الأربعاء 2017/06/07

آخر تحديث: 04:14 (بيروت)

بعلبك: تذكارات حزب الله سلع سياحية وشهادة مغامرة

الأربعاء 2017/06/07
بعلبك: تذكارات حزب الله سلع سياحية وشهادة مغامرة
تبدلت هوية زبائن هذه الستر مع تبدل الظروف السياسية (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

"إذا كنت مهتماً برؤية المعابد الرومانية الأثرية، اذهب إلى بعلبك. قد تضطر إلى مكافحة باعة ستر حزب الله هناك، لكن الأمر يستحق. فالموقع مهيب بحجمه، حُفظ بشكل جيد، ولا سياح...". تكاد هذه الجملة التي كتبها سائح بريطاني على صفحته في فايسبوك تختزل ما سيواجهه العدد القليل من السياح الذين يزورون بعلبك في هذه الأيام، من تنافس باعة ستر حزب الله لـ"الصاقهم" بواحدة على الأقل، أو قبعة أو حتى وشاح من تلك الصفراء التي تحتل النظر عند باعة التذكارات.

هي ليست تجارة جديدة على مدخل معابد بعلبك، بل تروي جهاد بيسان أنها وشقيقها كانا أول من فكر بطبع كميات منها عندما حرر جنوب لبنان، بعدما أحضرا عينة لاقت اقبالاً حينها، لتتحول إلى سلعة أثارت اهتمام السياح، "عندما كانت القلعة تستقطب الزوار الغربيين والعرب بشكل غير منقطع".

مع تزايد الطلب تفنن التجار في تنويع أشكالها. فطبعت منها الأزرار والشارات وتأمنت السترات والقبعات بأحجام مختلفة للكبار والصغار. حتى أن أحمد خطاب جرب ترجمة ما تحمله من شعار "المقاومة الإسلامية في لبنان" إلى اللغة الانكليزية، في محاولة منه، كما يقول، لـ"تقريب مفهوم حزب المقاومة إلى عقول الأجانب". إلا أنها لم تلقَ اقبالاً كافياً، إذ اكتشف أن "الأوروبيين والأميركيين يفضلونها باللغة العربية واللون الأصفر الذي يميز حزب الله".

بالنسبة إلى الباعة فإن "السائح يقدر فعل التحرير الذي تحقق بقوة المقاومة في جنوب لبنان"، وينظر إلى السيد حسن نصرالله كأيقونة تشبه غيفارا. لكن للسياح الغربيين شرحاً آخر، ويقول أحدهم إن "السترة أو القبعة أو الوشاح، دليل ملموس يحملونه من زيارتهم إلى مكان تصنفه دولهم خطراً وتحذر رعاياها من زيارته". بالتالي، حتى لو أحرجوا لشرائها في معظم الأحيان، فإنها كما زيارة بعلبك تتحول إلى مغامرة من تلك التي يبحث عنها السائح عادة، ويحمل منها كثيراً من المشاهدات والحكايات، بدلاً من المعادن المزورة وغيرها من التذكارات التي يهزأون منها لكونها صينية الصنع.

تبدلت هوية زبائن هذه الستر مع تبدل الظروف السياسية وأهوائها في لبنان والعالم. وفي الراهن، صار معظمهم من السياح الروس، أو بعض الزوار المغتربين الذين يحملونها هدايا إلى أصدقائهم "الشيعة" عند عودتهم إلى بلدان اغترابهم، بعدما استقطبت الزبائن "العونيين" اثر توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ليتراجع عدد هؤلاء مع بدء أحداث سوريا.

مع تراجع السياحة عموماً في لبنان، دفعت بعلبك الثمن الأغلى لإنخراط مجتمع حزب الله في الحرب الدائرة في سوريا، بالإضافة إلى تكرار الأحداث الأمنية في المدينة، وصارت نسبة مبيع هذه الستر، كما تقول جهاد، لا تتعدى 5%. عليه، صار البعض ينظر إلى وجود ستر حزب الله وقبعاته في محيط قلعة بعلبك الأثرية كجزء من "الهيمنة الحزبية" على صورة مدينة الشمس، التي تظهر معالم تنافس الثنائي الشيعي على هويتها بدءاً من مدخل المدينة حتى آخر نقطة من مرجة رأس العين.

لكن، بالنسبة إلى الدكتور محسن الجوهري، أحد ورثة استراحة قديمة على مدخل القلعة، فإن "اتهام هذه الستر بخلفيات سياسية مسألة غير دقيقة". ويؤكد أن "لا يد لحزب الله في بيع هذه الستر، وإنما وجد فيها الباعة تجارة كغيرها من محاولات الاسترزاق في محيط قلعة بعلبك". وهو يرى أن "تلبية رغبات السائح هي الأولوية، بما يخدم تنوع المشهد السياحي في محيط القلعة، الذي يتضمن حتى بيع المشروبات الروحية لمن يرغب بها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها