قصة استقالة الحريري: معلومات فرنسية أميركية

سامي خليفة

الأربعاء 2017/12/06

أثارت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية، في 4 تشرين الثاني 2017، بلبلة حول العالم. وقد كشفت شبكة إيه بي سي نيوز الأميركية معلومات جديدة عما حصل عندما قرر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن حليفه اللبناني، الحريري، أصبح ضعيفاً جداً في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وأنه يجب استبداله بشقيقه الأكبر بهاء. فكان لبنان هو ميدانه المباشر لمواجهة إيران.

هذا ما يؤكده فراس مقصد، نائب المدير التنفيذي للجزيرة العربية وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، بقوله للشبكة: "كان بهاء الحريري مهتماً للغاية بالحلول مكان شقيقه. وفي مناقشات خاصة في واشنطن كان يعبر عن استيائه من سياسات شقيقه، ودعا إلى موقف أكثر تشدداً ضد حزب الله وإيران".

لكن، مصدراً دبلوماسياً أميركياً قال للشبكة إن "الإدارة الأميركية لم تهتم بطروحات بهاء الحريري". ووفق مصادر مقربة من عائلة رئيس الحكومة اللبنانية، فإن العائلة تحدت للمرة الأولى التصرفات السعودية وطلبت من فرنسا المساعدة. من هنا، بدأت عشرة أيام من المفاوضات الدبلوماسية بقيادة فرنسا وبمساعدة أميركية بين الرياض وبيروت وطهران.

كانت هذه هي اللحظة المثالية لرئيس فرنسا الطموح، إيمانويل ماكرون، في محاولة لاستعادة الدور المحوري الذي كانت تقوم به بلاده في المنطقة. ففرنسا لديها علاقة تاريخية عميقة مع لبنان، وعلى عكس أميركا، حافظت على علاقات دبلوماسية مع إيران والجناح السياسي لحزب الله، بالإضافة إلى وجود علاقة مع السعودية. واستخدمت أصولها الثلاثة في إدارة هذه الأزمة.

وفي 10 تشرين الثاني، التقى وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، الذي أشرف على السياسة السعودية تجاه لبنان، مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد. وكان الاجتماع وفق الشبكة عاصفاً، وأوضح فيه ساترفيلد أن الولايات المتحدة لا تدعم التعامل السعودي مع الحريري. ففي الوقت الذي تتفق فيه الإدارة الأميركية مع القيادة السعودية على ضرورة مواجهة إيران وحزب الله، فإنها تدعو إلى اتباع نهج مغاير في لبنان، مع الأخذ في الاعتبار أن تفكك الدولة هناك من شأنه أن يعقد الجهود الأميركية لحل الأزمة السورية ومواصلة تحقيق استقرار العراق. وقد تلقى السبهان الرسالة نفسها من مجلس الأمن القومي الأميركي، وفق ما ذكره مصدران لبنانيان ومسؤول أميركي للشبكة.

جاءت هذه الأحداث بعد لقاء الحريري مع القائم بالأعمال الأميركي والسفير الفرنسي في الرياض. وقد أكدت المصادر اللبنانية المقربة من الحريري للشبكة أن هذه اللقاءات تمت بحضور مراقبين سعوديين، وهو حضور غير عادي في المحادثات الدبلوماسية التي لا تشارك فيها السعودية. وبعد بيانات الدعم الأميركية والإشادة برئيس الحكومة اللبنانية أدركت القيادة السعودية، وفق الشبكة، أن خطتها الأولية لن تنجح.

استغلت فرنسا خطوط اتصالها مع حزب الله وإيران، فضلاً عن علاقتها مع السعودية، للعمل على التوصل إلى حل توفيقي للأزمة. وفي 12 تشرين الثاني، ظهر الحريري في أول مقابلة له منذ استقالته. وكانت هذه الخطوة الاولى نحو انهاء الأزمة، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي للشبكة.

بعد ثلاثة أيام سافر لو دريان إلى الرياض لبحث المصالح الثنائية وايجاد حل لأزمة الحريري. وشمل ذلك مفاوضات بشأن عودته إلى لبنان ووضع خطة لإيقاف استقالته. وقبل وصول الحريري إلى فرنسا، عرض ماكرون على السعودية حفظ ماء الوجه، وأوضح في بيان أنه يدعو الحريري وأسرته لتمضية بضعة أيام في باريس بعدما ناقش الأمر مع ولي العهد السعودي.

ورغم أن الحريري وصف الدور الذي لعبه ماكرون في الأزمة بـ"التاريخي"، إلا أن هذه الأزمة وفق الشبكة لم تنتهِ بعد. إذ إن الاتفاق الذي ما زال قيد التنفيذ في لبنان ويعتمد على اتفاقات محفوفة بالمخاطر، ومعرضة للتوترات السعودية- الإيرانية، رغم جهود الوساطة الفرنسية التي تستمر بلا هوادة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024