الجمعة 2017/05/26

آخر تحديث: 01:15 (بيروت)

الروك أند رول: قبل الموت وبعد الشيخوخة

الجمعة 2017/05/26
الروك أند رول: قبل الموت وبعد الشيخوخة
قتل التحيّز العنصري موسيقى الروك (Getty)
increase حجم الخط decrease
يتذمّر محبو الروك أند رول كثيراً. يشعرون بالمظلومية. حفلات الموسيقى الإلكترونية، R&B والهيب هوب، تكاد لا تعدّ ولا تحصى. بيونسيه وريهانا هما ملكتا الساحة الموسيقية الأميركية، آديل سيدتها، الأطفال (والمراهقون) يستمعون اليوم إلى جاستين بيبر. لم تعد الروح الثورية، التي إكتسى بها ذاك النمط الموسيقي، تثير حتى المراهقين الفائضين بالغضب والهرمونات. أين ذهبت حماسة القرن الماضي؟ يتساءل محبو الروك. لماذا أصبح من غير الممكن إيجاد بار يمتع زبائنه بالروك، إن لم يكن هو أيضاً من قرن آخر، يكسوه غبار العتق والنوستالجيا؟ تقول لهم إن الروك قد مات. ينتفضون. والمتمسكون بالروك اليوم ليسوا سوى الدليل الأخير على اعتباره في عداد الموتى المترحم عليهم. 


في الولايات المتحدّة وبريطانيا، لايزال الجدال دائراً، منذ التسعينات ربما، بشأن صحة هذا الادعاء. هل مات الروك فعلاً.. ولماذا؟ وقد ولدت من رحم هذا السؤال نظريات كثيرة، منها نظرية مغني الروك والفولك الأميركي بوب ديلان. فخلفية ديلان في مجال الفولك رسمت لموسيقاه مساراً سياسياً أو، بمعنى أدق، "احتجاجياً"، لايزال يتصف به حتى اليوم.

منذ قرابة العامين، تحدّث ديلان إلى مجلة AARP عن أسباب موت الروك. وعلى عكس ما يظنّ كثيرون، لم تقتل الروك، وفق ديلان، الأنماط الموسيقية التي إشتقت منه كالروك البديل والمستقل وGlam Rock. ما قتل الروك، وفق واحد من أعظم موسيقييه، هو "الفصل العنصري". يشير ديلان في المقابلة إلى أن الروك لم يستمرّ حتى منتصف الستينات، بل إن "تلك الموسيقى التي نشأت كموسيقى بيضاء وسوداء على حدّ سواء، إنقسمت خلال الستينات إلى موسيقى للسود متمثلة بـSoul، وموسيقى للبيض هي البوب الإنكليزي". يصف ديلان موسيقى الروك التقليدية بأنها "مشتعلة، قد تجعل بنطالك يحترق". لهذا، هناك من "أراد قصف الروك أند رول، لما كان يمثله".

بعبارةٍ أخرى: "قتل التحيّز العنصري موسيقى الروك"، الذي كانت كفّته مرجحة لمصلحة البيض بالطبع، مع تفضيل شركات التسجيل والتوزيع للموسيقيين البيض. ما أدّى إلى إقصاء السود من المشهد عامةً. بالتأكيد شقّت بعض الوجوه السوداء كجيمي هاندركس طريقها إلى مملكة الروك البيضاء، لكنها ظلّت كضيوفٍ فيها. إلا أن التمييز العنصري ليس وحده المسؤول عن احتضار الروك، وفق ديلان، بل كان لهذه المعركة السياسية بعداً جنسانياً أيضاً. فـ"قلّة الحياء" الذي اتصف بها تعاطي موسيقى الروك مع موضوع الجنس شكّل تهديداً آخر بالنسبة إلى المحافظين ولكل من يسعى إلى المحافظة على الوضع الراهن. حتى أن هذا الفريق قد ضمّ بعض الرموز الثورية كمارتين لوثر كينغ، الذي نصح الأميركيين مرّةً بعدم الاستماع إلى الروك لأنه "يغرق عقل الناس في أعماقٍ فاسقة وغير أخلاقية".


اليوم، اختفت ألبومات الروك عن لوائح المبيعات. معظم من تبقوا أوفياء له هم رجال بيض في منتصف العمر. الأفريقيون الأميركيون اختاروا الهيب هوب والراب كصوتهم المتمرّد. أمّا المراهقون، الذين شكّلوا يوماً روح الروك النابضة، فقد تخلّوا عنه كلياً. الأطفال والمراهقون لا يستمعون إلى الروك اليوم. فليس هناك، إذاً، سوى فرص ضئيلة لإصدارات جديدة.

لا يمكن الإنكار أن الإنتاجات الجديدة في مجال post-rock حافظت على استمرار "تقليد" موسيقى الروك، لكنها ظلّت تفتقد إلى ذاك الوهج الذي يشعر به من اعتاد على الاستماع إلى Led Zepplin أو The Who. لعل الروك مازال حياً، لكنه بالتأكيد شاخ، ومحاولة إعادته شاباً لا نفع منها، فالـ"بوتوكس" يزيده كهولةً. فهل ينجح Post rock في إرساء ذاته كنمطٍ موسيقي لا يتغذى على أمجاد الماضي فحسب؟ أم أنه قدّر لأكثر الأنماط الموسيقية ثورةً أن يموت محاصراً بالتحيّز العنصري؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها