الجمعة 2017/05/05

آخر تحديث: 08:35 (بيروت)

الخيانة والبحث عن مراهقة ضائعة

الجمعة 2017/05/05
الخيانة والبحث عن مراهقة ضائعة
المبادرة في الخيانة لا تكون من المرأة غالباً (مشهد من فيلم كارول)
increase حجم الخط decrease
أول منشور رأيته في حياتي، لم يكن من تلك التي رماها الإسرائيليون على الهرمل في حرب تموز 2006، أو من المنشورات السياسية التي تداولها بعض الناشطين في وجه حكم المخابرات السورية في البلدة. بل كان منشوراً أخلاقياً، وجدته من طريق الصدفة، مخبأ داخل أحد الكتب القديمة في مكتبة أهلي.

يحذر المنشور أهالي الهرمل من الرذيلة التي بدأت تتفشى في البلدة، بعد انتشار قصة امرأة متزوجة مع عشيقها المتزوج أيضاً. قيل يومها إن مصدر المنشور هو حزب الله، الذي حاول لعب دور الضابط الأخلاقي، بعد حصول حادث لا يسهم بنشر الرذيلة فحسب، وفق ما أورد في منشوره، بل بتخريب مؤسسة الزواج التي تقوم عليها البيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها عدد كبير من المنتمين إليه.

بعد سنوات من تلك الحادثة، اعترف أحد شباب البلدة بأنه أقام علاقات مع نساء متزوجات يكبرنه بعقود، خلال برنامج تلفزيوني عرض على قناة محلية. قامت الدنيا ولم تقعد على الشاب، والخطأ الذي اقترفه أنه، كما مرتكبي الخيانة، أعلن عدم اعترافه بمؤسسة الزواج التي تقوم في حالات كثيرة، على عقود غير أخلاقية، تجبر الفتاة على الزواج المبكر أو على الزوج من شخص اختاره الأهل.

ولكي لا يمر كلام الشاب هكذا، كأنه عادي نقوله كل يوم، شنت حملة عليه، أدت إلى خروجه من البلدة التي لم تحتمل كلاماً لم يشكل حتماً، أي تأثير فعلي، طالما أن الشاب لا يملك شعبية كبيرة في البلدة.

هذه الحوادث، التي تظهر رد الفعل على أي حادثة تتعلق بخيانة امرأة متزوجة (وليس خيانة رجل متزوج)، تعود وتتكرر كل فترة في لبنان، وآخرها كانت "فضيحة الممثلة نادين الراسي مع رجل متزوج"، كما عنونت مواقع لبنانية، وقبلها بأشهر، ضجت زحلة بمقاطع فيديو إباحية، تظهر فيها امرأة متزوجة أيضاً مع صديقها، أدت إلى تدخل القوى الأمنية.

هكذا، يسهم هذا التعامل الفضائحي مع الخيانة في إبقائها تابو، خارج النقاش الفعلي، رغم أن أسبابها يمكن معالجتها، في حال أراد ضباط الأخلاق معالجة ما يثير ارتيابهم وخوفهم لهذه الدرجة.

طبعاً، أن يخون رجل زوجته، أو العكس، هو أمر غير طبيعي، طالما أنه من المفترض أن يقوم الزواج على الحب، الذي يعتبر وحده مانعاً للخيانة، من دون حاجة إلى عقود أخلاقية واجتماعية مثل عقود الزواج الحالية. فانتشار هذه الظاهرة يدل على وجود خلل في عقود الزواج في بلادنا، التي تتعرض في حالات كثيرة للتأزم بعد فترة قصيرة من إتمامها، وتضطر حينها إلى التأقلم مع هذه الأزمات، التي تعود وتولد مشاكل أخرى في المستقبل.

ورغم عدم وجود إحصائيات دقيقة في هذا المجال، يتحدث كثيرون عن ظاهرة "مصاحبة" النساء شباناً أصغر منهن سناً، وعن مفاخرة نساء متزوجات أمام بعضهن، بقدرتهن على مصاحبة شبان صغار. وقد انخرط بعض من أصدقائي بعلاقات من هذا النوع، يمكن وصفها بأنها علاقات مدمرة بسبب حجم التعب النفسي الذي يعانيه طرفا العلاقة: الشاب الذي يريد أن يرى حبيبته بدون خوف وقلق، ويتطلع إلى مستقبل يتمتعان فيه بالحرية. والمرأة التي تعجز عن مجاراة نمط حياة حبيبها "الشبابية"، وتتطلع إلى ماضٍ ضيّعته بتربية الأولاد، وتحاول اليوم تعويضه من خلال علاقتها بشاب أصغر منها.

وإن كان صحيحاً رواج هذا النوع من العلاقات بشكل واسع، فهذا ما يدل على أن الأزمة متعلقة بالزواج المبكر بشكل أساسي، وبهذه الفترة من عمر الفتاة التي تكون فيها أمام مئات الاحتمالات. لكنها تفضل (بتشجيع من أهلها عادةً) أن تذهب إلى زواج ستنتبه بعد سنوات إلى أنها لم تعد قادرةً عن التراجع عنه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها