الأحد 2016/09/11

آخر تحديث: 13:49 (بيروت)

قصة صور العرس.. تذكر بالسعادة

الأحد 2016/09/11
قصة صور العرس.. تذكر بالسعادة
يختار الثنائي ما يشبهه (Getty)
increase حجم الخط decrease

في صالون "مودرن" فرشه أبيض، في الطابق الأرضي من متجره، يستقبل المصوّر زبائنه. جدران أربعة تكسوها إطارات مذهبّة من كل الأحجام تبرز في داخلها صورة واحدة بالأبيض والأسود لرجل وامرأة مجهولي الهويّة، أو آلات تصوير قديمة لونها أسود أو بنيّ يبدو وزنها ثقيلاً وعدساتها كبيرة وتعيد إلى الذاكرة أيّام البطاريّة وشريط "النيجاتيف" الطويل.

في الداخل، تلفزيون كبير معلّق على حائط يظهر بشكل مستمرّ صوراً وأعمالاً للمصوّر: امرأة حبلى ترسم بيديها على بطنها شكل قلب. طفلة صغيرة تلبس تنورة زهرية وتلعب فوق العشب الأخضر أو تجرّ عربة. صبيّة في سيّارة مرسيديس سوداء قديمة تزيّن شفتيها بأحمر داكن وفي يديها كفّين من الدانتيل الأسود وحول رقبتها عقد من اللولو الرفيع. غير أن الصور الأكثر تكراراً تعود لثنائي مغرم، في حقل من القمح عند المغيب، في حفل خطوبة وفي "الفرحة الكبيرة".

حول طاولة مستديرة، يجلس العروسان مع المصوّرة. تحاول صاحبة المتجر أن تختار معهما مكان التصوير، الفكرة والأسلوب. تسألهما عم ذوقيهما، عمّا إذا كانا "كلاسيكيّين" يفضّلان جلسة تصوير على شاطئ البحر مثلاً أم أكثر عصريّة، فيتم تصوير مشهد تقف فيه الصبية على حافة الطريق تنتظر سيارة تقلّها فيأتي العريس؟ الخيارات كثيرة والقصص أكثر. تسأل المصوّرة عن علاقة الثنائي: كيف تعارفا؟ متى وأين اعترف كل منهما للآخر بالحب للمرة الأولى؟ هل كانا في الأصل جيراناً، أو زميلي عمل أو لهما أصدقاء مشتركين؟

يخبر العروسان أنّهما كانا في الأساس جيراناً لكن علاقتهما التي لم تتعدَّ الـ"مرحبا" موسميّة توطّدت في الفترة الأولى على فايسبوك. يعدّان نفسيهما "كلاسيكيين" جداً، وتقليديين حتى. يفضلان شاطئ البحر الرملي، بثياب بيضاء وهواء وشمس تذوب في الأفق. تمّ الإتفاق إذاً وتحدّد الموعد. في غرفة العمليّات، في الطابق العلوي، حيث الأجهزة والمصوّر والمحرر اللذين يعملان على الصور والفيديوهات بعد التقاطها، يحاول أحد الموظفين أن يقنع العروس أن تسجّل صوتها على الفيديو وهي تردد بعض العبارات الرومنسيّة عن مشاعرها تجاه العرس وحبيبها وحياتهما الجديدة. تقول إنّها ليست موهوبة بالكتابة أو حتى للعبارات الرومنسية. لكنه يطمئنها قائلاً إنه يحضر لها المقطع "خالص مخلّص"، بعد البحث عنه على غوغل، باللغة الإنكليزية لكونها "أرتب". ترفض العروس الفكرة من أصلها، وترفض أن تعبّر بكلمات ليست منها ولغة ليست لها.

يبقى على صاحبة المتجر أن تقنع زبونتها بأمر واحد تراه أساسياً: أن تتصور بالفستان مع العريس، يوم العرس، قبل أن يتوجّها إلى الكنيسة. لكنّ العروس التي تحلم بعرس تقليدي تفضل أن يراها العريس بفستانها الأبيض للمرّة الأولى فيما تمشي للقياه، من مدخل الكنيسة إلى المذبح. يتجادلان طويلاً لكنّ الكلمة الفصل تبقى للعروس.

أصبح الثنائي اليوم يبحث عن مصوّر يقدّم لهما عرضاً يشمل تصوير العرس كاملاً، من الصباح الباكر في بيت العروسين إلى الإكليل ثم إلى الحفل ليلاً. إضافة إلى جلسات تصوير تسبق العرس وتعرف بـPre-wedding. يقول المصوّر الشاب جوزيف سعادة إن الموضة أصبحت تقتضي متابعة العروسين قبل فترة من يوم زفافهما. فـ"من الضروري أن تتوطد العلاقة بين المصوّر وفريقه من جهة، والعروسين من جهة أخرى، بحيث تكون الصور أكثر عفويّة ويكون العروسان مرتاحين في يومهما المنتظر أمام عدسة المصوّر"، يشرح سعاده الذي يفضل أن يلتقي مرّات عدّة بالثنائي كي يتشكل بينهم نوعٌ من الصداقة والراحة.

تختلف الزوايا التي تؤخذ منها الصور، وتختلف أيضاً القصص التي ترويها فيديوهات الثنائي، وتختلف المواضيع والأزياء والأماكن والزمن، بين من يفضل الليل على النهار، الفجر على المغيب، أو الظهيرة تحت شمس حارقة. يختار الثنائي ما يشبهه، وفي بعض الأحيان يخرج عن المألوف فيستعين بكلب لم يتعرف إليه من قبل لمجرد أنه يبدو جميلاً في الصور، إذا ما جرى خلف العروسين وهما يركضان على شاطئ البحر. في جلسة أخرى، يفرش الشرشف الأحمر والأبيض على عشب أخضر وتحضر قناني المربّى الملوّنة ويتصوّر العروسان وكأنهما في رحلة يوم الأحد إلى الطبيعة. غيرهما يختار بيتاً مهجوراً يتصور تحت قناطره أو عند جدران من الحجر، أو في غابة أشجارها باسقة أو في كروم العنب تجمعهما زجاجة نبيذ. وبعيداً من المألوف، يشير جوزيف سعاده إلى أنه يستعد لجلسة تصوير ثنائيّ تحت المياه!

ويروي مصوّر آخر، شابٌ أيضاً، تجربته مع عدد كبير من زبائنه. المصوّر الذي يتبع العروسين إلى فرنسا واليونان وإيطاليا وأميركا وسويسرا وغيرها من البلدان، يقول إنّه هو نفسه لن يتزوّج. يحكي المصوّر كيف أنّ عدسته، في الحقيقة، تجعل الأمور تبدو أكثر جمالاً مما هي عليه وأكثر صفاءً. "غالباً ما تربطني علاقة صداقة بالثنائي بحكم ساعات التصوير الطويلة، قبل الزفاف وخلاله"، يقول المصوّر. يضيف: "غير أنّ اللافت للنظر هو لقائي بالثنائي بعد الزفاف بسنة أو سنتين، حيث يكون أحدهما غير سعيد". في إحدى المرّات، إعترف له عروسان تزوّجا قبل سنتين، من دون خجل، أنّهما كانا أكثر سعادة قبل سنتين من اليوم. على الأقل، لديهما صور جميلة بوجوه ضاحكة يعلقانها على جدران تذكّرهما لما هما الآن يعيشان معاً بينها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها