السبت 2017/03/11

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

ترامب وميريام كلينك!

السبت 2017/03/11
ترامب وميريام كلينك!
لو كانت كلينك على المنبر (Getty)
increase حجم الخط decrease
لم يبتعد دونالد ترامب كثيراً عن نفسه، عندما انتقل منذ سنوات قليلة، من عالم الترفيه والتسلية إلى عالم السياسة. بقيت شخصيته نفسها، التي لم تتوقف عن إثارة الجدل منذ عقود. لكن المختلف الوحيد هو أن البرامج التي أصبحت تغطي أخباره وتتحدث عنه، هي اليوم نشرات أخبار وبرامج حوارية وسياسية، بعدما كان ظهوره السابق مقتصراً على أفلام سينمائية وبرامج تلفزيون الواقع ومسابقات ملكات الجمال. كأن انتقاله من عالم الترفيه والاستعراض إلى السياسة، يشبه إلى حد ما انتقال أحدهم من استوديو إلى آخر داخل مبنى محطة تلفزيونية، لا أكثر.

كان في الإمكان أن نرى المغني الأميركي كاين ويست (زوج كيم كارداشيان)، وهو أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في الولايات المتحدة، مكان ترامب، بعدما أعلن نيته الترشح منذ سنوات، قبل أن يتراجع لاحقاً. لكن، عندما تحدث ويست عن الترشح إلى الانتخابات، ورغم تعرضه للسخرية بعد اتخاذه هذ القرار، كثيرين لم ينكروا حقه بالقيام بما يريد، طالما أن لديه علاقاته السياسية التي كانت ستتيح له فرصة دخول السياسة من بوابة أحد الحزبين المتنافسين. وطالما أن ويست يمتلك شخصية قوية/ جدية وجذابة، تسمح له بالإنتقال بسلاسة من عالم الفن إلى عالم السياسة، سيتمكن عندها من أن يكون ضيفاً دائماً في البرامج السياسية التي ستحقق للقنوات التلفزيونية، نسب مشاهدة مرتفعة بسبب تصريحاته التي ستكون بالطبع مثيرة للجدل، لكن التي ستضمن استضافته في برامج سياسية أخرى متعطشة لرفع نسب مشاهداتها، ما سيتيح له توسيع شعبيته أكثر.

طبعاً، لم يكن في الإمكان تخيل هذا السيناريو لولا وصول ترامب إلى الرئاسة. لكن هذا الوصول حقق ما عجز عنه كثيرون طوال عقود طويلة، في محاولاتهم خرق احتكار الحزبين الجمهوري والديمقراطي العمل السياسي. فترامب فتح المجال لـ"ممكن" آخر. ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في الدول التي تعيش احتكاراً للسياسة من قبل فئات معينة منذ عقود. طبعاً، يعتبر لبنان أحد تلك الدول التي تعيش احتكاراً للسياسة أيضاً، من قبل أشباه أحزاب وممثلي طوائف، يمنعون دخول أي جهة جديدة إلى الحياة السياسية.

هل يوجد ترامب لبناني؟
لا وجود لظاهرة لبنانية شبيهة بظاهرة ترامب، إلا أن الظاهرة الوحيدة التي تمكنت من خرق الجمود السياسي في البلاد، كانت ظاهرة الحراك في العام الماضي.

استطاع الحراك أن يزيح السياسيين اللبنانيين عن عناوين نشرات الأخبار، وأجبر التلفزيونات على توجيه الكاميرات نحو مجموعة من الأشخاص في وسط بيروت، الذين استطاعوا تحقيق نسب مشاهدات عالية جداً. لكن مشكلة الحراك كانت أن المشاركين فيه عاجزون عن الإستمرار في احتلال شاشات التلفزيون، لأنهم لم يمتلكوا كما ترامب أو ويست، تجارب سابقة في عالم الترفيه والإنترتيمنت، ولم تتضمن تصريحات الأشخاص البارزين في الحراك، مادة مثيرة ومسلية للمشاهدين، تضمن استمرارهم في تحقيق مشاهدات عالية.

فالجزء اليساري من الحراك يحمل فهماً أحفورياً ومملاً وغير واقعي عن العالم والسياسة، أما الجزء الثاني، فبدا كأنه خارج العالم البراغماتي الذي نعيش فيه. فبعد فشل الحراك، قال أحدهم ساخراً، أن ثورة ميريام كلينك "الجذابة" كانت ستنجح لو أن الأخيرة قد احتلت المنابر مكان هؤلاء. وكرر كثيرون لاحقاً أن الحراك عاجز عن إفراز شخصيات قيادية وكاريزماتية، ويمكن القول أيضاً إن الحراك عجز عن إفراز شخصيات تلفزيونية جذابة ومسلية، تحل مكان الأشخاص الجديين والمملين الذين وقفوا على المنابر.

ربما كانت المشاركة في الحراك، في أحد وجوهها، تسليةً وترفيهاً، أتاحت للمشاركين اللعب مع الدرك والهروب من القنابل الغازية، لكن سبب فشلها أنها لم تستطع أن تنقل هذا اللعب إلى الشاشة وأن تحقق أي تواصل مع المشاهدين الجالسين أمام التلفزيونات، والذين قرروا أخيراً بعدما شعروا بالملل، أن يطفئوا شاشاتهم وينصرفوا إلى أمور أخرى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها