تسوية سعودية إيرانية: حزب الله إلى لبنان؟

منير الربيع

الثلاثاء 2017/11/14

أنذرت استقالة الرئيس سعد الحريري والتصعيد السعودي الذي رافقه، بحملة كبرى على لبنان. وهذه الحملة تحدّث عنها بعض المسؤولين اللبنانيين، واعتبروا أنها تتخطى استقالة الحريري، وتهدف إلى ارساء وضع جديد في المنطقة في لحظة إعادة تشكيلها على مختلف الجبهات والميادين، قبيل الوصول إلى التسوية النهاية. في كلام المسؤولين الرسميين، ما كان معدّاً للبنان أمر كبير جداً يصل إلى حدّ شن حرب عليه من خلال حزب الله، أو بالأحرى شن حرب على حزب الله، يتأثر لبنان بمفاعليها. وهذا ما حتّم العمل بصمت وتحت الطاولة لأجل تلافي التصعيد، ولايجاد مخرج من الأزمة.

في موازاة هذه المساعي الجدّية، غرق لبنان في تحليلات وتكهنات، كان ضخّها متعمّداً لإشاحة النظر عن حقيقة ما يحصل في الكواليس. وتكشف مصادر واسعة الإطلاع أن المساعي الدولية بدأت منذ اللحظة الأولى، لأجل تحقيق الهدف من الاستقالة، بدون الوصول إلى التصعيد أو إلى الحرب. وتؤكد المصادر صحّة الكلام الذي يتحدّث عن أن المسألة فعلاً أكبر من الاستقالة. ولا تنفي ربط البعض ما كان محضّراً بما حصل في العام 1982، أي الاجتياح. وهذه أجواء تلقاها المسؤولون اللبنانيون من مسؤولين غربيين.

رفع هذا السقف، هو ما دفع إلى التعاطي مع الموضوع بأن التهديد حقيقي وجدّي. لذلك، كان لا بد من أن يتعاطى لبنان بجدية عالية مع الأمر. وقد تكثّفت الاتصالات الدولية في الأسبوع الفائت للوصول إلى تسوية معينة. وهذا لا يمكن فصله عن الخطاب الهادئ للحريري، والذي مهد لطريق العودة على قاعدة إنتاج الثوابت مجدداً. لكن كلام الحريري انطوى على تهدئة وخفض السقف بعكس خطاب الاستقالة. وهو يعني أن الاتصالات تقدّمت ووصلت إلى نتيجة معينة. أهمية الهدوء الذي خرج به الحريري، هو أنه قاله من السعودية. ويعني أن هذا الكلام منسق مع السعوديين. ويشير أيضاً إلى التوصل إلى إتفاقات معينة، والحصول على ضمانات، لعدم تفجير الوضع في لبنان. بمعنى أن الاتصالات وصلت إلى تسوية أدت إلى خروج الحريري بخطابه الثاني.

لا شك أنه حين ترفع السعودية السقف إلى هذه الحد، وصولاً إلى تهديد لبنان، يعني الإعداد لما هو كبير. لكن التصعيد السعودي ترافق مع حراك دولي مختلف. فالدول الكبرى، كالولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية، لم تُرد الذهاب مع السعودية حتى النهاية، بل تلقفت الأزمة وعملت على الوصول إلى تسوية معينة. فاعتبرت أنه بدلاً من القضاء على حزب الله، وهو السقف الذي رفعته السعودية، لا بد من الضغط على إيران وحزب الله للانسحاب من أزمات المنطقة، والخروج من الميادين، أي انسحاب حزب الله من سوريا واليمن والعراق، وتحجيم نفوذ الحزب والحدّ من توسع انتشاره. وهذا مطلب أميركي أوروبي خليجي وحتى روسي.

واعتبرت تلك الدول أن اللحظة مؤاتية لانتزاع تنازل من إيران، في اللحظة التي تتعرض فيها لضغوط دولية، وهي تريد الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني. بالتالي، قد تكون الضمانات التي حصل عليها المجتمع الدولي من إيران، هي التي أدت إلى الوصول إلى التسوية، أو إلى التهدئة. ولا بد من ربطها بالإشارات التي مررها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلامه الأخير، حين قال إن الضغط يهدف إلى إنسحاب الحزب من سوريا، والحرب في سوريا تكاد تنتهي، وفي العراق كذلك". ما يعني استعداد حزب الله للتفاوض على الانسحاب.

لا شك أن هناك حراكاً دولياً كبيراً عمل على إنجاز هذه الترتيبات. وهذا الجو انعكس على لسان أكثر من مسؤول مستقبلي كانوا تصعيديين في اللحظة الأولى لإعلان الاستقالة، لكنهم عادوا وتراجعوا عن التصعيد، ووضعوا الأمر في خانة الحفاظ على الاستقرار والذهاب إلى طاولة حوار لبحث سلاح حزب الله، والاستراتيجية الدفاعية. وهذه المواقف كانت قد أطلقت بعد حصول هؤلاء على معلومات غربية بأن فتيل التصعيد سحب، لمصلحة التفاوض. وهناك امكانية لتحقيق نقاط عدة كانت عالقة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024