الأربعاء 2018/01/17

آخر تحديث: 14:19 (بيروت)

أم صبحي عاشت 120 سنة: هذا ما كانت ترويه

الأربعاء 2018/01/17
أم صبحي عاشت 120 سنة: هذا ما كانت ترويه
بدوية مثقلة بهموم النكبة واللجوء
increase حجم الخط decrease

توفيت ليل الثلاثاء، في 16 كانون الثاني 2018، أكبر معمرة في مخيم عين الحلوة أمينة قاسم الشهابي، عن عمر ناهز 120 عاماً، وفق عائلتها.

ماتت أم صبحي ولم تحقق حلمها بالعودة، لكنها أوصت أحفادها وأقاربها "اياكم أن تنسوا أن لنا أرضاً محتلة". كنا نسألها يا خالة أم صبحي خبرينا أكثر عن فلسطين ونكبتها، فتجيب بصوتها البدوي: "منين بلش يا خالتي، فلسطين ضاعت بفعل مؤامرة دولية"، متذكرة أمسيات فلسطينية "كنا نغني فيها المواويل ونعقد الدبكة ونذهب إلى بيارتنا ونحصد الزرع والزيتون".

أخبار المجازر والذبح التي مارستها عصابات الصهاينة بحق أهالي قرى وبلدات فلسطينية قريبة من بلدتها عرب زبيد (قضاء صفد) زرعت الرعب في صفوف الأهالي. فغادرت وزوجها وأولادها، "وكان الوقت ليلاً أو فجراً عندما هربنا إلى جنوب لبنان. مشينا كثيراً في عتمة حالكة".

تذكرت أم صبحي، التي عاشت يتيمة لفقدانها والدها في وقت مبكر، أنها نسيت صورته معلقة على جدار غرفتها. فلم تكمل المسير إلا بعدما عاد شقيقها وجاء لها بالصورة. كانت تؤكد أن "رجال فلسطين قاتلوا بشجاعة قل نظيرها، وكادوا أن يحققوا نصراً مؤزراً على الإسرائيليين. لكن جيش العرب أمرهم بالانسحاب".

في وجه تلك البدوية بقي تراث فلسطين عابقاً، كأي امرأة فلسطينية بدوية دقت الوشم على وجهها ودقنها. وهو وشم له علاقة بتقاليد الزفاف والمرأة المتزوجة. و"مذاك بقي وشمها ولم تقم بنزعه".

في لبنان، عملت في البساتين قبل وفاة زوجها في مطلع سبعينيات القرن الماضي. وبعد وفاته، عاشت ظروفاً بائسة كما أترابها. وخلال عملها قبل عقود في بستان "بوليتي"، الذي يملكه لبناني يهودي، أخافها حنش أسود. لكن "الحنيشه"، كما كانت تلفظها، ما عادت تخيفها "أحنا الفلسطينية ما منخاف المنية"، متذكرة "أبو عمار الذي كان يزور الفدائيين في تلك البساتين ويأكل معهم اللبن".

البدوية المثقلة بهموم النكبة واللجوء، حافظت حتى آخر يوم من عمرها على وضع الحناء على شعرها كعادة الفلسطينيين. وحتى يومها الأخير بقيت تستحم بالصابون العربي الفلسطيني لأنه عادة، ويبعث الأمل فيها.

حددت أم صبحي خياراتها بوضوح. هي مع العودة إلى فلسطين مهما كان الثمن. "أترك أولادي الخمسة (ثلاثة رجال وسيدتان) وعائلتي وأحفادي وكل شيء في ديار اللجوء، لأعيش كم يوماً في فلسطين". ورغم تقدمها في السن حافظت على ذاكرة قوية، ولم تعاني من أمراض تذكر، وكانت تفاخر "بسمع وبشوف أحسن من الصبايا".

في سنوات عمرها الأخيرة، اعتصمت بعبارة "الله مد بعمري وعشت ليوم شاهدت فيه الإسرائيليين وقد هزموا في لبنان وغزة. هذه نعمة كبيرة". ويخبرنا الحاج زياد الشهابي أنه قبل شهر أكثرت عمته أم صبحي من ترداد "حابي أزور فلسطين، ليتني أموت هناك وأدفن في تراب بلادي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها