السبت 2016/07/23

آخر تحديث: 10:41 (بيروت)

انتخابات "اللبنانية": عندما علق نبيه برّي وساماً على صدري

السبت 2016/07/23
انتخابات "اللبنانية": عندما علق نبيه برّي وساماً على صدري
"اللبنانية" في مسار اختيارها مرشحها لرئاستها في مأزق مضاعف (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
تبدو "الجامعة اللبنانية"، في مسار اختيارها مرشحها لرئاستها، وفصلها الصوري بين السياسي/ المذهبي والأكاديمي، كأنها في مأزق مضاعف. فمعيار الكفاءة، الذي يفرض العرف حصره بالشيعة من أساتذتها المرشحين يربط بخيارات "القوى السياسية". وهذا ما لا يفاجئ أحداً، في المبدأ. لكن بيانين صدرا، بعد إعلان النتائج يوم الجمعة، بيّنا أن هذه الآلية، في تسلسلها العُرفي، مازالت تفاجئ بعضاً من أساتذة "اللبنانية"، على الأقل. وهذه مشكلة تطرح سؤالاً ترتيبياً: مَن يسبق، في تأمين وصول هؤلاء الأساتذة إلى مناصبهم وترقّيهم بعدها، أكاديميتهم أم ولاؤهم السياسي؟


ما يفهم من بيان الدكتور تيسير حمية، وهو عميد سابق لكلية الزراعة وأحد المرشحين، والموعود من "الثنائي الشيعي" بتعيينه رئيساً منذ سنوات، على ما قال، قبل أن تتغير الاتفاقات "قبل دقائق" من الانتخابات، الجمعة، فإن المعيار الأكاديمي هو الأساس. وهذا سرد مفخخ. فحمية، الذي يعتبر أنه أقصي لأن زوجته محجبة، بعد تحفظ الأحزاب المسيحية عليه، ولأنه حقق المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في كلية الزراعة، بعدما كانت الغلبة للأول، يلعب بين المعيارين ليقول الضدين. فترقيه، الموعود من قبل "الثنائي الشيعي"، أي السياسي/ المذهبي، معزز بأكاديميته، أي تحصيله "ثلاث شهادات دكتوراه في الرياضيات والكيمياء الفيزيائية وإدارة الأبحاث". فالأولوية للمعيارين معاً، لكن في انفصالهما.

لكن حمية، في غضبه، يزعل حين تلعب السياسة به. أي حين تضغط أحزاب لإخراجه، بغض النظر عن كفاءته وحب الناس له. وهذا هزال لا آخر له. فهو أكاديمي، رفيع المستوى، لكنه يؤكد أنه مدعوم –وموعود- سياسياً، وأن السياسة هي التي تقرر، كما في ركونه إلى شهادة رئيس مجلس النواب نبيه برّي فيه، وهي شهادة تُشرّف حقاً وقد صارت "وساماً أعلقه على صدري". لكنه يزعل حين لا يكون القرار السياسي موجهاً نحو خياره، فيصير معيار "الإنتماء السياسي"، الذي كان يتفاخر به قبل أسطر، عيباً.

وهذا الهراء لا ينتجه غير أستاذ في "الجامعة اللبنانية"، يريد أن يكون في صورتي أكاديميته وولائه السياسي. على أن يميل إلى واحدة منهما عند الحاجة، كما في تقلب حمية نفسه. وهذا ما لا يعيب أحداً. فالناس تريد أن تشتغل، والطموح لا يضر أحداً. وربما يكون حمية، فعلاً، أفضل المرشحين. لكن الدخول في اللعب –واللعب توصيف ينقله حمية عن برّي- يعني تحمل لعب الآخرين. وهذه السياسة عندنا، كما يفترض أن يشرح أحد لحمية، المدافع عن "حقوق المظلومين والمحرومين من طلاب وأساتذة وموظفين"، في خمينية لا تفوت أحداً.

لكن، من قال إن الأكاديمية أعلى مكانة من السياسة وخياراتها؟

أقله، هذه صورتهم عن أنفسهم. أو وهمهم المهني المُعزز بالمعايير العلمية والضوابط البحثية، في اجتماعاتهم الخاصة، كما في تمثلاتهم في المجال العام. لكن السياسة تبقى هي السلطة، وهي، في معنى ما، العلم. والأخير، كما يمكن لحمية أن يفهمه في أكاديميته الهشة والمرهونة بالوعود، ليس غير أداة الأولى. بيد أن المسألة، في ما نحن عليه، ليست أكثر من مسألة حظ سيء. كأن يكون برّي، خير السياسيين عندنا، وزينتهم، موزع أوسمة كلامية أكثر قيمة من ثلاث شهادات دكتوراه، كما يمكن لحمية أن يعترف يوماً ما بعد أن يزول غضبه.

والحال أن حمية، في حالته هذه، يبقى أهون من حالة زميله، في كلية الإعلام، الدكتور علي رمال، المرشح المنسحب. فالأخير اكتشف صباح الجمعة أن الانتخابات بترشيحاتها واقتراعها ونتائجها تُدار من "خارج أسوار الجامعة". وهذا ما لا يراه غير مَن كُشف عنهم الحجاب طبعاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها