الأربعاء 2017/04/26

آخر تحديث: 10:16 (بيروت)

في بيروت.. لكل مواطن ديليفيري

الأربعاء 2017/04/26
في بيروت.. لكل مواطن ديليفيري
تعود خدمة التوصيل في بيروت إلى تسعينيات القرن الماضي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

منذ بضعة أيام نشرت صحيفة The Independent البريطانية خبراً مفاده أن سلسلة مطاعم KFC في لندن استحدثت خدمة توصيل إلى المنازل. وأنه أصبح باستطاعة "سكان لندن من محبي KFC، أخيراً، الاستمتاع بطعامهم المفضّل الذي يصلهم حتى باب البيت". يستغرب أي شخص يعيش في لبنان خبراً من هذا النوع. فهو قد جاء- في لندن- متأخراً نحو 17 عاماً عن مثيله في لبنان.

تعود خدمة التوصيل (ديليفيري) في لبنان، وبيروت تحديداً، إلى تسعينيات القرن الماضي. لكن المحال بدأت تعميمها منذ العام 2005 حتى أصبح من النادر اليوم إيجاد دكان لا يقدّم خدمة توصيل. ولتقدير القيمة التقريبية لهذه الطفرة في إنتشار خدمة الديليفيري، قمنا بجولة في أحد أحياء بيروت السكنية الناشطة إقتصادياً، وحاولنا رصد الدكاكين المحلية الصغيرة التي توصل الطلبيات إلى المنازل المجاورة. وتبيّن أن 39 محلاً من أصل 51 يوفّر خدمة التوصيل.

الأسرع.. الأربح
يملك أبو خالد دكاناً في الحيّ منذ أوائل الثمانينات، يبيع فيه البقالة وبعض أنواع الخضروات. وبالمقارنة مع مساحة الدكان الصغيرة، التي لا تتجاوز 20 متراً مربعاً، يتفاجأ المرء بعدد العمال الذين يشغلونه. وقد كان أبو خالد من أوائل أصحاب المحال الذين بادروا إلى توصيل المنتجات إلى منازل سكان المحلّة، في العام 1996.

ورغم محدودية المنتجات المتوافرة في محل أبو خالد، لايزال زبائنه أوفياء له منذ نحو 3 عقود. أما السبب، فيفسّره أبو خالد بالقول "بلبّي الزباين بسرعة". فلدى أبو خالد 6 موظفين مستعدون لتلبية طلبات الزبائن على الفور. أما صاحب المحل نفسه، فيمضي يومه باستقبال مكالمات الزبائن، التي قد تصل إلى 65 مكالمة في اليوم الواحد كحدّ أقصى، و40 كحدّ أدنى.

وقد يجري شخص واحد نحو عشر مكالمات في يومٍ واحد. ويشير أبو خالد إلى أنه اتخذ خيار توفير خدمة الديليفيري منذ زمن، لأنه أيقن أنه لن يستطيع الاستمرار في ابقاء محلّه مفتوحاً ما دام أنه لا ينافس المحال الأخرى الأكبر. فـ"سرعة تلبيتي طلبات الزبائن هي التي أعطتني أفضلية على السوبرماركت، التي يجد فيها الزبون أضعاف منتجاتنا".

على بعد أمتار من محل أبو خالد، يقع محل آخر للحاج عيسى (إسم مستعار)، الذي يوفّر أيضاً خدمة ديليفيري. وهو يخصّص للطلبيات 5 موظفين من الأطفال الذي يتولّون إيصال البضائع إلى الزبائن سيراً على الأقدام. ويعمل الأطفال بدوامين (وفق دوامهم المدرسي). وقد استحدثت هذه الخدمة منذ بداية سنوات الـ2000. وكان بذلك أحد السباقين في هذا المجال.

لكن "منذ العام 2005 أصبح الديليفيري أمراً ضرورياً. أما اليوم فلا يمكنني أن أبقي المحل شغالاً يوماً واحداً ما لم أوصل طلبات الزبائن إلى بيوتهم. فاللبنانيون، كما نعلم جميعاً، أصبحوا كسالى جداً. فجاري على الطابق الخامس، يفضّل خدمة الديليفيري على ركوب المصعد لشراء زجاجة مياه".

وعند سؤاله عن كيفية تدبّره دفع أجرة 5 عمّال (وأحياناً أكثر)، أكّد الحاج عيسى أن "الربح الذي توفّره خدمة التوصيل يفوق الخسارة الناتجة من زيادة عدد الموظفين". وهو يشير إلى بضعة محال فتحت حديثاً في المنطقة، "تبيع بضائع كثيرة غير متوافرة لدينا. لكن مدّة توصيلها إلى منازل الزبائن تراوح بين نصف ساعة وساعة، بينما نصل نحن في غضون 10 دقائق".

لكن، رغم تفضيل بعض الزبائن الخدمة السريعة، تبقى المحال الكبيرة من أكبر المستفيدين من خدمة الديليفيري مع بلوغ عدد الطلبيات نحو 400 طلبية في اليوم، وفق أحد عمّال التوصيل. وتراكم هذه المحال ربحاً لا بأس به من جرّاء فرض رسم توصيل يراوح بين 500 و2000 ليرة لبنانية.

لكن، على هامش هذه الدكاكين التي تكيّفت مع تطوّر الأساليب التجارية، لاتزال بعض الدكاكين تحتفظ بنمطها التقليدي من العمل. ويشير جمال، أحد أصحاب هذه المحال، إلى أنه لم يؤمن خدمة الديليفيري حتى الآن، لأنه وإن اعتمدها لن يستطع منافسة محال أكبر من محله بقليل ولديها الخدمة نفسها أيضاً. يؤكّد صاحب محل آخر استنتاج جمال. ويشير إلى أنه رغم عدم اعتماده خدمة التوصيل عادةً، إلا أنه يستثني المنازل التي تقع في الشارع نفسه، فيترك محله لبضع دقائق لتلبية الطلبيات.

خدمة أونلاين
ذهبت بعض المتاجر، في خطوةٍ إضافية، في اتجاه توفير خدمة الديليفيري أونلاين أو عبر تطبيق واتساب. وهذه الأخيرة تشتهر بها محال الأراكيل. وتشير لمى، وهي شابة تقطن في بيروت، إلى أنها تكره الخروج من البيت لشراء الطعام أو مستلزمات المنزل. "لكنني أكره في الوقت نفسه المكالمات الهاتفية بما فيها طلبيات الطعام". إلا أنها وجدت، منذ فترة وجيزة، بعض التطبيقات التي تتيح لها طلب الطعام عبر الإنترنت "ومن دون الحديث مع مخلوق"، وفق تعبيرها. والواقع أن هذه التطبيقات أصبحت الوسيلة الوحيدة التي يعتمدها البعض لشراء الطعام، لتصل الطلبيات التي يتلقاها واحداً من أشهر هذه التطبيقات، وهو تطبيق Onlivery، إلى 1800 طلبية في اليوم، وفق أحد عمّال الهاتف.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها