إقفال محال السوريين في طرابلس: "غير شرعية" وتنافس

جنى الدهيبي

الخميس 2017/01/19

في خطوةٍ مفاجئة، أصدر محافظ الشمال رمزي نهرا قراراً قضى بإقفال العديد من المؤسسات التي يديرها سوريون بالشمع الأحمر، ضمن حملة مكافحة العمالة الأجنبيّة غير القانونيّة من أجل القضاء على المنافسة غير الشرعيّة لليد العاملة اللبنانية بقرارٍ من وزير العمل محمد كباره.

هذا القرار جاء بعد حملة تفتيش واسعة على أصحاب المحال الأجانب الذي يعملون في طرابلس، حيث تبيّن في مرحلة التفتش الأولي بتكليف من وزارة العمل، وفق نهرا، أن "عدداً كبيراً من المحال التي يديرها تجار سوريون، يعملون من دون أن يستوفوا الشروط القانونيّة للعمل، وهم يتوزعون بكثافة على مختلف مناطق المدينة. وستستمر عملية التفتيش هذه في الأيام المقبلة".

ووفق الكتاب الصادر، توزعت المحال التي يشملها القرار على الشكل الآتي: محل كعكة أبوعرب (لصاحبه زهير حمود ناصيف في ساحة النور قرب سراي طرابلس)، محال أبواللبن (لصاحبه بسام مندو في بولفار طرابس، مقابل الضمان، تقاطع عزمي)، المركز الصيني الكبير (لأصحابه أسامة علي باشا وعبد الباسط السراقبية– مقابل السراي، سنتر ماجدة الشعراني)، ملحمة طيبة (لصاحبها غانم عبد اللطيف غرير- فرع أول: مرج الزهور، أبي سمراء)، (ملحمة طيبة الشام، لصاحبها مازن عبدالغني جنيد- فرع ثانٍ: جانب ميتم الشعراني، أبي سمراء).

وقد شغل هذا القرار حيزاً واسعاً من الجدل في طرابلس. وبينما وجدت فئة واسعة من المواطنين أنّه أنصف اللبنانيين الذين خسروا فرصهم في السوق بعدما نافسهم اللاجئون السوريون بطرقٍ غير مشروعة، وجدت فئة أخرى أن خطوة الوزير في بداية عهده، تعبّر عن عنصريّة واضطهاد لحقوق السوريين الذين تركوا بلادهم بقوّة الحرب، وبالتالي من الطبيعي أن يبحثوا عن أرزاقهم.

وبين هذين الاتجاهين، وقع السوريون أصحاب المؤسسات والمحال المذكورة مع عمّالهم، "في مأزق خسارة لقمة العيش"، وفق ما وصف أسامة باشا صاحب المركز الصيني الكبير. فـ"نحن افتتحنا هذا المركز في بداية 2016، وتجارتنا تقوم على حاجات منزلية وألعاب وأدوات مختلفة مقابل 1$، ثمّ توسعنا وأصبح محلنا معرضاً كبيراً بعدما أقبل الناس علينا بكثافة، ولدينا عدد كبير من العمال. ونطالب الوزير بالنظر إلى وضعنا بمنطلق إنساني مقابل مساعدتنا في تسوية أوضاعنا القانونيّة، لأن أغلب السوريين دخلوا لبنان هرباً بسبب الحرب، ولم يستطيعوا الحصول على إقامة وإجازة عمل".

كذلك محل كعكة أبوعرب، الذي لم يمضِ على افتتاحه أكثر من شهر في نقطة مركزيّة اتخذها على مستديرة ساحة النور، وشهد إقبالاً واسعاً وشهرةً في مدينة الطرابلس. ويقول جميل حجي، من إدارة المحل، إنهم لم يحسبوا احتمال صدور هذا القرار عند افتتاح محلهم، "رغم ذلك، سنكون تحت سقف القانون اللبناني، وسنعمل على تحسين أوضاعنا القانونية التي نواجه فيها مشاكل عدّة، ونأمل من الوزير أن يمنحنا طلبات استرحام إلى حين تسوية الشروط اللازمة".

ويعتبر الوزير كباره، في حديث إلى "المدن"، أنّ "لبنان بحاجة ملحّة إلى الحفاظ على الصناعة اللبنانيّة والتجّار اللبنانيين، الذين أصبحت أوضاعهم في خطر، وهم يشعرون بالقلق بعدما أصبحوا عُرضةً للمنافسة العشوائية وغير القانونية التي يواجهونها مع العمال الأجانب، والتي ارتفعت نسبتها بعد توافد النازحين السوريين".

ويشير كباره إلى أنه "في طرابلس يوجد عدد هائل من المحال التجارية للسوريين الذين لا يملك معظهم إجازة عمل وفقاً لما يفرضه قانون تنظيم عمل الأجانب الذي ينظم العمل على الأراضي اللبنانية بالنسبة لغير اللبنانيين. وبعضهم يقوم بتزوير الأوراق القانونيّة المطلوبة".

قبل مدّة، "قمنا بنشر إنذار في بلاغ توزع على وسائل الإعلام، وأعطينا العمال السوريين في المؤسسات التجارية مهلة 15 يوماً لتسوية أوضاعهم، لكنّ أغلبهم لم يستجب، ولم يؤخذ الإنذار على محمل الجد، فاستمروا في العمل من دون أن يستوفوا الشروط القانونية"، يضيف كباره.

وفي الوقت الذي يعتبر فيه كباره أن بطء عملية التفيش يعود إلى قلّة عدد الموظفين وهم 3 قفط في مركز التفتيش والتحقيق الشمالي الذي يشمل محافظة عكار أيضاً، يضع أمام العمال السوريين خياريّن. إمّا أن يُسوّوا أوضاعهم القانونية للحصول على إجازة عمل بشكل فوري، وإمّا أن الوزارة ستضطر إلى إقفال محالهم وتوقيفهم عن العمل. فـ"قرارنا ليس عنصرياً، بل هو تنظيمي وقانوني يحمي حقوق اللبنانيين بالعمل، ولاسيما أنّ العمال الأجانب الذين يعملون بطرق غير مشروعة، لا يدفعون الضرائب".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024