الجمعة 2017/08/25

آخر تحديث: 02:18 (بيروت)

فرقة A.C: نحن هنا لاهانة الجميع!

الجمعة 2017/08/25
فرقة A.C: نحن هنا لاهانة الجميع!
إشتهرت أغاني الفرقة بحملها كثيراً من المعاني العنصرية والذكورية
increase حجم الخط decrease
في العام 1988، تأسّست فرقة Grindcore أميركية كشكل من أشكال النكتة التي كان يفترض أن تستمرّ لفترة أسبوعين فقط. إلا أن هذين الأسبوعين تحوّلا إلى عقدين، وأصبحت النكتة "سمجة"، تماماً كما أراد أصحابها، وتحمل هدفاً واحداً: الاهانة. ابتداءً من إسم الفرقة Anal Cunt، التي يمكن ترجمتها بـ"مهبل"، مروراً بتلقيب أعضائها أنفسهم بـ"حماة الكراهية"، وانتهاءً بكلمات أغانيها التي تفيض بالشتائم والكراهية. فعلت A.C كلّ ما بوسعها لتقول "نحن هنا لاهانة الجميع".

في بداية مسيرتها، اقتصر إنتاج الفرقة على قطع موسيقية مرتجلة وقصيرة (مدتها دقيقة أو اثنتان)، وهي أقرب إلى الضجيج منها إلى الموسيقى. وقد كانت الرؤية الأولية لـA.C أنها فرقة تنتج نوعاً من "الموسيقى المضادّة" (anti-music)، من دون إيقاع أو لوازم موسيقية أو كلمات أو عناوين. لكن، رغم انحراف الفرقة عن هذا التوجه مع تغيير نمطها الموسيقي وتضمينه بعض ملامح الأغنية "الطبيعية" كاللوازم والكلمات، لم يتوقف العبث الذي أفصحت عنه أعمال الفرقة الأولى، بل يمكن القول إن A.C انتقلت بعبثها إلى مرحلةٍ لم يجرؤ أحد على وصولها، قبل A.C أو بعدها.

تتجسّد هذه العبثة بكلمات الأغاني التي يصفها كثيرون بـ"الغبية"، والتي لا هدف لها سوى الاساءة إلى أيٍ كان، ومن دون أي هدف. اشتهرت أغاني الفرقة بحملها كثيراً من المعاني العنصرية والذكورية، بالإضافة إلى العنف غير المبرّر "كقتل جنين في رحم أمّه". أما نمط الغناء فهو عبارة عن صراخ غير مفهوم. ويتكرّر محوران أساسيان في عددٍ من عناوين أغانيها، أوّلهما "المثلية الجنسية"، تحديداً كلمة "Gay"، التي تستخدمها الفرقة للسخرية من أي شيء. وتأتي هذه العناوين على شكل "التدوير أمر مثلي"، "الاكتراث بأي شيء أمر مثلي"، وانتهت أخيراً بوصف جمهورها بأنهم مثليون. واللائحة تطول.

أما المحور الثاني فهو هتلر. تطلق الفرقة الاهانات على الجميع باستثناء هتلر، الذي تعتبره "رجلاً حساساً"، وفق عنوان إحدى أغانيها. فيما يشير عنوان آخر إلى أن الفرقة "عادت في الزمن إلى الوراء وانتخبت هتلر". ببساطة، تعلن الفرقة عن عدم اكتراثها بأي من الحساسيات المجتمعية، وتصل عنصرية أعمالها إلى ذروتها في أغنية Ha Ha Holocaust. ومع تركيز الفرقة على استهداف الفئات الأكثر تهميشاً كالسود، والنساء، والأطفال، والمثليين، لا تستثني A.C أحداً من كراهيتها، وتعلن في أغنية أنه "يجب أن يقتل الجميع".

ومن هؤلاء، لا يستثنى أعضاء A.C أنفسهم من السخرية، وهي سخرية تلامس حدّ العدمية. وتتجسّد هذه العدمية في حياة Seth Putman الذي أسّس الفرقة كـ"نكتة"، ولا يعرف لماذا استمرّت لسنوات طويلة، وفق قوله في إحدى المقابلات. وفي العام 2004، أقدم بوتمان على الانتحار، لكنه نجا بعدما قضى أشهراً في الغيبوبة، ثمّ سنة وهو يعيد تعلّم المشي والتكلّم. ولدى سؤال بوتمان عما إذا كانت تجربة الموت الوشيك قد غيّرت شيئاً فيه، أجاب: "أوّل ما فعلته عند استيقاظي كان طلب الكحول. وما إن خرجت من المستشفى حتى عدت إلى عاداتي السابقة في تعاطي المخدرات والكحول". أي بعبارةٍ أخرى: "نعم، لقد أوشكت على الموت، وعدت إلى عاداتي التدميرية السابقة".

وقبل دخول بوتمان المستشفى كان قد كتب أغنية بعنوان "أنت في كوما"، وهي أغنية يسخر فيها من الأشخاص الغائبين عن الوعي ويصفهم بالخضار. وقد تسنى له، بعد استيقاظه من الكوما، تأدية هذه الأغنية في حفلٍ. وقد سخر من نفسه ومن كلّ ما عاناه قبل بضعة أشهر، عبر تأدية الأغنية فوق كرسي متحرّك لعدم قدرته على الوقوف. وهزأ بنفسه عبر السخرية من جمهوره بالقول: "جمهورنا يتألّف من حمقى فاشلين، عاطلين عن العمل ومدمنين على الكحول".

لكن، رغم إنعدام قيمتها الموسيقية، الشعرية والأخلاقية، ورغم إثارتها نفور معظم أطياف المجتمع الأميركي، استمرّت A.C في جذب الاهتمام. وقد يعود بعض هذا الاهتمام إلى الغموض الذي يحيط بهوية الفرقة وهدفها. فهل كانت كلّ هذا الوقت مجرّد نكتة سمجة؟ أم أن فيها شيئاً من الحقيقية. بمعنى أوضح: هنا فعلاً من يريد الموت للجميع، أو كرههم فحسب؟ في أي حال، لقد انزلقت هذه النكتة في مسارٍ سيئ جداً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها