الثلاثاء 2017/08/29

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

علي ناصرالدين يقود درّاجته.. من برلين إلى سجد

الثلاثاء 2017/08/29
increase حجم الخط decrease

في أقل من أسبوع حط الدكتور علي ناصرالدين رحاله في قريته سجد الجنوبية، آتياً من ألمانيا عبر دراجته النارية مجتازاً مسافة 4500 كلم، بهدف لفت انتباه المغترب اللبناني إلى أهمية العودة إلى الوطن مهما كانت الصعوبات. وبخلاف الزيارات التي كان يقوم بها إلى بلده، قرّر الدراج المتمرّس هذه المرة أن يكون الأول في خوض غمار هذه الرحلة الفريدة إلى لبنان والشرق الأوسط، وفق ما يقول لـ"المدن".

ناصرالدين، الذي سافر إلى ألمانيا في العام 1998 ويحمل الدكتوراه في البيوتكنولوجي، يتحدّث عن هوايته المفضلة، وهي قيادة الدراجة النارية التي "تعتبر في أوروبا رياضة وسياحة في آن". يضيف: "أوروبا معروفة برحلات السفر حول العالم عبر الدراجات النارية".

لكن، ما الذي دفع رحالتنا إلى المجيء إلى لبنان عبر دراجته النارية؟ يجيب: "في تموز 2017، شاركت في أحد المهرجانات التي تقام في ألمانيا لهواة السفر الذين يجولون العالم والمناطق النائية عبر الموتو، وتحدثوا عن تجاربهم ومغامراتهم. لكن، لم يتطّرق أحد منهم إلى أي رحلة إلى الشرق الأوسط أو لبنان. ما استفزني كثيراً، ودفعني إلى سؤال المشاركين عمّا إذا فكروا يوماً بزيارة لبنان بواسطة الموتو، وإذا بي أفاجأ بإجابات للبعض في عدم رغبتهم في التجوال في بلد صحراوي، بينما سألني آخرون أين يقع لبنان؟". أمام هذا الاستخفاف بوطنه، قرر ناصرالدين خوض التجربة، "لعلها تكون بداية مشجّعة لهواة هذه الرياضة".

متابعة للرحلة في ألمانيا عبر GPS
الفكرة البسيطة تبلورت لدى الرجل الأربعيني، وطوّرها حتى بلغت المرحلة التنفيذية. "شرعت في التحضير للرحلة في أوائل شهر آب. وكان يتابعني شخصان في ألمانيا عبر GPS، إذ كنا نتواصل عبر الخرائط باستمرار ليتمكنا من معرفة مكان وجودي، في كل مرحلة من الطريق".

كان ناصرالدين يتمنى أن يسلك طريق البر عبر سوريا، إلا أن الوضع الحالي فيها لا يسمح بذلك. لهذا، اضطرّ إلى أن يسلك طريقاً مغايرة. ففي 15 آب 2017، انطلق بدراجته من برلين وتوجه جنوب شرق، قاطعاً مدينة دريسدين في ألمانيا والحدود التشيكية. ثم عَبَر بمحاذاة العاصمة التشيكية براغ، وتوجه جنوباً في اتجاه سلوفاكيا في مرحلة قصيرة قبل انتقاله إلى الحدود المجرية التي سلكها متخطياً العاصمة المجرية بودابست ليسير فوق جسور قادته فوق نهر الدانوب، حتى الحدود الصربية.

بعد ذلك، دخل ناصرالدين بدراجته بلغاريا التي تغيرّت فيها طبيعة الطرق "وللقيادة فيها لذّة، لكن تحتاج إلى كثير من الانتباه كونها وعرة". ومن بلغاريا "دخلت الأراضي التركية وتابعت مسيرتي في اتجاه مدينة اسطنبول، التي غيّرت فيها مساري بسبب زحمة السير الخانقة واتجهت بمحاذاة البحر الأسود، وصولاً إلى الخط الفاصل باتجاه أنقرة".

ويروي: "عندما بلغت مرتفع أنقرة بدأت أنحرف جنوباً عبر أنقرة التي أعجبني تنظيمها المدني، إلى أن بلغت مدينة مرسين، وكانت الرحلة في يومها الخامس. هناك انتظرت يومين ريثما تأمنت باخرة شحن استقللتها إلى مرفأ طرابلس في لبنان، وقد استغرقت رحلتي البحرية 15 ساعة، ووصلت إلى طرابلس عند الثانية فجر 23 آب". ثم توجه بدراجته إلى بيروت وأخذ قسطاً من الراحة عند صديق له. وبعد ساعتين اتجه جنوباً ليحط رحاله في قريته الجنوبية سجد.

"مغامرة وليست مخاطرة"
ماذا لو تعرضتم لأي حادث مفاجئ خلال الرحلة؟ هل الدراج مؤمّن لوجستياً؟ يجيب ناصرالدين: "في ألمانيا يوجد نادي السيارات الألماني، وأنا عضو فيه، ولدى النادي انتشار على مستوى العالم حتى في لبنان. وإذا تعرضت لحادث ما أو طرأ عطل تقني في الموتو، يمكنني التواصل مع مسؤولين فيه من طريق قاعدة بيانات لديهم يمكنهم بواسطتها توفير المساعدة المطلوبة لي". ويشير إلى وجود مكتب في وزارة الخارجية الألمانية يتابع المواطنين الألمان في مسار رحلاتهم من خلال تزويدهم بإرشادات وأرقام هاتفية عند أي طارئ. "ما جعلني أرتاح وأطمئن إلى خوض هذه الرحلة التي أصفها بالمغامرة لا المخاطرة".

يؤكد ناصر الدين أنه قطع مسافة طويلة من برلين إلى تركيا من دون أن يشعر بتوتر، لكن حين انطلق من طرابلس نحو سجد "انتابني شعور بالتوتر والخوف بفعل القيادة العشوائية التي يمارسها المواطنون في بلدنا، واستهزاءهم بارتدائي الخوذة والقفازات والثياب الضرورية لسلامتي بخلاف ما يحصل في أوروبا من احترام لقوانين السير". وتعليقاً على هذه المسألة، يقول: "غالباً ما أحظى بدعم وتشجيع من عائلتي الصغيرة في برلين، بعكس أهلي وأصدقائي في سجد، الذين يخالفونني الرأي في العودة إلى برلين بالطريقة نفسها التي جئت فيها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها