الثلاثاء 2017/01/17

آخر تحديث: 01:11 (بيروت)

جوزف في مكانه: هنا كان يبيع المسيرة قبل 40عاماً

الثلاثاء 2017/01/17
جوزف في مكانه: هنا كان يبيع المسيرة قبل 40عاماً
الطلب على الكتب بات مقروناً بحركة المغتربين الزحليين
increase حجم الخط decrease

في وسط مدينة زحلة التجاري، وفي المفرق المواجه لما يعرف بـ"طلعة الثلج"، مشهد لم يتغير منذ 40 عاماً. جوزف زيادة مع سيارته التي تتحول في ساعات النهار إلى معرض متنقل للجرائد والمجلات والكتب، أصبحا جزءاً لا يتجزأ من الروتين اليومي للمكان، ولايزال هناك إلى اليوم رغم تقدمه في السن وتراجع الطلب على المطبوعات الورقية.

الساعة السابعة والنصف يقود سيارته من حوش الأمراء إلى بولفار المدينة، في الموعد الذي اعتاده زبائنه لملاقاة الصحف، قبل أن يندر طالبوها. وهم في الغالب من المتقدمين في السن.

ولدت هذه المهنة عند جوزف عندما كان شاباً متحزباً في الكتائب اللبنانية. كان متحمساً لتأمين أوسع انتشار لجريدة العمل، التي كانت تصدر عن الكتائب، ومجلة المسيرة التي كانت الأكثر قراءة بين المسيحيين. وعندما قرر التوسع في بيع صحف لبنان الأخرى، وجد له زاوية أكثر استقطاباً في المدينة، سرعان ما عرّفت به. لكن، بسبب هذه المجلة تحديداً، وخلال مرحلة وجود الجيش السوري في زحلة، تعرض جوزف لمضايقات عدة. فسحب إلى عدلية زحلة التي كانت تشغل بعض مكاتبها المخابرات السورية لمنعه من بيع المسيرة. لكن "سوينا الأمور لاحقاً، وبقيت أبيع المسيرة والصحف الأخرى".

كسائر بائعي الصحف، لم يعول جوزف على نسبة 10 في المئة التي كانت تقتطع له حتى يؤمن معيشة عائلته. بل كان يؤمن دخله الأكبر، كما يقول، من بيع الكتب والمجلات. فربى شابين تعلما في جامعة الروح القدس الكسليك، وباتا مهندسين.

بدل جوزف خلال سنوات عمله أكثر من سيارة، من بينها رينو حمراء ورينو 11 وBMW وفيات خمرية هي الأكثر التصاقاً بذاكرة الزاوية. وأخيراً، رينو 18، التي لايزال جوزف يضع كرسيه إلى جانبها أو يحوم في محيطها. فيعرف كثيراً من أخبار المدينة وأهلها، من دون أن يُسهم هو باشاعتها، كما يقول.

تراجع الحيوية التي عرفها بولفار زحلة "في الزمن الجميل"، انعكس على المهنة التي اختارها جوزف. وبعدما كان الناس يحبون قراءة المجلات والكتب، ويحفظون عناوين الكتب ويسعون إلى تأمينها بأي ثمن، يقول جوزف، صارت أكثر الكتب رواجاً هي المتعلقة بالأبراج، التي لها مواسمها في الأعياد. وهناك البعض ممن تستهويهم أنواع من المجلات. أما الطلب على الكتب فبات مقروناً بحركة المغتربين الزحليين، الذين يعول عليهم وحدهم لتأمين استمرايته.

في ساعات النهار، يبقى جوزف جالساً على الكرسي في انتظار "الرزقة"، التي يتفاوت حجمها بين المواسم. فيبدو موسم الصيف الأحب إلى قلبه. إذ إن للمغتربين دوراً في تحريك العجلة. ما ينعكس بشكل كبير على بيع الكتب تحديداً. ورغم الحركة البطيئة في المواسم الأخرى، لا يغير جوزف كثيراً من روتين عمله، وإن كانت ساعات الدوام تتغير بين الشتاء والصيف. أما الآن وفي شتاء زحلة البارد، فيواصل جوزف احتلاله الزاوية نفسها. كأنه مشهد معتاد قد لا يلاحظه أحد، إلا في حال اختفائه عنه لسبب ما.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها