الثلاثاء 2017/06/13

آخر تحديث: 03:34 (بيروت)

زوروا نهر العاصي هذا الصيف

الثلاثاء 2017/06/13
زوروا نهر العاصي هذا الصيف
دخول الرافتينغ في بداية العقد الماضي قلب النهر من أوله إلى آخره (فداء الساحلي)
increase حجم الخط decrease
في مساء كل أحد من الصيف، يمكن أن ترى خطاً مشعاً من الأضواء، يخرج من وادي العاصي نحو الهرمل. يتكون هذا الخط من أضواء آلاف السيارات التي تغادر النهر، ويمتد في العادة من شلالات الدردارة إلى الشواغير، قبل أن يصل إلى الهرمل.

تخرج السيارات من عشرات الخطوط الفرعية، آتيةً من مقاهٍ شعبية، مطاعم وأندية رافتينغ. قبل الحرب السورية كان الخط أكبر، والعاصي في عزه. كما كان بامكانك أن ترى بين المغادرين سياحاً أجانب، اختفوا منذ أن وضعت الهرمل على رأس قائمة المناطق المحظورة، والأكثر خطراً في السفارات الأجنبية.

إلا أن هذا العام يبدو أفضل، مع عودة الزوار نسبياً من بيروت والمناطق اللبنانية. الصواريخ لم تعد تتساقط بعد سيطرة حزب الله على القصير، والتفجيرات توقفت منذ تفجيرات القاع. لكن أصحاب المطاعم وأندية الرافتينغ لايزالون خائفين من حدوث شيء ما، يبعد الغرباء الذين يعولون عليهم عادة أكثر من سكان البلدة، التي تنحصر حركتهم ضمن المقاهي الشعبية.


فمن المعروف أن النسبة الأكبر من السكان لا تتناول الطعام في المطاعم. فالنهر لهم أيضاً، يضعون صوره في بيوتهم، ويعتبرونه فخراً لمنطقتهم. كل ما عليهم فعله هو استئجار كراسٍ وطاولات في أي مقهى بأسعار رخيصة. العاصي بالنسبة إليهم، ولسكان البقاع الشمالي عموماً، لا يمكن أن يبتعد عن صبغته الشعبية التي لم تتغير منذ عقود، ولم يستطع دخول الرافتينغ التأثير عليها.

رغم أن هذا الدخول، الذي جاء في بداية العقد الماضي، والذي أعطى النهر نوعاً من العصرية والبريق، قلب النهر من أوله إلى آخره. ثم دفع بالعاصي سريعاً إلى البروز كموقع سياحي معترف به، بين المواقع السياحية اللبنانية. هذا الاعتراف فتح الباب أمام تواصل أكبر اليوم مع المكاتب السياحية في بيروت والمناطق، وأدخل أندية الرافتينغ التي صار عددها 10، ضمن الشبكة السياحية الداخلية والخارجية، وفتح الباب أمام مقارنة العاصي مع مناطق أخرى، واستفادة العاملين على النهر من أساليب الجذب التي تعتمدها تلك المناطق.


فالنهر يعتمد اليوم على الزبائن الذين جاءوا بفضل هذه الشبكة السياحية، وستعاود نسبة منهم المجيء مع غيرهم هذا العام. ويعتمد العاصي على زبائن العروضات التي يروج لها الأفراد والمؤسسات الذين يعملون في المجال على مواقع الإنترنت وفايسبوك، والتي تضم عادة غداء من سمك النهر ورافتينغ بأقل من 40 دولاراً، وأحياناً تخييم لليلة واحدة أو أكثر، خصوصاً أن لا استثمارات إلى اليوم لبناء فنادق وشاليهات تكون بديلاً من التخييم، ولا يوجد سوى عدد صغير من الفنادق لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.

لكن، في حال حصول حدث أمني، لا يعني توقف الزمن كلياً على العاصي. فسكان الهرمل كثيرون، يصل عددهم في القضاء إلى أكثر من 100 ألف نسمة، وهم يتزوجون من فترة إلى أخرى في مطاعم النهر، ويرتادونه في الأعياد والمناسبات. وتعتبر حفلات الأعراس على النهر مكاناً مثالياً لأبناء العشائر وأحياناً أبناء عائلات الهرمل، لاستعراض ما يملكون، ويمكن أن تعوض حفلة عرس باذخة على النهر، بعض خسائر الموسم.


إلا أن هذا الاستعراض، الذي يصبح غالباً استعراضاً للعضلات والقوة والسلاح، يمكن أن يصبح بسرعة سبباً للمشاكل، خصوصاً أن وادي العاصي صغير الحجم، وضفافه محدودة عند المقاهي، تحشر الأهالي في مكان ضيق. ما يسرع ظهور التناقضات في ما بينهم. فانتهاء عرس في العاصي بمشكل فردي أو عائلي، ليس مستغرباً. يحصل كثيراً، أكثر مما يجب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها