الخميس 2014/12/11

آخر تحديث: 16:55 (بيروت)

موسى شرف الدين: الاحتياجات الخاصة ليست كماليات

الخميس 2014/12/11
موسى شرف الدين: الاحتياجات الخاصة ليست كماليات
"المجتمع ليهرب من مسؤولياته في تمكين المعاقين يقول إنهم عاجزون"
increase حجم الخط decrease
دأب الدكتور موسى شرف الدين، رئيس "جميعة أصدقاء المعوقين" (إعداد)، على الاهتمام بالنشاطات الانسانية والطبية والحقوقية والاجتماعية التي تساعد الكثير من المعوقين على تأمين احتياجاتهم التعليمية والتدريبية والمهنية، انطلاقاً من هم شخصي باعتبار انه والد لشابين معوقين، وثانياً انطلاقا من هم انساني لأن حقوق المعوقين في لبنان كانت شبه مهدورة حتى وقت قريب. هنا حوار حول أبرز نشاطات مركز "اعداد".


كيف تصف مسيرتك مع ذوي الاحتياجات الخاصة؟
انطلاقا من كوني والداً لشابين لديهما إعاقة، الأول عمره 43 سنة والثاني 39 سنة، بدأت لدي هواجس حول مستقبلهما فبدأت من خلال الاشتراك في جمعية أصدقاء المعوقين، وتبوأت رئاستها لفترة طويلة وقدمت دراساتي وأبحاثي، وحصل أن سافرت الى الولايات المتحدة الأميركية بمبادرة من الرئيس الراحل رفيق الحريري فتخصصت في هذا المجال، من العام 1982 الى العام 1985، وعدت لمتابعة نشاطي في الجمعية من خلال بناء منظومة متكاملة، تبدأ بالتدخل المبكر والتعليم والتدريب والتشغيل، ومن ثم توفير الحياة الآمنة والمستقرة للمعوقين، بعد ذلك.
رأيت منذ بداية نشاطي وعملي، أن المجتمعات العربية مقصرّة بحق المعوقين، ولا تولي هذه القضية الكثير من الاهتمام، ومن هنا بدأت بالتفكير بأحوال المعوقين عقليا في لبنان، واستطعت في العام 1998 أن أشكل الاتحاد اللبناني لجمعيات الإعاقة العقلية، بمساعدة العديد من الجميعات الأخرى، وانتقلنا مع الوقت لانشاء أرضية معينة لوضع قضية المعوقين على السكة لتحسين أوضاعهم.

طبعاً شكّل وجود أبني تغييراً جذرياً في حياتي، وجعل اعاقتهما همّا مسقبلياّ بالنسبة لي كما قلت، كغيرهما من أصحاب الإعاقات، ودأبت مع مجموعة من الناشطين على مشاورات مع الحكومة اللبنانية من أجل حقوق المعوقين وقمنا بحملات ضغط، لإصدار قانون يهدف إلى حمايتهم. ايتمكن اولادنا من الحصول على حقوقهم الاجتماعية والتربوية والتشغيلية والسكنية، بحيث يصبحون مواطنين عاديين في بلدهم؟

ما دور مركز "اعداد" وما هي تقديماته وما عدد طلابه وما هي انجازاته؟
بدأت مسيرة مركز "اعداد" في العام 1980 في شملان، وكان فيه عدد من الطلاب، وشاءت الظروف المأساوية أن تجتاج اسرائيل لبنان في العام 1982 وتهجرنا وانتقلنا الى منطقة المريجة، وأيضا حصلت حرب بين عامي 1983 و1984 فتهجرنا مرة جديدة، وانتقلنا الى الروشة وكانت الظروف سيئة، إلى أن انتقلنا الى المصيطبة، واستطعنا أن نبقى في هذه المنطقة عدة سنوات، ثم انتقلنا الى طريق المطار، والآن في المشرف.

خلال هذه المسيرة تبدلت الخدمة في "اعداد" نحو الأفضل. في البداية كنا نهتم بقضية التربية المختصة والرعاية الإيوائية، ثم انتقلنا الى التربية المهارية، مع توفير فرص لتسجيل الاعالة ومساعدة الأهالي لأولادهم في المجتمع. والآن يتألف مركز "اعداد" من عدة أقسام وأجنحة، تبدأ بالتدخل المبكر وهناك 22 تلميذا في هذا المجال، وثانياً المرحلة التعليمية الأساسية وفيها يتدرب الطلاب من عمر 7 سنوات الى 17 سنة، والمرحلة الاعدادية وهي ما قبل التأهيل المهني والتشغيل، وهناك من الطلاب من يتخطى هذه المرحلة ويتابع تعليمه في المدارس العادية.

وفي المدرسة نقدم العلاج الفيزيائي والعلاج العملاني (الانشغالي) العلاج الطبي- سمعي والعلاج النفسي. وهذه العلاجات أساسية ومهمة لتطوير مهارات الطلاب أصحاب الاعاقة وخاصة أصحاب الاعاقة القوية، اضافة الى أن المركز يتضمن ملاعب رياضية ومركزاً لاقامة المؤتمرات وأجنحة أخرى لاستقبال المحاضرات الجانبية في المؤتمر. ونحاول الآن تشغيل مطبخ المركز إلى جانب فرن الحلويات والمطعم والأراضي الزراعية المحيطة به. وهو يعتبر أحد المراكز الرائدة في لبنان لجهة الهندسة المعمارية المخصصة لذوي الاعاقات، من كل الجوانب.

على ماذا تعتمد ماديا جمعية أصدقاء المعوقين؟
في الأساس تعتمد على الدولة اللبنانية التي تغطي 70 في المئة من المدخول. قبل ذلك كان دعم الدولة لا يتخطى الـ30 في المئة، وحصلنا على تحسين الشروط والبدلات التي نقدمها، لأن الدولة اللبنانية ليس لديها مراكز لتأهيل المعوقين، تشتري هذه الخدمة من الجميعات ومنها جمعيتنا، وهي ليست مؤسسة تجارية. معظم أعضاء الجمعية هم من أصحاب الإعالة. مدير الجمعية لديه ولدان معاقان ومدير المدرسة ابنته من المعاقين أيضا وهناك الكثير من المعلمين والمعلمات، لديهم أبناء أو اقارب معاقون.

عدا عن دعم الدولة، هناك بعض المدخول من مجهود الجمعية. ومنها معارض نقيمها (مثل معرض الميلاد)، وهي نتاج مهارات طلابنا، فتساهم في تحسين حياتهم ومعيشتهم، اذ يأخذون بدلاً مقابل أعمالهم. وهناك بعض النشاطات الأخرى والتبرعات والمشاريع الخارجية التي نقوم بتنفيذها وتتعلق بالتربية والتعليم، وتسعى جمعية المعوقين من خلال الندوات والاطلالات الاعلامية التي تقوم بها إلى تثقيف المجتمع، والقول له ان المعوقين لم يقرروا أن يستحوذوا على صفة الإعاقة، ولا يستطيعون رفض وضعهم. هم وجدوا هناك لأن ثمة تنوعا في المجتمع، وهم مختلفون قليلاً عنا ولكن غير مختلفين معنا ويتمنون أن يكونوا مثلنا.

ننعتهم بصفات لنهرب من مسؤوليتنا، وخاصة حين نقول "ذوي الاحتياجات الخاصة"، هذه الصفة ليست غنجاً ولا دلعاً. هي من ضرورات الحياة وليست كماليات، الاحتياجات الخاصة هي حقوق منتهكة لا يحصل عليها أصحاب الإعاقة. علينا القول إن أصحاب الاعاقة اشخاص لديهم قدرة ولكن المجتمع ليهرب من مسؤولياته في تمكينهم يقول إنهم عاجزون. أيها الناس حين نمكن هؤلاء الأشخاص لا يبقون في دائرة العجز. لذا يجب الاعتراف ان الإعاقة تنوع اجتماعي.

ما سبب ازدياد حالات التوحد في السنوات الأخيرة؟
التوحد كان حالة أو حالتين في العشرة آلاف. وبعدما أصبح هناك دراسات معمقة في هذا المجال، لجأت، المنظمات الأميركية العلمية الى ضم مجموعة من أطياف لديها أمور مشتركة. أطياف التوحد ليست التوحد، والتوحد جزء من أطياف التوحد، وهو عبارة عن اضطراب (أو تنوع) شديد جداً بالصعوبات التواصلية. لا أحد يظن أن المشكلة في التواصل فقط، التوحد هو منظومة معينة لدى أشخاص معينين، لديهم منظومة خاصة بهم. الرائحة قد يشمونها على طريقتهم. الصوت يسمعونه بشكل مختلف. لديهم حساسيتهم الخاصة لمواضيع كثيرة من الأكل إلى الأصوات، وقد يسمعون صوت البعوضة رعداً مثلاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها