تمسّك بالتاريخ
على صعيد تنظيمي، وكما بدا في المناظرة، لا يمكن إخفاء الطابع التحديثي والقريب إلى أسلوب المجتمع المدني الذي تتبّعه مصلحة طلّاب "الكتائب". فالتركيز على عبارات "الشباب"، "التمكين"، "القيادة" وغيرها بدا واضحاً. وفكرة الإستقطاب الليّنة التي تتماشى مع رغبات الشباب، والتي وعد بها المرشحان، تعبّر عن تغيّر في التفكير العقائدي والسياسي البحت. وفي هذا السياق، يندرج الإنفتاح على المجتمع المدني، حيث أعتبر توسيع باب العلاقات معه من الأهداف الأساسيّة. في سؤال المرشحين عن ذلك وعلاقته بوجود رئيس شاب ومنفتح لـ"الكتائب"، يقول إيدي لـ"المدن": "طبعاً الأمر له علاقة بقيادة الحزب، التي وضعتنا في علاقة مع منظمات غير حكومية وطنية وعالميّة". أما أنطوني فيقول إن "هذا ليس إنفتاحاً أكثر من كونه نهجَ الحزب الحقيقي التقدّمي والمنسجم مع التغيّرات".
في مقابل هذا "التحديث"، إذا صحّ القول، برز واضحاً في كلام المرشحين أو في تفاعل الجمهور، أنّ جزءاً مهماً من هويّة الحزب ما زال يُعرّف بالتاريخ والصلابة في الدفاع عن المسيحيين. فاللقطات الأكثر حماسة في المناظرة كانت عند حديث المرشحّين عن تاريخ الحزب في مواجهة الشيوعيين واليسار أو عن التضييق عليهم من قبل النظام السوري أو عن تحريف التاريخ المسيحي الذي قامت به "القوّات" والعونيون أو عن "مكتب القوى النظاميّة" الذي يدرّب شباب "الكتائب" بدنيّاً وعسكريّاً.
في سؤال المرشّح أنطوني عن هذا الموضوع وسبب تفاعل الناس مع هذه الشعارات أكثر من غيرها، يقول لـ"المدن" إن "الناس لا تتفاعل من باب عقائدي، بل من باب القضيّة. فحزبنا ليس حزب عقيدة بل حزب قضيّة والقضيّة تتطلّب أن نبقى مستيقظين ووجودنا حرّاً". هكذا، برهن المرشحان أن لا مكان لنظرة أخرى للتاريخ، فهما قال إنهما كانا ليعيدا "توحيد البندقيّة" لو كانا في مكان بشير الجميل في العام 1978.
الديمقراطيّة مقابل الإنضباط؟
رغم سذاجة بعض الأسئلة، إلّا أنّ بعضها الآخر كان مهمّاً وكاد يحرج المرشّحين، وتحديداً السؤال عن مدى إستقلاليّة مصلحة الطلاب وموقفها عند التعارض مع القيادة الحزبيّة. هنا برزت مشكلة لا تنحصر في "حزب الكتائب"، بل تمتدّ إلى الأحزاب اللبنانية الأخرى، أي علاقتها بطلّابها الشباب.
وعليه، لم يكن مفاجئاً أن تُكسر حماسة أحد الشبّان في القاعة، الذي لا يريد لمصلحة طلاب "الكتائب" أن تكون مثل مصلحة طلاب "القوات"، في التزامها بقرار قيادتها بالتصالح مع "التيار الوطني الحر"، بمجرد أن قال إيدي كما أنطوني إنّ "ديمقراطيّة الحزب لا غبار عليها"، لكنه أيضاً "مشهور بالإنضباط" و"سنحاول ما في وسعنا لإقناع المصلحة بقرار القيادة".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها