الأربعاء 2017/04/05

آخر تحديث: 10:37 (بيروت)

هذا المنزل عاش فيه اللبنانيون منذ قرون

الأربعاء 2017/04/05
هذا المنزل عاش فيه اللبنانيون منذ قرون
الحيوانات والناس كانوا يسكنون معاً في المنزل (المدن)
increase حجم الخط decrease
داخل إحدى قاعات المهنية الزراعية في الدكوانة، بيت تراثي ليس كغيره من البيوت. فهو محاكاة، بكل ما يحتويه من أثاث قديم وأدوات منزلية، لبيوت أزمنة سابقة. تم بناء المنزل في العام 2014 (بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع وزارة الزراعة لهدف غير سياحي إنما تعليمي)، وهو يستهدف فئات تراوح أعمارها بين 15 و24 عاماً.


يحاول المشروع التركيز على حالات التسرب المدرسي، حيث يهدف من خلال الأدوات الموجودة فيه، وهي شبيهة بتلك التي كانت تصنع فيها المونة، إلى ترغيب أولئك التلاميذ وتمكينهم من امتلاك القدرة على صناعة الطعام من أجل تأمين مشروع عمل ومدخول في المستقبل. أو أقله من أجل تمكينهم من تأمين مصادرهم الغذائية بكلفة زهيدة.


قرب المنزل، مطبخ كبير مجهز بمختلف الوسائل الحديثة، من أجل تأمين صناعة حديثة للمونة، تأخذ بالاعتبار الشروط الصحية والنظافة. ورغم أن هذه الوسائل العصرية غير متوافقة مع ما يجاورها، إلا أنها في أحد أشكالها، تطور عنها. فمثلاً، خلاط المولينكس هو تطور عن جرن الكبة، والبراد ليس سوى تطور عن براد تلك الأيام، أي النملية المعلقة في السقف.

قبل دخول المنزل التراثي، قاعة كبيرة مزودة بشاشة، تعرض عليها أفلام عن تاريخ المونة وطرق تخزينها. يتم هنا تقديم الشرح النظري للتلاميذ، ليتمكنوا بعدها من بدء العمل، بمساعدة كتاب عملاق أيضاً يزودهم بكل التفاصيل غير الموجودة في الفيلم.


الواجهة الخارجية للمنزل، زخرفت لتصبح أحجارها شبيهة بالحجر القديم الذي كان مستخدماً في البناء. أمامها مصطبة صغيرة، وضع عليها تنور قديم، ومجسم لإحدى النسوة، يظهر الطريقة التي كانت تخبز فيها. قرب المرأة جرار ماء، وجرن ومطرقة، مما استخدم في طحن الطعام ودق اللحوم، بالإضافة إلى جاروشة كانت تستعمل لطحن الحبوب.


المنزل يحاكي طريقة عيش اللبنانيين قبل فترة حكم العثمانيين، في زمن لم يكن القرميد قد أصبح دارجاً بعد. كان السقف عبارة عن أخشاب يصب فوقها الطين، ويحدل السطح بعد كل شتوة. المنزل من غرفتين فحسب. الغرفة الأولى هي الدار، الذي يشكل القاعة الأساسية التي تجري فيها كل النشاطات، من الطهي والاستحمام، إلى استقبال الضيوف وتحضير المونة، والنوم.


ولتأمين عدم وصول الضوء إلى خوابي المونة، وفصلها عن بقية الدار، توضع النملية أو خزانة الطعام في وسط الغرفة كحائط. كما قد تعلق نملية من نوع آخر في السقف، لضمان الحفاظ على برودة الطعام ولابعاده عن الحيوانات. يذكرنا المشروع بالكوارة، التي لم تعد موجودة في منازل اليوم، وهي عبارة عن مخزن مموه للحبوب، يبدو كأنه جزء من الحائط، إلا أنه استعمل في تلك الفترة لتخبئة الحبوب والمواد الأخرى، بعد تغطيتها من الخارج بالطين، خوفاً من أن يعثر عليها الغزاة أو العسكر. والمكيال، الذي كان يعتمد كوحدة قياس للمحصول، آلة صغير لطحن القهوة، قناديل قديمة، صندوق كبير لوضع الثياب والأغراض، كان يقوم بالدور الذي تقوم به الخزانة في أيامنا.

أما القسم الثاني من المنزل فهو القبو، أي الغرفة الملاصقة للدار، التي توضع فيها أدوات الفلاحة والحيوانات الأليفة التي كانت تسكن مع الناس يومها، ولا يفصلهم عنها سوى باب مفتوح. هناك باب خارجي أيضاً من جهة الحقلة، تخرج من خلاله الأبقار لتحرث. وفي القبو أيضاً، نورج كان يستخدم لدرس القمح أي فصل القشرة عن الحبة. وكان الجلوس على النورج لعبة الأطفال المفضلة، التي كان الأهل يستغلونها من أجل درس القمح بشكل أفضل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها