الأحد 2016/08/28

آخر تحديث: 02:46 (بيروت)

علي طي: الحراك إرهاصات تسبق الزلزال

الأحد 2016/08/28
علي طي: الحراك إرهاصات تسبق الزلزال
يعتقد طي أن الحراك بدأ بالتراجع بعد 29 آب (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

في 22 تموز 2015، بدأت تحركات ما سيعرف لاحقاً بـ"الحراك المدني"، على خلفية أزمة النفايات. أقله، في السنوات الخمس الماضية، كان الحراك التجربة الأكثر تعبيراً عن سعي فئات متعددة من اللبنانيين إلى إحداث تغيير ما، وإن لم تكن خاتمته، وما وصل إليه أو أنتجه، واضحة أو جذرية. كان تجريباً ضرورياً، في كل الأحوال. خلال الأيام المقبلة، تستعيد "المدن" الحراك في سلسلة مقابلات مع أبرز فاعليه. وفي ما يلي مقابلة مع الناشط في مجموعة حلّوا عنا علي طي.


إنجاز الحراك الأول، وفق طي، أنه حصل. فقبل أشهر منه، لم يكن هناك ما يوحي بإمكانية حصول تحركات مشابهة، إذ "كنا في حالة موت عام". وهذا ما يمكن ربطه، في السياق، بيأس ما بعد تظاهرات إسقاط النظام الطائفي في العام 2011. وطي نفسه تأخر في التفاعل مع الحراك، لفقدانه الأمل.

لكن الحدثين ليسا متشابهين، وإن كانا قد ضما وجوهاً مشتركة. فحدث 2011، إستمد زخمه من الربيع العربي، وكان فاعلوه الرئيسيون من يعرف بالناشطين اليساريين، وفق طي. أما حدث 2015، فإستمد زخمة من مشكلة النفايات، "وشعور الناس بالإهانة، وصعوبة ايجاد حلول فردية لها، كما في الكهرباء مثلاً، أي حاجتهم إليه، خصوصاً أن التمويه السياسي صار مكشوفاً". وفي الأساس، تغير الفاعلون. دخلت أساليب جديدة من العمل مع مجموعة طلعت ريحتكم، يرى طي أنها "ألطف وأقرب إلى الناس وأفعل. وساعدت التغطية الإعلامية والتمكّن من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك".

على أن التناقض في أساليب العمل، الذي عززه بروز عدد من المجموعات، بقي غالباً. أقله، كما يفهم من كلام طي، أن نزعة من يعرّفون أنفسهم على أنهم يساريون، والذين لا يمكن أن يخفوا قربهم من قوى 8 آذار، كانت ثقلاً على الحراك. وهو ثقل يبدأ من صراع لغوي ضد إستعمال العامية، كما دأبت طلعت ريحتكم في خطاباتها، وفق المثل الذي يطرحه طي، ثم عدم تقبلهم التام شعار "كلن يعني كلن"، وصولاً إلى ما يسميه بـ"نمط الحياة". أي تعود هذه المجموعات على "نمط العمل الهامشي. فهم لا مشكلة عندهم في أن ينزلوا في كل أسبوع إلى تظاهرة، وإن كانت قليلة العدد".

لا يميل طي إلى تحميل سبب بعينه مسؤولية "الهبوط التدريجي"، الذي شهده الحراك بعد أشهر من انطلاقته. لا التنافس، بين طلعت ريحتكم وبدنا نحاسب، سبب، ولا غياب التنظيم، ولا عنف القوى الأمنية، الذي "لم يكن بطشاً فعلياً، بل عنفاً في مراحله الأولى، طالما أنها لم تضطر إلى اللجوء إلى مراحل أقوى". وهو يعتقد أن هناك أسباباً عديدة "على الأرض"، لا يمكن تحديدها بدقة. لكنه، إذا فكّر بصوت عالٍ، يعتقد أن "الناس سلّفتك، فتحركت، لكنك لم تصل إلى نتيجة سريعة. وهذا مفهوم. نحن نواجه نظاماً صعباً. العمل التراكمي ضروري. والحراك كان خطوة، سيأتي بالضرورة ما بعدها".

لكن متى بدأ الحراك يفقد زخمه؟

كان الحشد الذي شارك في تظاهرة 29 آب 2015 "مفاجأة لنا، نحن الذين دعونا إلى المشاركة فيها. لم نكن، في أفضل الاحتمالات، نتوقع هذا النجاح. كأننا وصلنا سريعاً إلى الذروة". لكن هذه الذروة، التي عززت بمطالب "سقفها عال، ولم أكن أؤيدها"، وفق ما يقول طي، بدءاً من استقالة وزير البيئة واجراء انتخابات نيابية، وصولاً إلى مهلة 72 ساعة التي منحت إلى الحكومة لإعلان حل لأزمة النفايات، انقلبت على الحراك. وهذه 72 ساعة، الغامضة، "التي تبرّأ منها كثيرون لاحقاً"، طرحت على الحراك السؤال الصعب: ما هي الخطوة التالية؟

"نتظاهر مجدداً؟"، يسأل طي، أو "ماذا نفعل بتفويض الناس؟ كيف يمكن أن نضغط على السلطة؟ فكرنا في العصيان المدني، لكن هل يمكن أن ينجح؟". الحل، في حينها، كان دخول طلعت ريحتكم وحلوا عنا إلى وزارة البيئة، بالإضافة إلى صدف أمنت مشاركة مجموعات أخرى في "الاقتحام". لكن ماذا بعد الخروج من وزارة البيئة؟ بقي السؤال معلقاً. ووفق طي، كان الحراك أمام خيارين، "إما الإنتقال إلى حالة حزبية، لأن حراكاً كهذا لا يمكن تطويره من دون اطار توجيهي حزبي، وهذا ما يعني انهاء التصعيد"، أو "نكمل التصعيد". وفي حين ذهب الحراك في الاتجاه الأخير "صار الزخم يقل مع الوقت، وتحولت التحركات إلى تحركات الناشطين فحسب".

الحراك كان تجربة جيدة، "حتى على المستوى الشخصي"، يقول طي. وهو يشبهه، كمرحلة أولى، بـ"الارهاصات التي تسبق الزلزال. صحيح أنه لم يخف السلطة، لكنه شكل نقزة لها. الأكيد أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وناس كثيرون ما عادوا يتأثرون بالخطاب الطائفي والتجيشي".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها