الخميس 2017/04/27

آخر تحديث: 00:20 (بيروت)

الرئيس الفرنسي الذي اقتيد "مخموراً"

الخميس 2017/04/27
الرئيس الفرنسي الذي اقتيد "مخموراً"
لم تكن تخصص للرؤساء طائرات ومروحيات (Getty)
increase حجم الخط decrease

قال للحارس: "أنا رئيس فرنسا". طبعاً، لم يصدقه الغفير، ظاناً أنه مجرد سكير. فأي عاقل يصدق أن رئيس الجمهورية يتسكع في "حتة مقطوعة"، ضيعة ضائعة في وسط الريف النائي، تبعد من العاصمة باريس نحو 100 كيلومتر، وبالبيجاما، في ليلة ليلاء، تقريباً في الواحدة بعد منتصف الليل؟

حصلت الحادثة ليلة الأحد/ الإثنين في 23/24 أيار 1920.

"بطل" القصة: الرئيس پول ديشانيل Paul Deschanel، الذي سقط من القطار في أرياف محافظة "لواريه"، قرب مدينة أورليان.

ففي تلك الأيام، لم تكن تخصص للرؤساء طائرات ومروحيات، ولا حتى سيارات فارهة. عليه، توجه رئيس الجمهورية ديشانيل في رحلة في القطار إلى إحدى مدن المحافظات لافتتاح نصب فيها قبل ظهر اليوم التالي، الإثنين. كان مرهقاً، فأخذ حبة منوم. رغم ذلك، عافه الكرى، فخرج من مقصورته ليتمشى قليلاً. لكنه كان "نصف صاح، نصف نائم"، مصاباً بما يدعى طبياً "متلازمة ألپينور Elpenor". فتح شباكاً لشم الهواء. فمال جسمه مع انعطاف القطار، فتهاوى، فسقط "سهواً" على الأعشاب المحاذية للسكة الحديد. كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة و55 دقيقة قبيل منتصف الليل. وكان الرئيس يرتدي بيجاما النوم.

لحسن حظه، كانت السرعة 50 كيلومتراً في الساعة فقط، بسبب أعمال تصليح على السكة أدت إلى إبطاء القطار. وإلا، لكانت العواقب أنكى وأدهى.

أصيب ديشانيل بجروح عدة، لاسيما في وجهه، الذي تورم جراء الكدمات... وجهه المتورم ذلك نفسه الذي هام عليه في عز الليل الحالك. في أي حال، وجده بعد ساعة حارس السكك، المحروس أندريه رابو. فهمس له ديشانيل، وهو خائر القوى، قائلاً إنه رئيس الجمهورية الفرنسية. فقهقه الحارس سخرية، ظاناً أن الجريح مجرد سكير مخمور أو معتوه، أو كلا ذلك. لكنه أشفق عليه فاقتاده إلى أقرب بيت، طرق بابه، ففتحه رب البيت وزوجته، السيد والسيدة داريو. عالجا الجريح مشكورَين، ثم أضجعاه على صوفا في الصالون وتركاه لينام أخيراً. حالما لمحت مدام داريو قدمي الرئيس، هللت: "يبدو أنه فعلاً من الباشوات، لأن قدميه نظيفتان".

لم ينتبه أحد في القطار إلى اختفاء الرئيس، إذ لم يسع مساعدوه إلى إيقاظه، بحسب ما أوصى به بنفسه قبل هجوعه إلى مخدعه لعلمه أنه كان منهكاً وفي حاجة إلى نوم هانئ (ولو أنه ما كان ليحزر أنه سيرقد على صوفا في كوخ فلاح بسيط). في أي حال، لم يفطن أفراد "الحاشية" الرئاسية إلى الأمر سوى صباح الإثنين 24 أيار، بعد وصول القطار إلى وجهته النهائية.

في تلك الأثناء، كان الحارس رابو قد أبلغ مديره بموضوع "السكير المجنون الذي يدّعي أنه الرئيس ديشانيل". فوصل الخبر إلى محافظ "لواريه" في مدينة أورليان، الذي هرع مع مفرزة إلى منزل آل داريو المنزوي لاصطحاب الرئيس.

ولا نعرف إن قدّم ديشانيل "إكرامية" لمنقذيه. لكنه توفي وفاة طبيعية بعد عامين من الحادثة، عن 67 سنة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها