الأربعاء 2017/12/13

آخر تحديث: 08:41 (بيروت)

أبي سمرا تفوز بحديقة من زيتونها: جائزة لطلاب اللبنانية

الأربعاء 2017/12/13
أبي سمرا تفوز بحديقة من زيتونها: جائزة لطلاب اللبنانية
قطعة أرض بمساحة 8000 متر مربع ستتحول إلى حديقة
increase حجم الخط decrease

فاز فريق من كلية الفنون والعمارة (فرع طرابلس) في الجامعة اللبنانيّة بالمرتبة الأولى، بعد تنافسه مع 8 فرقٍ من جامعات خاصة، في وضع أفضل تصميم هندسي لتحويل قطعة أرض بمساحة 8000 متر مربع، في منطقة أبي سمرا في طرابلس، إلى حديقة عامة. وهي مسابقة نظمتها نقابة المهندسين في طرابلس وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN HABITAT بالتعاون مع بلدية طرابلس، وشارك فيها 50 طالباً وطالبة.

لم يأتِ اختيار الأرض عشوائيّاً. إذ اشتُهرتْ منذ عقودٍ بزيتونها المعروف بـ"زيتون أبي سمرا" والملقب بـ"رئة طرابلس الشرقيّة". لكنّ، مع الوقت، وبفعل التوسع العمراني، أصبح هذا الزيتون مهدداً بالانقراض. ومن الأهداف التي رسمتها المسابقة، إيجاد أسسٍ علميّة تحافظ على كفاءة ما تبقى من مناطق خضراء بشكلٍ متواز مع تحسين البيئة الإنسانية، مع وضع تصور واضح ودقيق للعلاقة بين الفضاءات المفتوحة الخضراء، نسبها ومساحتها، مقارنةً بالمعايير التخطيطية والتصميمية العالمية.

كيف استطاع فريق اللبنانيّة، المؤلف من 6 طلاب في السنّة الرابعة: أحمد ميناوي، ربى ريما، جوليا قطريب، شذا غمراوي، راشال شحيطة وسنا عبدالله، أن يفوز في المرتبة الأولى؟

يشرح الفريق، في حديثٍ إلى "المدن"، أنه قبل البدء بالمشروع، "قمنا بدراسةٍ ميدانيّة للمنطقة المحيطة بالأرض. توجهنا إلى الشباب والأطفال، وسألناهم إذا كانوا يرغبون بخلق مساحة مشتركة تجمعهم. فكانت الأصداء إيجابيّة وحماسيّة، وبدأوا يطلقون أفكارهم. الناس في تلك المنطقة، يتمتعون بثقافة المبادرة الفرديّة، وهم مؤهلون لذلك، لاسيّما أنّ هناك فئة واسعة تحرص على الاعتناء بأرض الزيتون، وتربطها بها علاقة خاصة. فأردنا إحياء ذاكرة الزيتون الجماعيّة لدى أبناء المنطقة من جديد".


درس أعضاء الفريق مداخل الأرض الأساسيّة، وأخذوا المداخل حيث توجد أبنيّة سكنيّة، كي تخدم المنطقة التي تُعمّر حديثاً. "إنّها حديقة متعددة المهمات الترفيهية والفنية والثقافية". خطُّ الطريق داخل المشروع مؤهلٌ لـ"الكزدورة"، إذ يُطلُّ على جهتيّ الحديقة ويُبرز كامل أقسامها. "جزءٌ من الأرض تركناه مزروعاً بالزيتون وعليه عدد من الأخشاب، يخدم حاجات السيران العائلي في الطبيعة نهاية الأسبوع. وجزءٌ آخر، أدخلنا إليه الحركة بغية جذب الناس من وراء السور، ووضعنا ما يشبه العواميد، لكي يضع عليها السكان لوحات ورسومات أو أي شيء آخر يرغبون في عرضه. وثمّة جزءٌ جعلناه مؤهلاً ليكون مسرحاً أو سينما، وهو مساحة واسعة جداً ومفتوحة للأنشطة التي ينظمها السكان والمنظمات والجمعيات".

وهناك مساحة مخصصة للأطفال، "لم نضع فيها ألعاباً جاهزة مثل المراجيح، إنما أطلقنا عليها لقب Folie، وهي عبارة عن قواطع من حديد مطليّة، يستطيع الأطفال من خلالها ابتكار أشكال متعددة ومتنوعة من الألعاب. وتركنا مساحة يتبادل فيها الناس أغراضهم، يضعون فيها الكتب أو أي شيء آخر. أمّا المقهى، فجاء على تلّة الحديقة، من زاوية يطلُّ فيها الجالسون على جميع الأقسام".

في محاذاة الأرض يقبع جامع العطور. والجهة المطلّة عليه، أطلق عليها الفريق اسم "المساحة الروحيّة"، وهي عبارة عن مربعات من الخشب والطين، يسير الناس حفاة عليها. "استوحينا الفكرة من علاج المنعكسات الصيني Reflexoloy، الذي يساعد على الاسترخاء وله كثير من الفوائد الجسدية. وجعلناها مساحة مفتوحة فيها شجر سنديان تسمح للناس بتأمّل السماء".

يتحدّث أعضاء الفريق عن مشروعهم بشغف. الضحكة لا تفارق وجوههم، في كلّ مرّة يقاطع أحدهم الآخر، لإتمام مهمة الشرح. يذكر الطلاب أنّه في التنظيم المدني يجب ترك 25% من المساحة للطرق والحدائق في عملية ضمّ المناطق وفرزها. وعند كلّ نقطة، يرجعون إلى هدفهم الرئيسي، وهو أن يشارك الناس في تكوين حديقتهم، ويدركون معنى المساحة المشتركة في ما بينهم، لتكون مكاناً يحمل هويتهم وبصمتهم الخاصة.


لقد "أعدنا التفكير في مفهوم المساحة العامة، لاسيما بعدما ساد مفهوم تحويل المساحة العامة لمساحةٍ خاصة. نريد أن نكسر هذا المفهوم الخاطئ، كي يتشارك الناس في تنظيم مساحتهم المشتركة ليشعروا بالولاء لها". في المرحلة الأولى، "تحتاج هذه الحديقة إلى منظمٍ يديرها. لكنّ، الهدف على المدى الطويل هو أن يتعلم المجتمع الصغير إدارة مساحته العامة بنفسه، وأن تكون ملكاً للجميع".

فاز الفريق بجائزة السفر إلى ماليزيا لحضور مؤتمر world urban forum. وهذا المشروع، الذي وضعت المسابقة سقف كلفته بمليون و500 ألف دولار أميركي، لم تتجاوز كلفته مع الفريق مليون و100 ألف دولار أميركي. "نعتبر أننا نجحنا في كسر الصورة النمطيّة للمخططين المدنيين في البلد، الذين لا يعطون أهمية لتشكيل المساحات العامة. وكلّ ما نحلم به، هو أن يدخل مشروعنا حيّز التنفيذ بعدما تلقينا وعداً بذلك".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها