الأربعاء 2016/07/20

آخر تحديث: 17:26 (بيروت)

جبشيت على خطى عيترون: البلدية تتدخّل بالأخلاق

جبشيت على خطى عيترون: البلدية تتدخّل بالأخلاق
يؤكد "حزب الله" أنه لا يمارس الفرض والقمع على أحد (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
القرار الذي أصدرته بلدية جبشيت الجنوبية، في التاسع من تموز الحالي، حوّل البلدية إلى شرطي ثقافي، في طلبها من صاحب محل للتسلية الإقفال نصف ساعة عند بدء كل صلاة، ويوم الجمعة، مع التشديد على عدم الاختلاط بين الذكور والإناث.


هذا في الشكل. أما في الأساس، فإن القرار يكرس البلدية وصياً على الحقوق والحريات، ضارباً بعرض الحائط أبسط قواعد الحريات الفردية. ويقول رئيس البلدية محمد فحص لـ"المدن" إن "البيان الذي أصدره مجلسنا هو مجموعة من الضوابط الأخلاقية بعد شكاوى عديدة وصلت إلينا من أهلنا، والهدف منه هو عدم إقلاق راحة الأهالي".

لكن كلام فحص لا ينتهي عند هذا الحد، بل يقول: "ليس لدينا إناث يسهرن ويختلطن بالشباب حتى منتصف الليل. وذكر ذلك في الضوابط هو خطوة إلى المستقبل، للحفاظ على قيم مجتمعنا". لكن هل تفرض هذه القيم الإقفال في مواقيت الصلاة؟ يجيب فحص: "لن نفرض على أحد الإقفال بالقوة. كل ما في الأمر أننا ذكّرنا بقيمنا الأخلاقية". وعند تذكيره أن دور البلدية انمائي وليس إقصائياً، يقول: "شو الإنماء انو الصبايا يشربو أرجيلة مع الشباب؟".

موقف بلدية جبشيت أثار لدى كثيرين مخاوف من أن يكون "حزب الله" قد بدأ التكفير في مناطق نفوذه جنوباً. لكن "حزب الله" يتبرّأ من قرار بلدية جبشيت، على إعتبار أنه قرار مستقل لبلدية مستقلة. ويقول مسؤول العمل البلدي في النبطية في الحزب محمد حرب لـ"المدن" إن "حزب الله لا يمارس الفرض والقمع على أحد. وما صدر عن بلدية جبشيت متعلق بحيثيات لا نعرفها ولن نعلق عليها قبل الإطلاع على خلفيات القرار".

ويشكك مسؤول العمل البلدي في "حركة أمل" بسام طليس في احتمال أن يكون "حزب الله" قد اتخذ قراراً مركزياً بتحديد مواقيت لإقفال المحال بالتزامن مع أوقات الصلاة وأيام الجمعة. ويقول لـ"المدن" إنه "في حال قرر الحزب تعميم أي إجراء كنا علمنا به، إلا أن هذا الموضوع يبدو محصوراً في بلدية دون سواها، أي بلدية جبشيت".

ويؤكد طليس لـ"المدن" أن "أمل" تعتبر قرار بلدية جبشيت حالة خاصة في بلدة محددة، بيد أن "المسائل لا تعالج بهذه الطريقة. وكان يفترض برئيس البلدية أن يقابل صاحب المحل ويطلب منه حل الأمور، في حال كان هناك ما يُشكّل خطراً على الآداب العامة، لا أن يُصدر قراراً يحدد فيه مواعيد الإقفال وعدم الإختلاط، إذ إن القرار ليس في مصلحة البلدية، خصوصاً أن دور البلديات إنمائي وليس إقصائياً".

من جهته، يغلّب مسؤول الملف البلدي في "الحزب الشيوعي" محمد المولى الحقوق الدستورية والعمل التنموي على النزعات الإنفصالية لبعض البلديات. ويقول لـ"المدن" إنه "يجب على البلديات أن تمارس استقلاليتها عن السلطة السياسية في المسائل التنموية، التي ترفع من مستوى التقديمات الخدماتية للمواطن. أما في ما يتعلق بالحريات الشخصية وحياة المواطنين، فالدستور يضمن حرية المعتقد. من هنا، فإن تدخل بلدية بأوقات العطلة وفرض عدم الإختلاط يشكل اعتداءً صارخاً على الحرية الشخصية، التي لا يمكن للسلطة السياسية والبلديات انتهاكها".

ولا يساوم المولى بتاتاً مع قرار بلدية جبشيت، معتبراً أنه "ليس كافياً التعبير عن مواجهة التكفيريين، فيما ينحو النافذون في بعض القرى إلى تبرير الممارسات نفسها".

عيترون
لم تهدأ بلدة عيترون الجنوبية منذ إكتشاف نيّة فريق في البلدية منع دخول النساء إلى المسبح العام في البلدة. ما دفع البلدية، يوم الأربعاء في 20 تموز، إلى نشر ما كانت أقرته "لجنة متابعة مسبح عيترون" في جلستها في 15 تموز الحالي لتحديد دوام الإفتتاح والحضور إلى المسبح وقد علّقت منشوراً في المسبح يفيد بالدوامات المعتمدة. وهذا ما أكده رئيس البلدية سليم مراد في حديث إلى "المدن".

ويقول مراد إنه "لا يوجد مشكلة في الأصل، والبلدية لم تمنع النساء من الدخول إلى المسبح"، داعياً الجميع إلى إرتياد المسبح رجالاً ونساءً. لكن مراد سرعان ما يلفت النظر إلى أن "المسبح في الأساس مخصص للرجال، ووجود النساء ضمن الدوام المخصص للأطفال لا يعني أن تنزل النسوة إلى المسبح"، قائلاً إن "من يريد السباحة يمكنه الذهاب إلى البحر أو النهر أو المسابح الموجودة في المناطق المجاورة". ومراد لا يعبر عن موقف في حال نزلت إحدى النسوة إلى المسبح، حتى ضمن دوام الأطفال، مكتفياً بالإشارة إلى أن "النساء بإرادتهنّ لن ينزلن إلى المسبح".

واللافت أن البلاغ الذي علّق في المسبح لم يحمل ختم البلدية. وهذا ما يراه شبّان البلدة "تهرباً من المسؤولية وتمييعاً للقرار المبطّن الذي يمنع النساء من دخول المسبح في أوقات سباحة الرجال، وهو القضية الأساس". وتشير مصادر شبابية في البلدة لـ"المدن" إلى أن "وضع عبارة نساء مع أطفالهن في الدوام الصباحي لا يعني أن النساء يمكنهن السباحة مع أطفالهن، بل يمكنهن دخول المسبح فقط. وهذا ما إلتبس على كثير من الناس الذين ظنوا أن هذه العبارة تعني تحديد موعد سباحة للنساء".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها