الأربعاء 2017/08/23

آخر تحديث: 02:50 (بيروت)

الجرس والجرن والمحدلة والمخل.. ألعاب تراثية تعود

الأربعاء 2017/08/23
الجرس والجرن والمحدلة والمخل.. ألعاب تراثية تعود
بلدة العباسية على موعد مع بطولة النخبة والجنوب (فادي أبو غليوم)
increase حجم الخط decrease

مع تغيّر الحياة، في القرى والمدن، نسي كثيرون التراث، وبقيت قلة "تحمله في القلب"، كحال شباب جمعية "غولدن بدي الرياضي"، الذين يُمارسون رياضة الألعاب التراثية، محققين بطولات تلو الأخرى، وهمهم تحقيق انتصارات عالمية بعدما وصلت هذه الرياضة التراثية اللبنانية إلى العديد من نوادي الدول العربية.

في مقر الاتحاد اللبناني والعربي للرياضات التقليدية الشعبية وجمعية غولدن بدي، في منطقة الدكوانة، حاورت "المدن" رئيسهما مارون خليل خليل الذي "يعشق تراث الأجداد وعادات قرانا التي نتوق إليها باستمرار". فشغل خليل الشاغل منذ 24 عاماً هو إعادة احياء الرياضات التقليدية الشعبية، منطلقاً من شعار: "إذا ضاع تراث الأُمّة وماضيها ضاع حاضرها ومستقبلها".

شغف خليل منذ صغره بالألعاب الرياضية التراثية، وقد عرف أهميّة تربيع الجرس، رفع الجرن، المحدلة، المخل وشد الحبل في قريته الشوفية بريح قبل أن يتهجّر منها خلال الحرب اللبنانية. وبقي حلم الطفولة حتى عمر الثانية عشرة يراوده في سنوات نزوحه إلى العاصمة بيروت. ومن أجل ألا تنقرض هذه الألعاب التراثية، راح يبحث في القرى والبلدات اللبنانية عن شبان أقوياء ذوي زنود وقامات قويّة ليختار منهم عناصر يؤسس معهم في العام 1994 نادٍ رياضي تراثي فريد من نوعه في لبنان والعالم العربي.

هدف خليل هو "الوصول إلى ثلث الشعب اللبناني على الأقل لتشجيعه على ممارسة الرياضات التقليدية". وقد اقترب جداً من هذه النسبة بعدما كان لناديه جولات مكثّفة في قرى وبلدات لبنانية "عرّفناهم فيها إلى هذه الألعاب المميّزة، وباتت مجموعة كبيرة من النوادي المرخّصة تشاركنا في المهرجانات والبطولات المتنوعة التي تقام على مساحة الوطن".

حدد خليل أنواع هذه الرياضات التراثية بأربع، هي:

الجرس: مصنوع من النحاس المصهور مع الفضة. كان ومازال يستعمل في الكنائس ويراوح وزنه بين 200 و800 كلغ، ويحتاج إلى زنود قويّة جداً لتربيعه.

الجرن: صخر أبيض كان يستعمل قديماً لتحضير الكبة النيّة البلدية، ويصل وزنه إلى أكثر من 80 كلغ.

المحدلة: حجر اسطواني الشكل، مثقوب من الطرفين تدخل فيه زاوية قوس حديدي، قد يتجاوز وزنها 100 كلغ. وكانت تستعمل قديماً لحدل أسطح البيوت الترابية في الشتاء.

المخل: عبارة عن "أكس" مستدير محدّد من الاتجاهين على شكل أسفين وكان يستعمل قديماً في اقتلاع الصخور الكبيرة من الأرض.

ويتحدّث خليل عن شروط معيّنة يجب أن تتوفّر في اللاعبين، قائلاً: "صحيح أنهم في غالبيتهم أبناء قرى ويتمتعون ببنية قوية وخبرة عالية في هذه الرياضات، إلا أن الخضوع للشروط أمر ضروري. فالقواعد والمعايير منظمة في هذه الألعاب ضمن قانون يُسمى قانون مباراة دق الجرس، رفع الجرن، المحدلة والمخل".

أما المدربون والحكام، "فهم من أبطال هذه الألعاب، يُشاركون في المباريات، إضافة إلى حكام مميزين من الجيش، الدرك، الأمن العام والمدنيين".

المدخول صفر.. لكن الإرادة قوية
هل ثمة تعاون أو دعم من وزارة الشباب والرياضة؟ يجيب خليل أن الوزارة تعطي تراخيص لكل هذه الأندية التراثية، "وهي تسهم معنا للسنة الرابعة في إقامة مخيم لمدة أسبوع يشارك فيه نحو 100 شخص ويضم عناصر من الجيش، قوى الأمن، الأمن العام والمدنيين، ويُختتم المخيم بمهرجان رياضي".

يستقطب حرم "غولدن بدي" الراغبين من كل فئات المجتمع ومختلف الأعمار في ممارسة الألعاب التراثية مجاناً. ويكشف خليل أنه في صدد تجهيز المقر الأساسي للاتحاد اللبناني والعربي وجمعية بريح للتراث في قريته خلال بضعة أشهر، وقد عاد إليها قبل ثلاث سنوات.

كيف يستطيع هذا العمل أن يستمر بلا تمويل رسمي؟ بشفافية مطلقة يقول خليل إن "مدخول الاتحاد صفر بغياب الدعم المادي. مع ذلك، إرادتنا قوية وإصرارنا على الاستمرار أقوى. والفضل في نجاحنا يعود إلى شراكتنا الطويلة مع قيادة الجيش ومواظبة المدرّبين والحكام من أبطال الجيش، الأمن العام وقوى الأمن الداخلي على الاهتمام بفئات المجتمع وخدمتها"، موضحاً أن ثمة مجموعة من هذه العناصر "ترافقنا بجولاتنا إلى المدارس والجامعات كما في سفراتنا خارج البلد لنشر تراثنا وتشجيع المغتربين على احياء هذه الرياضات الجميلة".

صيف 2017
ماذا عن بطولات هذه السنة والمهرجانات؟ يجيب: "في 26 آب، ستكون بلدة العباسية الجنوبية على موعد مع بطولة النخبة والجنوب، التي يتنافس فيها شباب لبنان. تليها بطولة أخرى في 27 آب في شحتول- كسروان، ويتبارى فيها أبناء كسروان والمناطق المجاورة. وفي 8 و10 أيلول المقبل 2017 سيُقام مهرجان ضخم في الدكوانة تحت شعار: لبنان وطن التراث والرياضات التقليدية الشعبية لعام 2017. وفي 9 أيلول "نلتقي في بريح حول بطولة لبنان بدق الجرس. يُشارك في هذا المهرجان إلى جانب لبنان 8 دول عربية، هي: سوريا، فلسطين، الجزائر، المغرب، ليبيا، تونس، السعودية وموريتانيا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها