الأحد 2017/02/19

آخر تحديث: 15:15 (بيروت)

نجم ليفربول اللاجئ

الأحد 2017/02/19
نجم ليفربول اللاجئ
يحاول اللاعب زيادة التعاطف مع اللاجئين (Getty)
increase حجم الخط decrease
في عصر الزينوفوبيا (الخوف من الأجانب) المتصاعد، والذي يؤثر على وضع اللاجئين في العالم، يروي لاعب كرة القدم الدولي الكرواتي ومدافع ليفربول الإنكليزي ديان لوفرين، قصة طفولته ومعاناته كلاجئ، في وثائقي أعدته قناة النادي، حين إضطر أهله إلى ترك قريتهم خلال حرب البوسنة والهرسك، التي امتدّت من العام 1992 إلى 1996.

لوفرين، مواليد العام 1989، عاش أول ثلاث سنوات من حياته في بلدة هادئة في جبال البوسنة، يبلغ تعداد سكانها 12000 نسمة. ينتمي السكان إلى 3 فئات هي الكروات، البوشناق (المسلمون) والصرب، أي جميع الأعراق التي دار الصراع بينها في تلك الفترة. فالصرب حينها أرادوا البقاء مع يوغوسلافيا في حين أراد المسلمون والكروات الإستقلال عنها. "كل شيء كان على ما يرام، عشنا سوياً مع المسلمين والصرب، وكان الوضع المادي جيداً، حيث لم يعان أهلي من أي أزمات وكان لدينا كل شيء". هكذا، يصف لوفرين الحياة في البوسنة قبل إندلاع الحرب في ساراييفو في نيسان 1992 التي "غيرت كل شيء في لحظة، ليترك الناس البلد للمسلحين".

مع بداية الحرب، استقرت عائلة لوفرين في ملجأ لأيام قليلة، قبل أن ترك كل شيء، وتذهب إلى ألمانيا التي استقبلت 350000 لاجئ حينها. سكن الأهل والأقارب في بيت خشبي صغير في ميونيخ، عاش فيه 11 شخصاً لمدة ثلاث سنوات. يقول لوفرين: "كنا محظوظين لأن جدي كان يعمل هناك، وتمكن من دعوتنا، في حين أن كثيراً من العائلات الأخرى لم تخرج من البوسنة وماتت فيها". فهذه الحرب تعتبر من أسوأ الحروب التي جرت في العقود الماضية، إذ قتل فيها 100000 مدني، وتضمنت أعمال تجويع واغتصاب في القرى الصغيرة التي عاش لوفرين في واحدة منها.

أحب لوفورين ألمانيا وبدأ يلعب كرة القدم في عمر الخامسة حيث شكل مع أصدقائه فريقاً صغيراً. وكان لوفرين يذهب مع والده بشكل دوري، من أجل مشاهدة تمرينات نادي المدينة، بايرن مينونيخ، ويأخذ صوراً مع لاعبين كبار، منهم ليزارازو الفرنسي وماتيوس الألماني.

بعد انتهاء الحرب، سمحت الحكومة الألمانية للاجئين بالبقاء لأشهر قليلة، لتجهيز أمورهم قبل الرحيل. عندها كان لوفرين في الثامنة من عمره، وكان ترك ألمانيا أمراً صعباً جداً عليه. عادت العائلة إلى كرواتيا وليس إلى البوسنة، حيث سكنت في مدينة بعيدة عن العاصمة زغرب. هناك واجه الفتى الصغير مشاكل في التأقلم بسبب اللغة، فهو أتقن الألمانية، ما جعل أصدقاءه يسخرون منه في حصص المدرسة. لكن كرة القدم كانت الحيز الذي يفرض فيه شخصيته. فهذه اللعبة كانت الأمر الوحيد الذي تبقى له من ألمانيا ومنها بنى شخصيته.

التأقلم في كرواتيا لم يكن سهلاً على العائلة. فالتأقلم بعد الترحيل من اللجوء كان أصعب من اللجوء نفسه. بدأ الوالد العمل دهاناً والوالدة عملت في سوبر ماركت مقابل 350 يورو في الشهر. لم تقدر العائلة على دفع فواتير الكهرباء أحياناً، ومرة اضطرت إلى بيع عدة تزلج لوفرين لأنها افتقدت إلى المال الكافي لاستكمال آخر أسبوع في الشهر.

إنضم لوفرين إلى فريق العاصمة دينامو زغرب في 14 من عمره، فابتعد عن أهله الذين وجدوا في ذلك، فرصة للتخفيف من عبء ولدهم الذي لا يمكنه العمل في هذا العمر. لكنهم لم يعلموا أن ابنهم سيصبح نجماً مع المنتخب الكرواتي ولاعباً في أندية أوروبية كبيرة مثل ليون الفرنسي وليفربول الإنكليزي، وسيتقاضى ملايين الدولارات التي ستخرجهم من أوضاعهم المتردية اليوم.

التجربة هذه، جعلت لوفرين صاحب صوت يتعاطف مع اللاجئين لأنه عاش تجربتهم. ففي ظل العنصرية الحادة ضدهم اليوم، يأتي هذا اللاعب من خلال شخصيته المؤثرة، ليزيد تعاطف جمهور كرة القدم معهم. يقول لوفرين: "لا يمكنني أن أتصور أن هناك أناساً مازالوا مضطرين إلى ترك بيوتهم وأراضيهم بسبب الحرب. عندما أرى ما يحصل اليوم أتذكر ما حصل معي. الناس لا يريدونك في بلدهم أحياناً. أفهم هذا وأفهم أن الناس يريدون أن يحموا أنفسهم. لكن هناك أناساً من دون مأوى ويقاتلون من أجل ابقاء أولادهم على قيد الحياة. أعطوهم الفرصة، الفرصة فحسب".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها