الأحد 2017/04/23

آخر تحديث: 11:15 (بيروت)

نافورة تريڤي: بلغ كنزها رقماً قياسياً

الأحد 2017/04/23
نافورة تريڤي: بلغ كنزها رقماً قياسياً
أغلب القطع التي ترمى في النافورة من اليورو والدولار والين الياباني (Getty)
increase حجم الخط decrease
من منكم زار روما؟ أنتما؟ إذن، لابد وأن عرجتما على أحد أشهر معالمها: نافورة تريڤي، المسماة بالإيطالية Fontana di Trevi، فأدرتما ظهريكما إليها، مثلما يقضي التقليد، وعمدتما مبتسمَين إلى رمي قطع نقود معدنية صغيرة من خلف كتفيكما لإلقائها في ماء النافورة. لماذا؟ لأنه نذر في أن تتحقق أمنيتكما الدفينة بالعودة يوماً ما إلى "المدينة الأزلية". فذلك تقليد يمتثل إليه، وبرحابة صدر، زوار العاصمة الإيطالية كلهم تقريباً، ولو من باب التسلية وأخذ صور سيلفي، وليس بالضرورة إيماناً بتلك الخرافة. والنذر لا يقتصر على العودة إلى روما، إنما قد يتمثل في أي أمنية أخرى. يستثنى من ذلك، فترة 20 شهراً بين العامين 2013 و2015، خضع خلالها المَعلَم لأعمال ترميم وتجديد.


في أي حال، قد نتساءل: تلك القطع المعدنية، صحيح أنها ضئيلة القيمة على الأغلب، لكنها ترمى يومياً بأعداد معتبرة. فكم يُجنى منها سنوياً، ومن يستفيد من "الغنيمة"؟ في العادة، كان مجموع المبالغ يناهز المليون يورو سنوياً، أو يتعدى المليون بقليل. لكن، خلال العام 2016، حصلت "طفرة" رقمية غير معهودة. إذ وصل مجموع "التبرعات" 1.4 مليون يورو. ما شكل رقماً قياسياً تاريخياً، فاق مدخولات متحف روما الوطني نفسه، التي بلغت 1.1 مليون يورو فقط لعام 2016 نفسه. 


ويُجرى جمع القطع المرمية في ماء البركة ثلاث مرات في الأسبوع، طبعاً تحت حماية الشرطة وإشرافها. أما وزن القطع، في كل مرة، فيبلغ نحو 150 كيلوغراماً... هذا مع "الحِمية". فالأوزان ترتفع بشكل ملحوظ في فترة عيد الفصح، التي مرّت مؤخراً (في 17 نيسان الماضي وما قبله وبعده). إذ يرتفع خلالها عدد زوار روما ممن يتقاطرون إلى الفاتيكان للتبرك بطلعة البابا، الذي يطلّ من شرفته على جموع الحجاج المتجمهرين بمئات الآلاف في ساحة القديس بطرس، خاطباً فيهم خطبة "الريف والمدينة" التقليدية. وطبعاً، مَن يذهب إلى الفاتيكان، لا مندوحة له من المرور في روما. لذا، في فترة عيد الفصح، تبلغ حصيلة نافورة تريڤي زهاء 250 كيلوغراماً، وربما أكثر بقليل في بعض الأحيان.

ومن المفارقات أن أولئك الحجاج، الكاثوليكيين جداً، يرمون النذور تحت قدمي إله وثني لاتيني: نيپتون، إله الماء العذب والينابيع في الميثولوجيا الرومانية. فالنصب الذي تشكل النافورة جزءاً منه، هو بدوره جزء من قصر پولي، العائد تشييده إلى القرن الـ18. ذلك النصب المهيب، الذي يمثل أحد أبدع تجليات مدرسة الفن الباروكي في إيطاليا، من عمل النحات الإيطالي پييترو براتشي (1700-1773)، الذي توخى في تصميمه إحداث نقلة نوعية وفق الطراز الباروكي، وإحلال قطيعة مع المدرسة الكلاسيكية.


بقي القول إن "كنز" النافورة، وأغلب قطعه من اليورو والدولار والين الياباني، يضم أيضاً نذوراً أخرى، منها ما هو أغلى وأثمن من مجرد قطع نقدية صغيرة، كقلائد وخواتم وأساور من ذهب أو فضة.

لكن، لم نُجب بعد عن السؤال: من يستفيد من "الغنيمة"؟ منذ العام 2003، تقرر وهب "عوائد" نافورة تريڤي برُمتها إلى مؤسسة "كاريتاس" الخيرية. ووفق الأرقام التي نشرتها الأخيرة، تقسم الأرزاق على النحو الآتي: 27% لفتح سوق "سوبر ماركت" مجاني للفقراء، و32% لبرامج التأهيل الاجتماعي، و31% لمراكز الاستقبال والإيواء للمحرومين من السكن، و8% لمطاعم "كاريتاس"، ذات الوجبات الرخيصة لمحدودي الدخل. ولا نعرف إلى ما تخصص الـ2% المتبقية. ربما لتغطية نفقات رفع أوزان تصل إلى نحو 23 طناً سنوياً؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها