الإثنين 2016/08/29

آخر تحديث: 07:45 (بيروت)

كيف وصل الحراك إلى يوم 29 آب؟

الإثنين 2016/08/29
كيف وصل الحراك إلى يوم 29 آب؟
سبق يوم 29 آب 7 أيام من التطورات والتغيرات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

كثر الكلام والتحليل عن التظاهرات التي عاشتها ساحات بيروت صيف العام 2015. لكنّ يبقى الأسبوع "التاريخي" في مسيرة الحراك هو الأسبوع الذي بدأ في 22 آب، يوم الرصاص الحيّ، وانتهى في 29 آب، يوم التظاهرة الأكثر حشداً.

22- 23 آب
"لا يمكن فصل ما حصل خلال يومي 22 و23 آب ونزول الناس إلى الشارع عما حصل في 18 آب"، وفق الناشط وارف سليمان. ففي ذلك اليوم، أي 18 آب، فُضت عروض الشركات التي ستقوم بجمع النفايات ودعا فيه شباب طلعت ريحتكم، التي كانت المجموعة الوحيدة المعروفة حينذاك، إلى تظاهرة في ساحة رياض الصلح. وفي حال كان عدد المتظاهرين قليلاً فهم بحاجة إلى "إنتحاريين" مثل سليمان يحاولون إقتحام السراي ورشق البيض على الأمن ومكافحة الشغب. وهذا ما حصل، وتمّ اعتقال شباب من طلعت ريحتكم (سليمان، لوسيان بورجيلي، حسن شمص وأسعد ذبيان) وبعدها نزل الناس للمطالبة بإخراجهم وتمّ الإعتداء على المعتصمين. وهذه كانت شرارة نزول الناس بأعداد هائلة في 22 آب. فـ"غباء السلطة في التعامل معنا وقدرتنا على خلق حدث وإعلاء الصوت من لا شيء أعطى التظاهرات زخماً جديداً"، وفقه.

في 22 آب كانت الدعوة إلى ساحة النجمة، لكن مداخلها كانت مغلقة. جرت محاولات من المتظاهرين لدخول الساحة من جهة أسواق بيروت، وهناك بدأ الرصاص. فصُدم المتظاهرون. حتّى الذين اعتادوا على التظاهرات منهم لم يعتادوا على إطلاق النار. فبدأ الناس ينزلون لمواجهة مكافحة الشغب، وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق خارج البلاد. فتم التواصل مع رئيس شرطة بيروت، المسؤول في حينها عن التظاهرات، للسماح للمتظاهرين بالعودة إلى رياض الصلح. وعادوا.

يقول واصف الحركة، محامٍ في مجموعة بدنا نحاسب، إنّ "22 آب كان يوم تعنيف السلطة لكلّ الناس، وليس لمجموعة معيّنة فحسب. وهذا ما ساهم في تعزيز التضامن مع التظاهرة، وأدى إلى نزول أعداد هائلة جعلتنا حائرين أمام ما يمكن أن نفعله وعاجزين عن التحكّم بالشارع. فحتّى بعضاً من جمهور الأحزاب نزل إلى الشارع".

بعد نهار طويل من الكرّ والفرّ مع الأمن ومكافحة الشغب، نصب بعض الناشطين خيماً وناموا في الساحة سعياً منهم للحفاظ على الزخم. وفي رواية بدنا نحاسب، فإن الفضل في البقاء في الشارع في تلك الليلة يعود إليهم، حيث أنّ "البعض أراد التراجع"، وفق الحركة. وفي تلك اللحظة بدأت بوادر تأسيس هذه المجموعة، التي لم تكن موجودة في اسمها الحالي بعد.

في اليوم التالي، أي 23 آب، تكاثر الناس، كما يقول سليمان، وبرزت أزمة أصبحت منعطفاً في مسيرة الحراك: "المندسّون"، الذين كانوا مجموعة من شباب حي الخندق الغميق، وقد صورتهم كاميرات الإعلام وهم يحملون عبوات بلاستيكية ويتجهون نحو إزالة السياج الذي كانت قد وضعته السلطة، وإفتعال الحرائق ليلاً. انقسم الحراك. بعض الناشطين رفض وجود هؤلاء، لأنهم يشوهّون صورة الحراك. والبعض الآخر اعتبر أنهم ممثلو طبقة اجتماعية من حقّها أن تعبّر عن نفسها بالطريقة التي تريد.

اثر هذا الانقسام، بادرت طلعت ريحتكم إلى تأجيل التحرك والدعوة إلى تظاهرة في 29 آب. لكنّ ناشطين آخرين، كما هي حال بدنا نحاسب، رفضوا ذلك. ويروي سليمان، الذي كان حينها ناشطاً في طلعت ريحتكم، أن المجموعة عقدت اجتماعاً وصوتت على الخروج من الشارع. وفي الليلة نفسها، جاء خبر إصابة الشاب محمد قصير في ساحة رياض الصلح، وكانت حاله حرجة. فانتقل المتظاهرون من رياض الصلح إلى ساحة الشهداء. وكان هذا الانتقال، المتأثر بهول ما أصاب قصير، نهاية اليومين اللذين هزّا الشارع اللبناني.

24- 28 آب
كانت هذه الأيام فترة ترقّب وتحضير لما سيحصل في 29 آب. فدعوة طلعت ريحتكم إلى تأجيل التظاهرة لم تكن موضع ترحيب من آخرين، لكنّها فرضت على الجميع بحكم أن طلعت ريحتكم كانت الصوت الأعلى. وتعتبر هذه الفترة بداية تشكّل المجموعات وظهورها إعلامياً. فكلام سليمان عن استغلال بدنا نحاسب لإنسحاب طلعت ريحتكم للتحكم بالشارع في هذه الفترة يؤكده الحركة.

وخلال هذه الفترة، نشطت مجدداً مجموعة حلّوا عنّا بعدما كانت ناشطة في حراك إسقاط النظام الطائفي في العام 2011، وبدأت تبرز هويّة الشعب يريد أكثر، وعلا صوت مجموعة عالشارع، التي كانت أقوى على فايسبوك منها على الأرض، وضجّ إسمها بعد تسميتها نبيه بري وحسن نصرالله في صور أنتجتها.

ومن أبرز الأحداث التي حصلت في هذه الفترة كانت تظاهرة إضاءة الشموع، التي وصلت إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، تضامناً مع قصير، وإزالة الجدار الباطوني الذي وضعته السلطة أمام السراي وبروز فضيحة مناقصات جديدة. خلال هذه الأيام، وتحضيراً للتظاهرة الحاشدة، لم يخل الشارع، وتحديداً ساحة رياض الصلح من المحتجين.

29 آب
يقول سليمان إنّه نام مع عدد من رفاقه في طلعت ريحتكم في ساحة الشهداء، ليلة 28 آب ليحمّسوا الناس. وهذا ما حصل، إذ كانت ساحة الشهداء ليلة 29 آب مليئة بالصور واليافطات التي تسخر من السلطة. وكان مشروع 29 آب هو الإستفادة من كل الأحداث التي جرت في الأسبوع السابق وحشد العدد الأكبر من الناس على الأرض.

كان يفترض أن يكون تحرك 29 آب على شكل إعتصام في ساحة الشهداء. لكن الاتفاق تغيّر، فأضيف إلى الإعتصام مسيرة من وزارة الداخلية إلى ساحة الشهداء. وتفرعت المسيرات وصبت في الساحة. شكّلت الحشود تظاهرة ضخمة أعتبرت الأكبر من بين التحركات اللاطائفية. لكن هذا اليوم تميز بغياب التنظيم ومركزية الصوت وإنشغال كل مجموعة بمزاجها. ما أدى إلى فشله تنظيمياً، وفق الناشط أسعد ذبيان، فتلت البيان صبية لا أحد يعرفها، "وأعطت فيه السلطة مهلة 72 ساعة لتحقيق المطالب أو يلجأ الحراك إلى التصعيد".

في 1 أيلول، كان اقتحام ناشطين في طلعت ريحتكم، من دون التنسيق مع المجموعات الأخرى، لوزارة البيئة في اللعازارية التصعيد الموعود. وبعدها سار الحراك في مسار انحداري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها