الجمعة 2017/09/29

آخر تحديث: 10:57 (بيروت)

مع ميرا: طرابلس غير

الجمعة 2017/09/29
مع ميرا: طرابلس غير
الناس لم يعادوا يخافون من طرابلس
increase حجم الخط decrease

كانت ميرا منقارة تتابع أحداث المعارك الدورية التي شهدتها مدينتها طرابلس، عندما سمعت خبر سقوط قنبلة أمام جامع البرطاسي الواقع في محلّة باب الحديد على ضفّة النهر. لم يكن وقع الخبر على ميرا مثلما كان على المشاهدين الآخرين، الطرابلسيين منهم وغير الطرابلسيين.

في غمرة الأحداث والمعارك، لم يكن قلب ميرا على المدينة وأهلها فحسب، بل على معالمها وحجارتها أيضاً. "المسجد عمره 800 سنة، من أيام المماليك، معقول هيك يروح؟"، فكرت ميرا، قبل أن تقرر أنها ستتفرّغ بالكامل هذه المرّة للنشاط التي كانت تقوم به بشكل غير دوري منذ بضعة سنوات: الجولات السياحية المنظمة في مدينة طرابلس.

ما إن توقفت المعارك في طرابلس، في العام 2014، وبدأ تطبيق الخطة الأمنية في المدينة حتى استغلّت ميرا الفرصة لكي تبدأ ما أصبح يُعرف اليوم بـ"جولات ميرا السياحية". هكذا، خصصت الشابة الطرابلسية مساحة في فايسبوك لتعلن من خلالها عن أول جولة لها. تذكر ميرا أنها تفاجأت بعدد الذين شاركوها الجولة، وهم نحو 25 شخصاً، أغلبهم من الأجانب.

فرحة المدينة بالناس
"فرحت كثيراً، وناس طرابلس فرحوا أيضاً"، تقول ميرا. أثناء سيرها في أزقة المدينة القديمة، كان الأهالي فرحين، يرحبّون بها وبفريقها بعبارات مثل "اشتقنالكم" أو "وين هالغيبة". لم يكتفوا بذلك، بل قدّموا الأطعمة والمشروبات مجّاناً للجميع. كانت هذه الجولة تأكيداً لميرا أن القنبلة التي وقعت قرب البرطاسي، من دون أن تلحق الضرر به، رسالة إليها كي تسهم على طريقتها في إحداث تغيير ما في هذه المدينة.

تأخذ ميرا زوّار المدينة في جولتين مختلفتين. الأولى في قلب المدينة القديمة. والثانية في منطقة المعرض والميناء ومحطّة القطار. "أحب أن آخذ الناس إلى المناطق التي يخافون الذهاب إليها، أو إلى المناطق التي يستصعبون الوصول إليها"، تشرح ميرا، التي تحرص على أن يكون كل شيء منظماً في رحلتها، من تخصيص باص لنقل زوّارها من بيروت إلى طرابلس، ذهاباً وإياباً، إلى إعطائهم شرحاً مفصلاً عن المعالم التي يزورونها.

لا تشبه جولات ميرا الجولات السياحية الكلاسيكية أو التقليدية. فالجوّ يكون بعيداً من الوعظ والملل الذي يرافق سرد المعلومات، كالتي يسمعها زوّار المتاحف عبر جهاز وسمّاعات. "الجوّ يكون بعيداً من التكلّف، مرحاً يتخلله كثير من الضحك والمزح، من دون أن يؤثر ذلك على الانضباط والجديّة"، تقول ميرا قبل أن تضيف: "آخذ وقتي في التعرف إلى المشاركين، نشرب القهوة في مقهى أهواك قبل الانطلاق، حتى أنني كوّنت صداقات مع العديد من المشاركين". بالنسبة إليها، الجولات هي مناسبة للمشاركين للتعرف إلى بعضهم، خصوصاً أن الأجانب غالباً ما يكونون بحاجة إلى تكوين صداقات في بلد غريب.

في البدء، كانت تجذب جولات ميرا الأجانب فحسب، لكن الأمور اختلفت اليوم. "الناس لم يعودوا يخافون من طرابلس كما كان الأمر في السابق. ثم أن مشاركاً يخبر آخر ويشجّعه على المشاركة بدوره. حتى أصبح اللبنانيون مهتمين أكثر بالجولات في طرابلس".


كسر الحواجز
"معقول هيدي طرابلس؟"، "معقول هلقد المدينة القديمة غنيّة بالتاريخ؟"، "معقول هلقد المعرض أو المقاهي حلوة؟". يغلب عنصر المفاجأة على الانطباعات الأولى لدى المشاركين. فطرابلس التي في عقولهم هي غير طرابلس المدينة الحقيقية التي يتعرفون عليها من خلال ميرا وعيونها. "أحاول أن أعكس صورتي على المدينة وعن المدينة وأنقلها للزوّار"، تقول ميرا فرحة بالأصداء التي تسمعها في كل مرّة. تضيف: "يجب أن نعطي فرصة لطرابلس". أكثر ما يحبه المشاركون في جولاتها هي الحمّامات وجامع طينال. "آخذهم عند عكرا لتذوق الفول والفتّة، وعند الحلّاب للحلويات، ولا يخلو الأمر طبعاً من كعكة طرابلسية يشتريها المشاركون من الباعة الجوالين ويأكلونها على الواقف".

لا يخفى على أحد أنّ ميرا مولعة بطرابلس وبعملها مرشدة سياحية متخصصة بمدينتها، مسقط رأسها. تقوم بجولة واحدة في الأسبوع تكون في الأغلب يوم السبت، كما أنها تقوم بجولات خاصّة للأفراد في الأيام التي يختارونها. تقول ميرا إن بعض المشاركين يكررون التجربة مرّة بعد أخرى. "أصبح عندي فانز (معجبين)"، تقول ضاحكة قبل أن تشي بسرّ صغير: "خلقت ملفاً على الكومبيوتر أسميته اطراءات، أخبّئ فيه كل ردود الفعل التي تصلني عن جولاتي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها