هكذا يتحدى شادي أبي فاضل آثار الحادث

"الصبر هو التعويذة الوحيدة ضد البلاء". عبارة تختصر حياة شادي أبي فاضل بعد حادث السير الذي تعرض له منذ نحو 8 أشهر برفقة صديقه تيدي سمعاني، الذي يكمل دراسته بالهندسة المدنية في الجامعة الأميركية في بيروت. دخل الشابان في غيبوبة، استفاق تيدي منها قبل شادي وعاد إلى جامعته وحياته الطبيعية بعد تعافيه بشكل شبه كامل. أما شادي، وهو طالب هندسة الكهرباء والكمبيوتر في الجامعة الأميركية، فاستيقظ لاحقاً ليتبين أنه المتضرر الأكبر من الحادث بعد تعرضه لشلل نصفي وكثير من المشاكل على مختلف الأصعدة.

يتابع شادي علاج النطق والعلاج الفيزيائي، على أمل أن تتحسن حركة أطرافه وقدرته على السير والنطق، كما يرجح الأطباء. خسر شادي كثيراً جراء الحادث، بما في ذلك قدرته على عزف الموسيقى، إذ كان يبرع بالعزف على الكمان بأسلوب مبتكر. "مُنعتُ من العمل تحت الضغوط، كما كنت أفعل قبل الحادث. منعت من كثير من الأمور"، يقول شادي. يضيف: "أعيش على أهواء الناس، ولا يمكنني اتخاذ قراراتي بمفردي حتى عندما يتعلق الأمر بأبسط الأمور، مثل دخول الحمام".

لكن، شادي حافظ على كثير من خصاله ومهاراته أيضاً، وتحسن في غيرها. فما زال يرسم الضحكة على وجوه من حوله بخفة ظله وروحه الفكاهية.

يقول شادي، وهو من المتفوقين في الدراسة، واحتل المركز الثامن في لائحة الشرف الخاصة بهندسة الكهرباء والكمبيوتر في الجامعة: "الحادث جعلني أرى الحياة من منظورٍ آخر وأفكر في الأشياء والأحداث بتعمق". يضيف: "أقدر حواسي بشكلٍ أكبر الآن، خصوصاً حاسة الشم وأتمعن بتفاصيل ومصادر روائح لم أكن التفت إليها من قبل".

بدأ شادي بعد الحادث قراءة الكتب المتنوعة. طالع 40 كتاباً خلال الفترة التي أمضاها في المستشفى. بعدها، بدأ يساعد أصدقاءه في الكتابات والأوراق البحثية المطلوبة منهم في الجامعة، واكتشف حينها شغفه بالكتابة، خصوصاً بعدما ابتعد عن جميع أنواع اللهو.

قرر شادي فيما بعد أن ينشأ مدونته الالكترونية الخاصة، لأنه أراد ان يكتب عن مواضيع تهمه عوضاً عن مواضيع تُفرض عليه من الأصدقاء والأساتذة. هكذا، أطلق على مدونته اسم "Youthfountainn"، وسوَّق لها بشكل مميز على وسائل التواصل الاجتماعي. تابع شادي طريق الكتابة بعدما كتب سيرته الذاتية، التي تطرق فيها إلى تفاصيل حياته وصولاً إلى فترة ما بعد الحادث، وسيصدرها قريباً في كتاب باللغة الانجليزية بعنوان "Playtime"، إلى جانب مواضيع أخرى.

"قليلون هم من يتعاطفون أو يأخذون بالاعتبار حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة في هذا البلد"، تقول شارلوت بولس، والدة شادي. لكن، شادي بعد أسابيع قليلة سيكون أمام تحد جديد، وهو عودته إلى الجامعة ليستكمل دراسته، إذ سيواجه صعوبة في التنقل وتدبير أمور الحياة وكثير من الأسئلة والنظرات المزعجة. غير أن حب شادي للحياة وإصراره سيمكناه من التغلب على هذا التحدي الجديد.