السبت 2017/11/25

آخر تحديث: 00:55 (بيروت)

هكذا صار واتساب الصندوق الأسود للسياسيين

السبت 2017/11/25
هكذا صار واتساب الصندوق الأسود للسياسيين
بعض السياسيين كانوا يشعرون بالإهانة إذا تواصل معهم الصحافيون عبر واتسآب (Getty)
increase حجم الخط decrease

بعدما كانت وظيفة واتسآب، وغيرها من تطبيقات الرسائل الأخرى، تقتصر على التواصل الاجتماعي والترفيه والتفاعل السهل بين الناس، نجدها اليوم تشكل همزة وصل أساسية بين فئات المجتمع كافة، ومصدراً لتسريب المعلومات وحلّ الأزمات الدولية.

وخير مثال على الدور الأساسي الذي يمكن أن تلعبه هذه الخدمة، هو ما أعلنته صحيفة لو فيغارو الفرنسية، كاشفة أن الرسائل النصيّة التي تبادلها الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون مع الأمير محمد بن سلمان، كانت كفيلة بالتوصل إلى حل يسمح بإخراج الرئيس سعد الحريري من الرياض.

معظم السياسيين، إن لم نقل جميعهم، باتوا يستخدمون واتسآب في التواصل مع الآخرين. حتى الرئيس الحريري، في خضم أزمة استقالته واحتجازه في المملكة السعودية، كان يتواصل من الرياض مع الشخصيات السياسية اللبنانية عبر واتسآب، من خلال رسائل مقتضبة جداً أو حتى اتّصالات هاتفية قصيرة.

عدوى واتسآب انتقلت إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يستخدمه بشكل مستمر، مع سياسيي الصف الأول ورؤساء الأحزاب. فضلاً عن أن النواب والوزراء باتوا يلجأون إلى هذه الخدمة خلال انعقاد الجلسات النيابية أو الحكومية، لتبادل الآراء والمعلومات، بعدما كانوا ينهمكون في السابق، بتمرير الرسائل الورقية الصغيرة إلى بعضهم البعض، للغاية نفسها.

واتسآب سمح لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وفق مستشارته الإعلامية ألين فرح، بالإستعانة به في معظم الأحيان بدلاً من الردّ المباشر على الاتصال الهاتفي، خصوصا أنه يستحيل عليه الرّدّ على كلّ المكالمات التي ترده، نظراً إلى ضغط العمل الوزاري وكثرة المواعيد والاجتماعات. هكذا، يتيح له واتسآب الإطّلاع على جميع الرسائل الواردة والإجابة عنها حالما تسنح له الفرصة. 

اللافت أنه بعدما كان عدد كبير من السياسيين ينزعجون، لا بل يشعرون بالإهانة إذا تواصل معهم الصحافيون عبر واتسآب، تجدهم اليوم يستخدمونه حتى لإجراء المخابرات الهاتفية. فـ"في وقت نحرص على التواصل مع السياسيين عبر الرقم الخلوي"، يقول الصحافي في جريدة الجمهورية آلان سركيس، "خشية ازعاجهم أو التقليل من شأنهم، يفاجئنا البعض عندما يفوته الاتصال، فيعاود الاتصال بنا مستخدماً واتسآب لإجراء المكالمة".

من المؤكد أنّ التنصّت على هذه الخدمة أمر غير وارد حتى الآن، على عكس الاتصال الهاتفي. ما يشجّع المسؤولين والسياسيين على استخدامها كثيراً. فـ"واتسآب لا يخضع لأي رقابة"، يوضح الإعلامي في المؤسسة اللبنانية للإرسال بسام أبوزيد لـ"المدن"، "ما يسمح بتبادل سري للمعلومات. بالتالي، من غير الممكن أن يعلم أحد بمصدر المعلومة، إلا إذا أراد الصحافي أو المتلقي الإفصاح عنه".

وينفي أبوزيد أن يكون قد صادف مسؤولاً يتهرب من التواصل عبر واتسآب. لكن، هناك من تزعجه الرسائل الصوتية ويفضّل التواصل عبر الرسائل النصية. هذا الواقع ينطبق على المسؤولين السعوديّين أيضاً. إذ اختاروا بدورهم التواصل مع الإعلاميين خلال هذه المرحلة عبر واتسآب، لتسريب المعلومات المطلوبة. كذلك الأمر مع سائر المسؤولين والسياسيين في معظم بلدان العالم. فـ"عندما كنت في world bank في واشنطن"، يروي أبو زيد، "لم أتمكّن من التحدّث إلى عدد من المسؤولين الأميركيين إلا عبر الرسائل النصيّة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها