السبت 2017/10/21

آخر تحديث: 00:15 (بيروت)

الكحول تساعد على تعلم اللغات الأجنبية؟

السبت 2017/10/21
الكحول تساعد على تعلم اللغات الأجنبية؟
الكحول تقضي على الخجل (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

غالباً ما طرح التساؤل: هل للكحول مفعول في تحسين النطق بلغة أجنبية؟ والجواب هو: نعم... إلى حد ما. والـ"حد ما" ذلك هو تحديداً 44 مليليتراً من الكحول، يؤدي تجاوزه إلى بدء العد العكسي، واضمحلال دقة النطق تدريجاً، حتى في اللغة الأم.

إذ تبين من تجارب عديدة، أجريت منذ سبعينات القرن الماضي، أن ما أسكر كثيره، أسهم قليله في تسهيل تعلم اللغات الأجنبية، بالأحرى تيسير النطق بها.

ففي العام 1970، مثلاً، أجرت جامعة هيوستن، في ولاية تكساس الأميركية، تجربة طريفة على مجموعتين من الطلاب: تم تقديم شراب يضم الكحول لإحداهما، وشراب خال من الكحول للأخرى، إنما من دون أن يعرف الطلاب إن كان مشروبهم كحولياً أم لا. وتم اختيار لغة لم يكن لأي منهم أي إلمام سابق بها، وهي التايلاندية. فتبين أن من شربوا كحولاً لغاية 44 مليليتراً صاروا ينطقونها أفضل وأسرع من طلاب المجموعة الأخرى، "الصاحية". لكن، بعد تجاوز ذلك الحد من الكحول، بدأت تظهر عندهم أمارات التلعثم والتفوه بكلام غير متقن، حتى بالإنكليزية. ووصل الارتباك الكلامي إلى ذروته عقب ارتشاف 88 مليلتر كحول. هنا، يبدأ المخمور الخلط بين اللام والراء، السين والشين، الصاد والسين...

وتوالت تجارب مشابهة، أفضت إلى استنتاجات مشابهة، كان آخرها من قبل مجموعة باحثين في هولندا، في تشرين أول 2017. فما سر إسهام كمية كحول محدودة في نطق أفضل للغات الأجنبية؟ يرد الاختصاصيون بالقول إن الكحول، مثلما هو معروف، يقضي على الخجل، ويرفع "الجسارة" إلى مستويات تطاول أحياناً قلة الأدب، وحتى العدوانية. وكم نرى من "خناقات" وشجارات بسبب تعاطي الخمر، مردّها آلية خليوية مثلما سنرى. والخجل، والتخوف من التحدث بشكل مثير للسخرية، غالباً ما يشكلان العقبة الأهم في نطق لغة أجنبية نطقاً سليماً. لكن، ذلك لا يعني أن ارتشاف كأسي "تكيلا" سيحسن نطق الإسبانية باللكنة المكسيكية، أو أن شرب كأسي "سكوتش" سيطور مستوى الإنكليزية بلهجة أهل إسكتلندا.

والأمر ينطبق على اللغة الأم أيضاً. فالكحول، لكونها تقضي على الخجل، أو أقله تخفف حدته، معروف بأنها أفضل "عاتق لسان"، إذ تجعل الصموت الكتوم يتحدث على غير عادته، والثرثار يثرثر أكثر حتى من عادته.

أما تجاوز الحد، فيفضي إلى نتائج معكوسة. فعندما يثمل أحدهم، يترنح في مشيته، ويتلعثم في كلامه. يرفع الكأس وينصب الفاعل، يفتح الزجاجة ويجر المبتدأ. يغضب للاشيء، ولا يحرك ساكناً عندما ينبغي. والتعليل خليوي، يخص تركيب خلايا الجسم. فالخلايا كلها (العصبية منها والعضلية والدماغية) محاطة بغشاء دقيق، مؤلف من طبقتين من مادة شحمية، تنصب وظيفته على إيصال الأوامر العصبية على شكل أيونات (شحنات). وللكحول عادة سيئة، هي أنها تتسرب إلى مجمل الخلايا بعد تذويب ذلك الغشاء الحاجز.

هكذا، تصل الأوامر عشوائية من الدماغ إلى الخلايا. وفي الدماغ نفسه، يتأثر نظام التحكم، ما يؤدي إلى فقدان التوازن وترنح الرِّجلين، إذ تصل الأوامر مفككة إلى الطرفين السفليين. ولأسباب مشابهة، يعجز المخمور عن تقدير المسافات بشكل مضبوط. هكذا، يُركز الدماغ، بما بقي له من "عقل"، على السعي إلى إيجاد التوازن الجسدي، مُهملاً الجوانب الأخرى. ما يؤدي إلى التفوه بأقوال مبهمة أو أداء حركات غير مدروسة بما أنها لم تمر في مرحلة "الغربلة" دماغياً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها