الجمعة 2017/07/14

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

يا الله.. ماذا يريد الطفل النكدي؟

الجمعة 2017/07/14
يا الله.. ماذا يريد الطفل النكدي؟
"لا أجد ما أفعله".. "أشعر بالملل" (Getty)
increase حجم الخط decrease

"لا أجد ما أفعله"، "أشعر بالملل". هاتان العبارتان وغيرهما، يشترك الأطفال في تردادها على مسمع أهلهم، الذين يعيشون تارةً حالة غضب من تأفف أطفالهم ومتطلباتهم التي لا تنتهي، وطوراً يشعرون بـ"عقدة ذنب"، لفشل مساعيهم في تأمين الترفيه الذي يُشعر أولادهم بالتسليّة والسعادة الكافيين.

ينتهي العام الدراسي، ويطوي معه الأطفال آخر صفحات التململ من الدراسة والتقيّد بالنظام والاستيقاظ باكراً. تبدأ أحلامهم بالاتساع، نحو صيفٍ ممتعٍ وصاخبٍ مليء باللعب والاستجمام وتعويض ما فاتهم في الشتاء. لكن، غالباً ما يشعر الأطفال بالخيبة، ويبقى "الضجر" رفيق يومياتهم. ورغم برنامجهم الحاشد بالأنشطة الصيفيّة التي اشتركوا فيها، بين السباحة والرقص والرياضة والموسيقى، ثمّة حالة من "الملل" لا تفارق الأطفال، وأحياناً، حتّى أثناء ممارستهم الأنشطة التي اختاروها بأنفسهم.

توعز الجدّات ضجر أحفادهن إلى الإفراط في الدلع، وتجدن في شكوى أهلهم فرصةً بريئة للتمايز والتفوّق عليهم. فترددن عبارات مشابهة: "جيل آخر زمن، ماهيك ربيناكم، لما كنتوا صغار تتسلون بأيّ شي".

هذا الشعور، يُفضي بالأهل إلى العيش في صراعٍ بين رغبات أبنائهم غير الواضحة، وإمكانيّة إيجاد حلولٍ واقتراحاتٍ لمواجهة الملل، الذي هو في الواقع، رديف ما نسميه بـ"الفراغ" أو "الوقت الضائع"، الذي تأخذ مساحته بالاتساع في العطلة الصيفيّة.

والحال أن عجز الأهل، في بعض الأحيان، عن تأمين حلول للملل وبدائل من الوقت الضائع، هو نتيجة مشاركتهم أطفالهم، شعورياً أو لا شعورياً، بأزمة الضجر. ففي عالمٍ أصبحت تحكمه السرعة وفقدان الأشياء لقيمتها ومعناها، يشعر الصغار كما الكبار، بالبطؤ والعجز عن اللحاق به، فيجدون أنفسهم سجناء في دائرة تتم فيها برمجة وقتهم بصورةٍ مقررة مسبقاً، من دون الأخذ برأيهم. كذلك المحفزات والدوافع من محيطهم، لا تفعل فعلها لأنهم يشعرون بإملائها عليهم خارجيّاً بدل أن تكون نابعة من صلب أحلامهم الطفوليّة، فتفقد في نظرهم معناها.

وفي الأغلب، يأتي اجهاد الأهل لأنفسهم في البحث عن حلولٍ للضجر، من دون أن يثمر نتائج مرضيّة وإيجابيّة. فكما أنّ تجربتهم في تأمين وسائل الترفيه الصيفيّة، لم تحرر الطفل من شعوره الذي يقول من خلاله: "أنا لا أعمل"، سيؤدي أيّ اقتراحٍ خارج آماله الغامضة، إلى مزيدٍ من الملل والضجر، مقابل حاجته إلى الخروج بشيءٍ خاص وجميل، قد يكون بسيطاً، لكنه يبرز شخصيته وأحلامه.

أما حين تنسدّ سُبل التسلية، فهذا يعني ربما أننا نحتاج إلى ابتكارات خاصة، تُعنى بما تطلق عليه جلسات النميمة: شخصية "الطفل النكدي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها