السبت 2017/02/25

آخر تحديث: 08:15 (بيروت)

دعوا الكدمات جانباً.. ستة أشكال أخرى لتعنيف الأطفال

السبت 2017/02/25
دعوا الكدمات جانباً.. ستة أشكال أخرى لتعنيف الأطفال
increase حجم الخط decrease

إن كنت تظنّ أن الضرب، أو العنف الجسدي، هو الشكل الوحيد لسوء المعاملة التي يمكن أن يتلقاها الأطفال من والديهم، فأنت مخطئ. في الحقيقة، ليست الإساءة الجسدية سوى الشكل الأكثر وضوحاً وصراحةً من العنف الذي يتعرّض له الأطفال. لا يحتاج الأطفال إلى كدمات لإثبات سوء المعاملة التي يتلقونها، فهناك أشكال أخرى يتجسّد من خلالها العنف المعنوي، الذي قد يكون أكثر قسوةً، خصوصاً أنه قد يبقى في الخفاء ولا يكتشف أبداً. فلنتحدّث إذاً عن أشكال التي لا تترك أثاراً ظاهرة على وجه الطفل أو جسده فحسب، بل تتجاوزهما إلى ما هو أبعد من ذلك.

العنف الجسدي والجنسي
لا يقتصر العنف الجسدي على العدوان المباشر، بل يشتمل التخويف والمضايقة، وجعله يشعر بدونيته وضعفه الجسدي في مواجهة جسد الراشد، الذي يهدّده باستمرار وإن لم ينقضّ عليه. ويمارس الأهل هذا العنف من خلال اتخاذ وضعية جسدية مهدّدة للطفل، والنظر إليه بدونية وإعاقة تحرّكه. كما يتضمّن العزل، وكبح نشاط الطفل الجسدي، أو حبسه في مكانٍ ما. أما العنف الجنسي، فهو غني عن التعريف، ويشمل كل أشكال تحويل الطفل إلى غرضٍ جنسي.

العنف الذهني
يبدأ هذا العنف بالنظرة. فالأهل لا يحتاجون دائماً إلى الصراخ ليرعبوا أطفالهم، فنظرةٍ قاسية ومهدّدة قد تكون كافية. وإذا صعدنا درجة في سلّم العنف، نجد الـ"معاملة الصامتة"، وهي حين يلجأ الأهل إلى تجاهل الأطفال لفتراتٍ طويلة كنوع من أنواع العقاب. ثمّ هناك التلاعب والخداع، الذي يعمد الأهل من خلالهما إلى جعل الأطفال يخافون الهجر والنبذ. قد يستخدم الأهل أيضاً الغضب المبالغ وغير المبرّر وسيلة لإسكات أطفالهم واخضاعهم. وقد يعمدون إلى إسقاط مشكلاتهم على أطفالهم، والقول إنهم سببها. وأخيراً، حين يستنزف الأهل وسائل تطويع أطفالهم، يستخدمون "بطاقة الضحية" كنوع من أنواع التلاعب العاطفي الذي يهدف إلى التحكّم بسلوك الطفل.

العنف الكلامي
تتمثّل أعراض هذا النوع من العنف بالصوت العالي، النبرة المهدّدة، واللغة الحادّة التي تتضمن الشتيمة والأوصاف المهينة بحق الطفل. ويتسم هذا التعامل بالتهجم على شخص الطفل كانتقاده باستمرار، والاستخفاف بمشاعره ومقابلة أسئلته وفضوله واستفسارته بإجاباتٍ ساخرة وتهكمية، ونعته بأسماءٍ مذلّة. ويتجسّد العنف الكلامي برفض الأهل تقديم أي اعتذار عند إيذاء الطفل، ويتخذون في المقابل موقفاً هجومياً، صارفين النظر عن مشاعر أطفالهم. كما يعتبر الكذب على الطفل أو تكذيبه من أشكال العنف.

العنف العاطفي
يعنّف الأهل أطفالهم حين يحقنونهم بمشاعر القلق والذنب والعار. ومن السهل أن يدفع الأهل أطفالهم إلى الشعور بالقلق حين يحاسبونهم على كلّ حركة أو فعل يرتكبونه، وحين يشعرونهم بالذنب المتواصل تجاههم. ويعزّز الأهل شعور الطفل بعدم الاستقرار والأمان، حين يرفعون مستوى المعايير التي يفترض بالطفل الامتثال لها، وحين يعاملونهم بالدونية بسبب فشلهم في الارتقاء إلى توقعات الأهل المثالية. هذا بالإضافة إلى تسخيف رغبات الطفل واهتماماته وتجاهلها، وتذكيره باستمرار بقصوره أو عيوبه. ومن أبرز أشكال العنف العاطفي، وأكثرها تأثيراً على شخصية الطفل وسلوكه، هو التعامل معه على أساس أنه امتداد للأهل، وليس كياناً مستقلاً. وفي بعض الحالات، يرفض الأهل التعبير عن عاطفتهم تجاه أطفالهم ويقابلونهم بالرفض والنبذ، أو يعزلونهم عن أصدقائهم والمجتمع، أو يدمّرون ممتلكات الطفل أو الأشياء التي يشعر بالتعلّق نحوها.

العنف الإقتصادي
ليس العنف الإقتصادي حكراً على الدول، بل هو يدخل في صلب مؤسسة الأسرة القائمة على نظامٍ إقتصادي معيّن. وقد يستخدم الأهل المال سلاحاً ضدّ الطفل، وذلك عبر حرمانه من مصروفه، أو من الهدايا التي يتلقاها، أو عدم تأمين حاجاته الأساسية والكمالية، أو معاقبته لإنفاقه المال.

العنف الروحاني
للأسف، يمارس معظم الأهل هذا النوع من العنف، من دون وعي أحياناً. إذ يسلّم الأهل ببديهية تبني أطفالهم مبادئهم وأرائهم، ويعمدون إلى نقلها لهم بطرقٍ غير مباشرة وملتوية. فيستخدمون سلطتهم "الروحانية" كمبرّر لخضوع الطفل لهم، فيلزمونه باتجاهات دينية، أو سياسية، أو اجتماعية مطابقة لتوجهات الأهل. ويطلب الأهل في هذه الحالة من الأطفال تأييد أرائهم في النقاشات، والوقوف ضدّ الأراء الأخرى وتصنيفها في خانة الشواذ. كما يتوقعون منهم مستوى معيّناً من "الأداء العام"، أي الظهور بصورة معينة في المجتمع، مرتقين إلى معايير محدّدة من المثالية. أما مطالبة الطفل بأن يكون، أو يبدو، سعيداً في معظم الأحيان، فتُعدّ عنفاً أيضاً. ذلك أن الأمر يصل إلى منع الطفل من إبداء مشاعر معينة ودفعه إلى التمثيل عوضاً عن تشجيعه على مشاركة مشاكله لإيجاد سبيل لحلّها. إن هذا النوع من التعامل يدفع الطفل إلى عدم التقبّل وعدم التسامح مع الاختلاف، في طفولته وما بعدها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها