظ إلى جانبي حين علمت بجمعية شارك المتخصصة بالتدريب الوظيفي"، تقول. "تحدّيت إعاقتي وكسرت حاجز الخوف لديّ وقصدت الجمعية بهدف التدريب، لعلي أستطيع الاندماج في مجتمع ذي بيئة سليمة".

بثقة واضحة تتحدّث شيمان عن مبادرة الجمعية التي تبنتها كموظفة في كنف أسرتها المهنية بعد إنهائها مرحلة التدريب. "أفتخر بأنني جزء من فريق عمل شارك"، تؤكد. كيف لا، وهي التي تحدّت نفسها والمحيطين بها والمجتمع لإثبات ذاتها في ميدان العمل والحياة المهنيّة. وتوضّح: "في البدء لم يكن تخطي إعاقتي أمراً سهلاً، لا بل كنت أنزعج وأشعر بأسى كبير، خصوصاً عندما ينظر إليّ أحدُهم نظرة استغراب أو شفقة. لكن، مع الوقت نضجت أكثر وتأقلمت مع واقعي وأدركت جيداً أنه مهما كانت نظرة الناس وحكمهم المسبق عليّ فذلك لن يؤثر سلباً على نفسيّتي. بالعكس يزيدني الأمر قناعة بأن أتصرّف وفق ما يُرضيني ويُفرحني".

من التحديّات التي واجهتها شيمان، "أنني خرجت من البيت وبدأت أعمل وأتكل على نفسي، وهذا الأمر كان مستحيلاً بالنسبة لعائلتي، وقد خالفت كل التوقعات رغم الحواجز المحيطة بي". اليوم شيمان مسؤولة في الجمعية عن قسم التسويق ومنصّات مواقع التواصل الاجتماعي.

لم تتوقع الشابة العصامية أن تجد من القيّمين على الجمعية فرصة توفير عمل لائق بها. وتقول: "هذه الخطوة الجريئة من شارك ساعدتني في أن التقي أشخاصاً يحترمون شخصي ويتعاملون معي على أساس قدراتي ومهاراتي، ويحفظون كامل حقوقي الوظيفية ضمن أسرة الجمعية، من دون النظر إلى قصر قامتي، وهذا بالطبع يُحفّزني على العطاء أكثر ويمنحني الأمان والاستقرار". تضيف: "أنا محظوظة في العمل مع زملائي ومرتاحة كثيراً للعلاقة الوطيدة التي تربطني بكل منهم".

"تجربتنا تتكرّر مع غير شيمان"
ماذا تعلّق شنتال سعاده، من مؤسّسي جمعية شارك والمسؤولة عن إدارة الشؤون المالية فيها، عن المبادرة في اختيار شيمان ضمن كادرها الوظيفي؟ "لا نحكم على الشخص من الناحية الجسدية، بل دفعتنا الرغبة في المعرفة إلى فهم شيمان التي أثبتت أثناء التدريب جديّة وجدارة في العمل، فكان القرار بضمّها إلى أسرة الجمعية".

ومنذ أن التحقت شيمان بالجمعية قبل نحو ستة أشهر، لاحظت شنتال أن "زميلتنا المثابِرة أضفت جواً جديداً وفرحاً بين الموظفين داخل العمل وخارجه"، مشيرة إلى أن "العلم وحده لا يكفي وإن كان أساسياً، لكن بدون الشهادات العالية يمكن أن ننجح بالصفات المتوفرة بشيمان". تضيف: "نتعامل معها أسوة بسائر الموظفين بلا تمييز، وأعتبر أننا كجمعية استفدنا من شيمان أكثر مما هي استفادت منّا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها