الخميس 2014/10/30

آخر تحديث: 14:15 (بيروت)

أهالي العسكريين المخطوفين: نعيش أسوأ معاني الذل

الخميس 2014/10/30
increase حجم الخط decrease


"معاناة لا تنتهي، ومأساة لا توصف". هكذا يصف أهالي العسكريين المخطوفين حالهم في مكان اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، ليكونوا على مقربة من السرايا الحكومية، لعل صرختهم تصل. نصبوا خيمهم العشر على الأرصفة، وجعلوا من الطرق ساحات للإنتظار. سياج شائك يلف محيط "بيوتهم" المؤقتة، وكأنه إطار يحد من تحركاتهم.

من ينظر إلى عيون آباء وأمهات العسكريين المخطوفين، يكتشف حقيقة مأساتهم. ساعات صعبة من القلق والانتظار يعيشها الأهالي. صبرهم سلاحهم، وتحركهم أملهم. "فالوضع الاجتماعي والنفسي لا نحسد عليه"، تقول ليال الديراني شقيقة الجندي المختطف سليمان لـ"المدن". تأسف الديراني لـ"كون الأحزاب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، لم تتواصل معنا للاطلاع على أوضاعنا، لا عبر اتصال أو موفد. نتدبر أمورنا بأنفسنا بعيداً من أهل السياسة، لكن تيار المستقبل يؤمن لنا معظم الحاجيات اليومية الضرورية".

"لا بلدية بيروت ولا الجمعيات الانسانية والاجتماعية، التي من المفترض أن تقف الى جانبنا، تهتم بنا"، تقول ليال. وتضيف: "زارتنا منظمة حقوقية دولية مرة واحدة. كذلك وعدتنا هيئة تابعة للأمم المتحدة بتأمين بيوت جاهزة، لكن ما زلنا ننام في الخيم". أما الحكومة فهي "غائبة كلياً. النائب وليد جنبلاط يرسل باستمرار موفده الوزير وائل أبو فاعور، ليطلعنا على آخر ما وصلت إليه المفاوضات. نشكره على دعمه المعنوي. ومنذ فترة زارنا وفد من الأطباء من مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب، واطلع على احتياجاتنا الطبية"، وفقها.

"كل عائلة تتواصل مع نوابها"، تستطرد شقيقة الجندي جورج الخوري، ماري، "لكن لم نلق تجاوباً إلا من نواب المستقبل. فالنائب هادي حبيش يزورنا باستمرار للاطلاع على أحوالنا. وساعدنا التيار في تأمين الخيم ونصبها وتجهيزها بالاسرة والفرش والكراسي. وهو يؤمن 90 في المئة من الأمور المتعلقة بالبنى التحتية للخيم. كما يرسل إلينا في معظم الأحيان عبوات مياه ووجبات طعام وحليباً للاطفال. أما في بقية الحالات، فيقوم الأهالي بجهد شخصي لتأمين المستلزمات الضرورية".

والخيم هذه تفتقر لأبسط مقومات الحياة من كهرباء ووسائل تدفئة. وهي لن تقيهم برد الشتاء المقبل في حال استمر الاعتصام. يقول حسين يوسف، والد الجندي محمد، "ننتظر سيارات الاعلاميين حين يركنوا بالقرب منا لنقوم بتشريج بطاريات هواتفنا. أعمدة الإنارة في الشارع تضيء خيمنا. ونطلب من بلدية بيروت أن تتعاطف معنا". فيما تقول زوجة أحد الجنود، ساخرة، إن "الحكومة اللبنانية تساعدنا بنشر عناصر المخابرات بيننا".

ويبدي الأهالي عتبهم على "مناصري الجيش، الذين لطالما أقفلوا الطرق دعماً للمؤسسة العسكرية ولم يتحركوا في قضيتنا، وكذلك على الجمعيات الانسانية التي من المفترض أن تؤدي دوراً داعماً". ومعظم الأهالي تركوا أعمالهم للإعتصام والمطالبة بعودة العسكريين. ويقول حسين يوسف: "قضية أولادنا الـ28 أكبر من الأموال ومن أوضاعنا الاجتماعية ومن أرواحنا. عهدنا أن نُكملها حتى نرى أولادنا بيننا".

وتقول ماري خوري: "مستقبلنا في أشغالنا مهدد. منذ أكثر من شهر لم تطأ قدماي مكان عملي، لكن ليس أمامي خياراً آخر". علماً أن بعض الأهالي قرّروا العودة إلى قراهم بسبب أوضاعهم الاجتماعية التي لا تسمح لهم بالبقاء في خيم الاعتصام.

"موضوع الأكل والشرب آخر شيء يمكن أن يعنينا. الأهم بالنسبة لنا هو وقوف القيادات بجانبنا لدعمنا، وطمأنتنا على أبنائنا، وهذا ما نفتقد اليه"، يقول يوسف، مضيفاً: "نطلب الدعم المعنوي، فقضيتنا قضية وطن. أنا ابن البقاع أنتخب ستة نواب، لم يتعاط بملفي سوى النائب وائل أبو فاعور. وعلمت أن النائب جمال الجراح يعمل على الملف. واجتمعنا منذ فترة بالمدير العام للأمن العام عباس ابراهيم، وأطلعنا على سير الملف. ونجتمع مع اللواء محمد خير. لكن لا احتمالات ايجابية في الأفق، ولولا تدخل الموفد القطري، لكنا شككنا في صحة المفاوضات".

يتابع: "حياتنا انقلبت إلى الأسوأ بعد الحادثة. وللأسف هناك من يستهزء بتحركاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي ويستخف بالملف. كنا نعيش براحة ورفاهية، ونحن اليوم على الطرق نناشد الدولة التحرك للعمل على استرجاع أولادنا، وهم أولاد المؤسسة العسكرية. نعيش أسوأ معاني الذل. بكل أسف أصبحنا اليوم بحاجة الى من يتعاطف معنا ومع قضيتنا".

وتقول والدة المخطوف جورج خوري، بحرقة قلب: "رح نموت. مش طالع بإيدنا نعمل شي، الفيديو الأخير عبرة للدولة اللبنانية، لترى مأساة جنودها المخطوفين، علها تتحرك بجدية أكثر".

ويزور النائب هادي حبيش أهالي العسكريين المخطوفين باستمرار، وفق ما يقول هؤلاء. وهو يقول لـ"المدن": "هذا أقل واجب، هؤلاء هم أبناء المؤسسة العسكرية، ويجب علينا كنواب الوقوف إلى جانب الناس في مصائبهم".
أما رئيس بلدية بيروت بلال حمد، فاكتفى بالقول في اتصال مع "المدن": "لا علاقة لنا بالموضوع. لم يقدم أحد لنا شيئاً، ونحن بدورنا لم نقدم شيئاً".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها