الأربعاء 2017/06/28

آخر تحديث: 00:41 (بيروت)

ديزني تتلاعب بنا

الأربعاء 2017/06/28
ديزني تتلاعب بنا
موت الأبطال الذين نحبّهم لم يكن خياراً
increase حجم الخط decrease

التأثر بأفلام الكارتون، خصوصاً أفلام ديزني، لم يكن عابراً في حياتنا. فالنهايات السعيدة، وقصص الحب والصداقة وما ينتج عنها من تضحيات وصراعات تنتهي بهزيمة الشر وانتصار الحب، أمور اعتدنا عليها في الأفلام المتحركة التي تنتجها هذه الشركة، في تجميلها الواقع وترويجها السعادة الأبدية. كأنها النمط الطبيعي. لكن، ماذا لو التزمت هذه الأفلام بالوقائع المذكورة في القصص التي اقتبست منها؟

لطالما كان فيلم الحورية الصغيرة The Little Mermaid المفضّل لدى كثيرين، لما فيه من تمرّد وحشرية لاكتشاف "الغريب". كما أن لصوت آرييل وأغانيها الفضل في انطباع هذا الفيلم في أذهاننا. إلا أن هذا الفيلم يعد من أقوى الأمثلة التي تبرهن تلاعب ديزني بالقصص والقيم. إذ تبيّن أن القصص الأصلية كانت أشدّ ظلماً ولم تروّج لانتصار الخير كما تفعل أفلام ديزني المتحّركة.

تعود أحداث فيلم The Little Mermaid المتحرك إلى قصّة كتبها Hans Christian Andersen، في العام 1837، عن الحورية آرييل التي تدفعها حشريتها في التعرّف إلى عالم البشر إلى الصعود إلى سطح البحر. فتغرم بأمير بعدما أنقذته فور احتراق سفينته. عند انقاذه، غنت آرييل للأمير بصوتها الذي ورثته عن أمها، فاستيقظ على غنائها، وعادت هي إلى قاع البحر مغرمة به.

يتفق الفيلم والقصة على هذه المقدمّة. إلا أن ديزني تدخل في صلب الموضوع لتغير بعض التفاصيل التي من شأنها أن تغيّر النهاية. فتكمل الفيلم في السياق التالي: رغم كره والدها الملك للبشر وخوفه على مملكته البحرية من شرّهم، تتمرّد آرييل وتذهب إلى ساحرة البحر التي تعدها بمنحها قدمين مقابل أخذ صوتها. ولكي تبقى آرييل على قيد الحياة، لا بد أن تقبّل الأمير في مهلة أقصاها 3 أيام، وإلا ستصبح أسيرة الساحرة إلى الأبد. تقبل آرييل بهذا العرض وتصعد إلى سطح البحر بقدمين بشريتين. تتقرّب من الأمير وعند اقتراب لحظة القبلة، تقوم الساحرة بالتنكر بشكل يشبه آرييل وصوتها، لكي تخسر آرييل الشرط. لكن هذه الأخيرة تفضح الساحرة. وبعد أحداث كثيرة ينتهي الفيلم بزواج آرييل من الأمير وانتصار حبهما.

إلا أن قصة Andersen تعرض لنا تفاصيل أكثر واقعية. فشروط الحصول على القدمين كانت قاسية. إذ إنه، ومع كل خطوة تخطوها آرييل ستشعر بألم شديد يشبه الألم الناتج من المشي على سكّين. ما يجعل قدميها تنزفان بشكل متقطع. كما أن الشرط الأساسي لكي تبقى آرييل على قيد الحياة هو زواج الأمير منها. أما إذا لم يفعل، فعليها قتله لتتحوّل إلى حورية بحر من جديد. وإن لم تفعل، فمصيرها الموت. حب آرييل للأمير دفعها إلى تحمّل هذه الشروط والتخلي عن صوتها. إلا أن الأمير كان يبحث في هذه الأثناء عن الفتاة الجميلة التي استيقظ على صوتها. فأقنعته أميرة من المملكة المجاورة أنها هي من قامت بانقاذه، فتزوّجها ولم يتزوّج آرييل. ما أدى إلى موتها.

هذه النهاية لم تتبناها ديزني. فموت الأبطال الذين نحبّهم لم يكن خياراً. كما أن التضحيات التي يقوم بها هؤلاء لا بد أن تأتيهم بانتصار في النهاية.

هذا الفيلم ليس الأول ولا الأخير. إذ اتبعت ديزني هذه السياسة في معظم أفلامها. لكن، ماذا لو لم تتلاعب ديزني بهذه الأفكار؟ ماذا لو روّجت للانكسارات والهزائم وموت الأبطال وعدم انتصار الحب؟ ماذا لو ترعرعنا على حقيقة موت آرييل. حقيقة اغتصاب الأميرة النائمة وزواجها من المغتصب. حقيقة الحكم على زوجة أب بياض الثلج بالرقص حتى الموت منتعلة في قدميها قالب حديد ساخن؟

الأكيد أن للأهل دور حاسم في هذا الموضوع. فلا بد من مشاهدة الأفلام مع الأطفال والتدخل عند اللزوم لشرح بعض التفاصيل، التي تحول دون وقوعهم في دوامات لا نهاية لها. ما يكفل بتوعية الأطفال على تقبّل الهزيمة أحياناً، واستثمارها للانتصار لاحقاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها