السباق الى الجولان

مهند الحاج علي

الجمعة 2018/01/12
بعيداً عن مناكفات السياسة المحلية والتصريحات المكررة، تبدو الساحة السورية الأكثر تعبيراً عمّا يجري في المنطقة من تصعيد متواصل يُنبئ بمواجهة شاملة بين ايران وحلفائها من جهة، واسرائيل من جهة أخرى.

قبل أيام، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن ايران طلبت من حليفيها "حزب الله" والجيش السوري، الإسراع في تحضيراتهما للمرحلة المقبلة من القتال لطرد فصائل المعارضة من محافظة القنيطرة. وبالفعل، تناقلت وسائل الاعلام السورية المعارضة أنباء عن تعزيزات للجيش و"حزب الله" في القنيطرة، تمهيداً لشن هجوم جديد لقطع الريف الشمالي للمحافظة عن جانبيها الأوسط والجنوبي. كما ورد تقرير عن هجوم بالأسلحة المتوسطة على بلدة أوفانيا.

وهذا التقدم رغم كونه بطيئاً بعض الشيء، يُثير قلق الاسرائيليين. وفقاً للتحليلات الاسرائيلية، يُعاد رسم الخطوط الحمراء السابقة مجدداً في المنطقة الحدودية، على وقع محاولات التقدم باتجاه خط التماس مع الجولان المحتل. ما يفرضه هذا السباق من واقع جديد على الأرض، يدفع الاسرائيليين الى التصعيد. لذا، فقد شهد أسبوع واحد فقط تهديدات اسرائيلية جديدة وعمليات قصف صاروخية على الحدود واستخدام اسرائيلي علني لسلاح الطائرات دون طيار دفاعاً عن المسلحين في مواجهة محاولة تقدم لتنظيم "داعش".

سبقت هذا التصعيد العسكري، تهديدات سياسية واعلامية. فبعد عقد اللجنة الأمنية المصغرة في الحكومة الاسرائيلية سلسلة اجتماعات "مهمة جداً" تناولت "التهديدات من الحدود الشمالية"، بحسب بيان وُزع على الاعلام الاسرائيلي، علّق وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينيتز بأن "أكثر ما يُقلقنا الجهود الايرانية لإقامة قواعد عسكرية في سوريا". شتاينيتز أشار الى عمليات "أمنية ودبلوماسية واستخباراتية" لمنع سوريا من "التحول إلى قاعدة عسكرية ايرانية"، لكنه ذكّر بأن إنجاز هذه المهمة قد يستغرق سنوات.

بعيد الاجتماع، نفذت القوات الاسرائيلية عمليتي قصف، الأولى جواً على القطيفة في ريف دمشق، والثانية بإطلاق صواريخ من مواقعها العسكرية في الجولان المحتل. بعد يوم على هذا القصف، لعبت طائرات حربية اسرائيلية بلا طيار دوراً حاسماً في احباط هجوم لـ”جيش خالد بن الوليد”، المتهم بمبايعة تنظيم “داعش”، على مواقع فصائل المعارضة في ريف درعا الغربي، وفك الحصار عن مقاتلين في بلدة الجبيلية. التدخل الاسرائيلي رسالة تتجاوز فصيل "خالد بن الوليد".


في مسار مواز للعمليات العسكرية والتهديدات الاسرائيلية، تواصل الادارة الأميركية الحالية تصعيدها ضد "حزب الله". بعد توالي الاتهامات للادارة السابقة بالتقصير عمداً في هذا الملف، عيّنت وزارة العدل الأميركية فريقاً جديداً مهمته الوحيدة التحقيق في عمليات تهريب مخدرات وتبييض أموال بقيمة مليار دولار أميركي سنوياً لمصلحة "حزب الله". وكان تقرير لموقع "بوليتيكو" الأميركي اتهم إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بغض النظر عن تحقيقات سابقة في نشاطات للحزب، وإهمالها عمداً، من أجل إتمام الصفقة النووية مع ايران.

واللافت أن المهمة الأولية لفريق ارهاب المخدرات وتمويل "حزب الله"، كما سمته الوزارة، التركيز على أدلة جُمعت في ظل الادارة السابقة في ظل "مشروع كاسندرا". بكلام آخر، سنسمع اتهامات واعلانات متتالية عن علاقة الحزب بتجارة المخدرات وشبكات تبييض الأموال.

لكن كيف ستُعاقب الادارة الأميركية "حزب الله" على أي أدلة تجمعها؟ ترقبوا موجة جديدة من العقوبات والتصعيد السياسي.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024