بيكاسو والآرت ديكو والربيع العربي.. أزياء لبنانية

حقق لبنان شهرة عالمية في مجال تصميم الأزياء من خلال مصممين مثل إيلي صعب وزهير مراد وغيرهما. رغم ذلك، فإن الجامعات التي تطرح برامج لتصميم الأزياء بقيت محدودة، لكنها بدأت بالازدياد خلال السنوات الماضية. وكانت الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا (AUST)، من أول الجامعات التي أطلقت هذا البرنامج منذ ست سنوات عبر اتفاق تعاون وتبادل مع جامعة بوليتكنيكو دي ميلانو الإيطالية واتفاق مع Milano Fashion Institute. ووفق متطلبات البرنامج، صمم 6 طلاب مجموعات خاصة بهم مؤلفة من 8 أزياء، موجهة للنساء أو الرجال أو كلاهما، وعرضت في الجامعة.

آية صادق
اختارت آية فترة العشرينات من القرن الماضي كموضوع لمجموعتها، فاستوحت من الأفكار السائدة حينها تصاميم بلمستها الخاصة. "أحببت العشرينات لأن المرأة بدأت في حينها بالخروج من قيود الملابس، وأبرزها مشدات الخصر التي أوجدت لإبراز انحناءات جسدها". فالمرأة في مجموعة آية هي امرأة قوية ومترفة، تبدو أكثر ارتياحاً في ملابسها التي تضيق عند الأوراك بشكل عام. وكما أثّرت موجة الآرت ديكو في العشرينات على تصاميم الهندسة المعمارية والديكور واللوحات الفنية بأشكالها الهندسية، تأثرت آية بهذه الموجة أيضاً، فأدخلت هذه الأشكال إلى تصاميمها من خلال لصقها على الملابس أو قص الأقمشة بشكل هندسي. وتعمدت استخدام أنواع من أقمشة تظهر ترف المرأة في تلك الفترة مثل كريب، التفتة والهدب، والريش وألوان توحي بقوتها وحريتها. و"هذه تعابير كانت سائدة في العشرينات".


صممت آية 6 أزياء نسائية وزيين رجاليين، واصفة أزياء الرجال في مجموعتها بـ"الكلاسيكية تماماً كما كانت في العشرينات". وأدخلت عارضاتها وعارضيها على وقع موسيقى الجاز التي لاقت رواجاً في العشرينات أيضاً. تحب آية تصميم القطع "المبهرة"، على حد قولها، لكن على الطراز الكلاسيكي. وهي تحاول إيجاد أسلوب لها يوفق بين تصميم القطع الفنية والفريدة والقطع التي تجد لها مكاناً في السوق للبيع في آن معاً.

نور عسيران
تدرس نور في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا تخصصين، هما تصميم الأزياء والفنون الجميلة. هذه الشابة المغرمة بالفن منذ طفولتها، خصوصاً الرسم، أرادت أن تعبر عن شغفها من خلال الجمع بين الرسم وتصميم الأزياء. من جهة ثانية، تؤمن نور أن الأزياء ليست سلعة للبيع، بل هي قطع فنية ستلاقي استحسان مجموعة محددة من الناس فحسب، وهي من سيشارك نور حبها الفن والرسم تحديداً. اختارت نور لوحات بابلو بيكاسو كمصدر إلهام لها، وتحديدأً مجموعة اللوحات التي رسمها في "الفترة الزرقاء" من حياته. اتسمت هذه الفترة من حياة بيكاسو بالكآبة بسبب موت صديقه كارلوس كازاجيماس. لكن، شكلت الأشكال الجيومترية الموجودة في لوحات بيكاسو عائقاً أمام نور في تطبيق أول التصاميم التي ابتكرتها، فاضطرت إلى اجراء تعديلات تجعل تصاميمها أكثر قابلية للتطبيق. أما الأشكال الهندسية فألصقتها على الأقمشة. لكن نور لم تتقيد بكآبة بيكاسو، بل أرادت أن تطفي على مجموعتها طابعاً فرحاً فاختارت ألواناً مشرقة عوضاً عن الأزرق وأقمشة مثل الرازمير والموسلين والكريب. كما استوحت نور إحدى قطعها من لوحة The old blind guitarist بشكل مباشر فكانت قصتها على شكل غيتار.


لا تحب نور أن تقدم المرأة أو الرجل بشكل مثير ومغر من خلال تصاميمها، بل يهمها أن يكون الشخص مرتاحاً في ما يرتديه، وهي من أجل ذلك تفضل التصاميم الواسعة. ومن ناحية أخرى، ترى نور في قطعها قطعاً فنية. "هدفي من خلال هذه المجموعة أن أقول إن الأزياء هي نوع من الفن الذي يمكنه أن يعبر عن فكر ومشاعر معينة".

سارة غلاييني
تأثرت تصاميم سارة بموضة Street Fashion، وهو وفقها أسلوب يسمح للشخص أن يعكس شخصيته من خلال ما يرتديه عبر مزج أكثر من قطعة معاً. اختارت سارة تصميم مجموعتها وفق هذه الموضة لأنها الأقرب إلى شخصيتها. فسارة تؤمن أن المصمم يجب أن يعبر عن نفسه من خلال تصاميمه، وبالتالي من سيرتدي تصاميمه سيشاركه الذوق والأسلوب نفسه. "أحب مزج الثياب ومطابقتها منذ طفولتي، كما أحب الثياب الجنونية وليس الكلاسيكية".


من أجل ذلك، اختارت سارة لونين بسيطين في تصاميمها هما الأسود والأبيض، بالإضافة إلى نقشين وجدتهما بعد بحث طويل ولم تصممهما بسبب ضيق الوقت. صممت سارة 6 أزياء نسائية وزيين رجاليين، وحاولت أن تكون شاملة لمختلف الأذواق في تصاميمها. كذلك صممت فستان عرس على الطراز نفسه. أما عارضاتها فلم تردهن نحيفات كالسائد، بل أرادت عارضات ذوات انحناءات في أجسادهن لتظهر جمال هذا النوع من الأجسام بواسطة تصاميمها. أما بصمة "الجنون"، كما تصف سارة، فبرزت من خلال المزج بين القطع والقصات والأقمشة، التي شملت النيلون والشبك. وترى سارة أن مجموعتها ديناميكية يمكن ارتداءها مساءً أو نهاراً، فهي موجهة لفئة الشباب تحديداً وخصوصاً من يجب السهر منهم.

ميشال عيسى
يرى ميشال أن العالم العربي بعد ما شهده من ثورات انتقل إلى مرحلة جديدة. وهو من أجل ذلك أراد تصميم مجموعة أزياء للمرأة تتناسب مع شخصيتها في العالم العربي ما بعد الربيع العربي. "أرى المرأة في هذه المرحلة على أنها فرد متحرر وأكثر ارتياحاً في كل ما تقوم به". لذلك، استخدم ميشال أقمشة خفيفة ورقيقة، لكنه لجأ إلى بعض الفرو ليطفي لمسة من الأناقة على مجموعته. أما الألوان التي استخدمها فهي الأبيض بتدرجاته والأسود، وكانت قطعه جميعها أوفيرول أو قطعة واحدة تتناسب مع أسلوب حياة المرأة العصرية والمتحررة. يرى ميشال في الفن طريقاً لمساعدة الآخرين، وهو يتمنى أن يكون له فرصة لمساعدة غيره من خلال تصاميمه.


آية بورسلان
استوحت آية تصميماتها من مفهوم المينيماليزم أي البساطة. "لا يكترث هذا الأسلوب بما يريد الفرد، بل بما يحتاج إليه"، تشرح آية وهي ترى في هذا الفكر طريقة لتغيير العالم ليصبح أكثر راحة. استخدمت آية الأبيض والأسود والرمادي والزهري في قطعة واحدة فحسب. وهي ترى في هذه التصميمات وألوانها ما يشبهها، فهي دائماً تبحث عما يريحها. وتعتبر أن هذه الألوان أكثر أماناً من غيرها، إذ إنها لا تتيح مجالاً للخطأ في ارتدائها، "بل تجعلني في وضع من الارتياح من دون مغامرة". عوّضت آية عن بساطة ألوانها من خلال إضافة بعض التفاصيل في قصاتها، خصوصاً على الظهر من أجل جعل قطعها أكثر أنوثة. ولأن مجموعتها شتوية، استخدمت آية أقمشة سميكة مثل الجوخ والصوف والسكوبا.

تكرر آية أن تصميم الأزياء بإمكانه تغيير العالم، خصوصاً في ضوء الجهد الكبير الذي يضعه المصمم على قطعه. فـ"الأزياء عابرة للحدود واللغات".

مايا أبو عجرم
وجدت مايا في نساء الخمسينات من القرن الماضي نموذجاً للمرأة التي تحب النساء المعاصرات أن يحتذين به. فبعد سنوات من الحرب، عادت النساء إلى حياتهن بكل قوة وتأقلمن مع مختلف الظروف التي عشن فيها، من دون أن يقلل ذلك من أنوثتهن ورقيهن، بالنسبة لمايا. ورغم تأثر مايا بالنساء الأوروبيات تحديداً، إلا أنها اختارت أن تعطي مجموعتها لمسة شرقية ظهرت من خلال لصق كلمات مكتوبة بالخط العربي على قطعها. فهي تعتبر أن تصميم الأزياء قد يكون وسيلة لنشر الثقافة. "تضيف هذه الملصقات على الثياب لمسة ثورية وأنيقة"، تقول مايا.

تميزت مجموعة مايا بالتنانير متعدد التصاميم واستخدام القلادات وتصميم فستان عرس. أما الألوان فأرادتها مايا قاتمة كالبنفسجي الداكن، الأزرق الداكن، الأسود، لأنها "ألوان ملوكية ورومانسية"، تقول مايا. تريد مايا القول، من خلال مجموعتها، إن للمرأة دوراً فعالاً في المجتمع، وعلى كل امرأة أن تدافع عما تؤمن به، وألا تقبل بأقل مما تستحق.