الجمعة 2016/06/03

آخر تحديث: 20:48 (بيروت)

من يريد معرفة أحوال الفلسطينيين في لبنان؟ إلى الأسوأ

الجمعة 2016/06/03
من يريد معرفة أحوال الفلسطينيين في لبنان؟ إلى الأسوأ
86% من اللاجئين الفلسطينيين يعملون من دون عقود عمل (أرشيف: خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

في خمس سنوات، أي من العام 2010 إلى العام 2015، لم تتغير أحوال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بل ذهبت إلى الأسوأ. هذا الاستنتاج الأولي، تطرحه دراسة "الحالة الإقتصاديّة والاجتماعيّة للاجئين الفلسطينيين في لبنان 2015"، أنجزها فريق عمل من "الجامعة الأميركية" في بيروت، ترأسه أستاذ الإقتصاد في "الأميركية" الدكتور جاد شعبان، بالتعاون مع فريق عمل من وكالة الأمم المتّحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، التي أطلقت نتائجها الجمعة.

نتائج ثابتة
بعد الملل الإفتتاحي الرسمي، الذي حركه كلام عاطفي عن معاناة الفلسطينيين، بدأت المقارنة بين نتائج الدراسة الحالية، والدراسة التي كان شعبان قد أنجزها، وفريق عمله، في العام 2010، باعتبار السنوات الخمس هذه "المعدّل اللازم لمتابعة الواقع الإقتصادي والاجتماعي لبيئة معيّنة"، بالركون إلى معايير محددة مثل الديموغرافيا، الفقر، التعليم، العمل، الصحّة، سلامة الطعام ونوعيّة السكن.

ديموغرافياً، لا يزال 63% من فلسطينيي لبنان يعيشون داخل المخيّمات، و37% منهم يعيشون خارجها. وهي نسبة مماثلة تقريباً لما سُجل في العام 2010. أما نسبة الفقر، فلم تسجل دراسة شعبان الجديدة أي اختلافات ملحوظة عن سابقتها، فلا يزال 65% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون في الفقر، في حين النسبة الغالبة منه بقيت عند الشباب. فـ74% منهم يعيشون تحت خط الفقر الأعلى، و5% تحت خط الفقر الأدنى. في حين أن البطالة لم تتجاوز 23.2%، وهي نسبة مرتفعة طبعاً. إلا أن نحو 86% من اللاجئين يعملون من دون عقود عمل، وشروط عيشهم سيئة، إذ إن 61% منهم لا يزالون يشترون المياه لتأمين حاجاتهم المنزلية منها، كما في دراسة 2010. أما الأمراض المزمنة عند كبار السن فتضاعفت بين هذين العامين.

التحسن الوحيد الذي سجله شعبان كان على المستوى التعليمي. فـ97% مسجلون في المدارس الابتدائية، و84% مسجلون في الحضانة، في حين لم تتجاوز نسبة التسرب 15%. وقد زادت نسبة التعليم الثانوي من 51% في 2010 إلى 61% في 2015. لكن هذا التطور العددي قابله سؤال، من أحد الحاضرين عن نوعيّة التعليم. "ففي بعض المدارس الصف الذي كان يضم 35 طالباً أصبح يضم 50. العدد زاد لكن نوعيّة التعليم تراجعت".

دراسة العام 2015، أضافت فلسطينيين جدداً، هم اللاجئون من سوريا، والذين يقدر عددهم بـ53 ألف فلسطيني. وفي عينة لم تتجاوز ألف شخص منهم، تبين أن 55% يعيشون دون خط الفقر الأعلى و9% يعيشون دون خط الفقر الأدنى، و57% يدخلون التعليم الثانوي، و98% يعملون من دون عقود، و99% لا يملكون ضماناً صحياً، و94% يأكلون طعاماً غير صحي، و47% يعيشون في بيوت مكتظّة، بالإضافة إلى أن 61% لا يشعرون بالأمان في منازلهم.

وأنهى شعبان تقديم دراسته بالتلميح إلى أن "الأونروا" وتمويلها الحالي، الذي ما زال هو نفسه رغم زيادة عدد اللاجئين وزيادة حاجاتهم، لا يكفي. ورأى أنه "لا بدّ من تدخل سياسي وإلّا لا سبيل لحل هذه الأزمة وسيبقى الفلسطيني يهرب بالقوارب نحو أوروبا"، تاركاً حيرة على وجوه كثيرين من الحضور، الذين لم يرُّ أمامهم سوى لاجئ فلسطيني لا يملك أوراق لجوء رسميّة ويعيش تحت خط الفقر ويعيش في بيئة سكنيّة مزدحمة ولا مستقبل إبداعياً له.

لكنّ السؤال الذي يوجّه إلى شعبان، ومعدّي الدراسة، أنّه في الوقت الذي أظهرت فيه دراسة 2015 تدهوراً أو ثباتاً، مقارنة بنتائج دراسة 2010، ما هو مصير التوصيات التي طرحتها الدراسة الأولى، وتالياً الدراسة الثانية؟ وما مدى فعالية هذه الدراسات ومدى إستفادة الفلسطينيين منها؟ لكن جواب هذا السؤال يحال دائماً إلى "المشكلة السياسية".

مظلوميّة وتصدّع فلسطيني
لا بدّ أن النتائج السلبيّة للدراسة لم تكن وحدها سبب القلق على اللاجئين الفلسطينيين ومستقبلهم، بل إنّ الجو العام الذي هيّمن على إطلاق الدراسة زاد من ذلك. فهذه الدراسة أطلقت بحضور فلسطينيين من "نساء الجمعيات" و"رجال السياسة". هذا، عدا عن المزاج العام للحضور، الذي كان واضحاً تفضيله إلقاء اللوم على "الأونروا" والمجتمع الدولي والدولة اللبنانية، متجاهلاً السلطة السياسية الفلسطينية وعلاقة الداخل الفلسطيني بنفسه. كأنه تجريد للفلسطيني من سلطته على نفسه. والمحاولة الفلسطينية الوحيدة للتعبير كانت إستعراضية، كما في وقوف الطالبة غنى الغوط لتشكر "الأونروا" وتطالب العالم كله بمساعدة الفلسطينيين، لتؤكد مظلوميّة تعوِّل كليّاً على الآخر.

إلى ذلك، عكس تفاعل الحضور التصدع الفلسطيني، خصوصاً عندما طرح أحدهم سؤالاً عن دور المنظمات الفلسطينية في هذه الدراسة، ليتحوّل حينها ممثل "منظمّة التحرير الفلسطينية" إلى محاضر يقف إلى جانب شعبان ويقول إن "المنظمة ليست هيئة إغاثية بل دورها سياسي". ثم تحمس بعدها أحد شباب المنظمة وقال إنّ "دورها ثوري أيضاً". وعندها بدت علامات الضياع، والخوف ربّما، وبدا معها تفاعل الحاضرين أقرب إلى العتب على المنظمة، بما يحيل الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية إلى شقاء سياسي طويل يعيشه الفلسطينيون.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها