ما الذي تحضر له المعارضة العونية؟

باسكال بطرس

الجمعة 2017/08/25

تنهمك المعارضة العونيّة حالياً، بالتعاون مع مجموعة كبيرة من غير الحزبيّين وشباب المجتمع المدني، في التنظيم لتحرّكٍ من خارج التقليد السياسي المعروف، في إطار الحفاظ على الحياة السّياسيّة اللّبنانيّة، التي يعتبرونها في خطر، على أن تكون محطة الانتخابات النيابية المقبلة، في حال حصلت، اختباراً أولياً لفعاليّتها.

تحاول المعارضة العونية، بقرار ذاتي، التعبير السياسي عن نفسها. وهي تنشغل أخيراً في عقد اجتماعات مكثفة، بعيداً من الإعلام، مع كل الأطراف، فضلاً عن مراقبة حثيثة للوضع السياسي العام، مشدّدة على أنّ "هذا التحرّك هو فسحة الأمل الأخيرة للّبنانيين، ومن هنا أهميّته".

ويؤكد القيّمون عليها، في حديث إلى "المدن"، أنهم لا يسعَون في الوقت الراهن إلى "تأسيس حزب أو تنظيم، بل إلى حركة وطنية كبيرة تضم قوى من المجتمع المدني ونخبة الأشخاص المثقفين والرافضين للواقع المفروض علينا قسراً، والمتحالفين ضد الفساد المستشري الذي تحاول السلطة تبريره. ونحن نلتقي مع هؤلاء على مجموعة من العناوين التي ستشكل خطوة نوعية في اتجاه تنظيمي أكبر. ومن هذا المنطلق، نستعدّ إلى خوض الانتخابات النيابية المقبلة، وفق برنامج وطني موحّد ومتكامل". وإن كانوا يدركون أن المهمة ليست سهلة وهناك كثير من العمل للقيام به في سبيل ضمان نجاحها، غير أن ذلك لا يقلقهم على ما يبدو، مؤكدين أن "حالة الامتعاض من الأحزاب السياسية وممارساتها تتنامى ويمكن البناء عليها".

عليه، أنجز اتفاق بين المعارضة العونية وبعض مجموعات المجتمع المدني يقضي بالتحالف الكامل في مختلف الدوائر الانتخابية، وأبرزها بيروت الأولى، على أن يشمل الإتفاق المشاركة في تمويل الحملات الانتخابية، ودعم المرشحين من حيث العلاقات الإعلامية، إضافة إلى تشكيل ماكينات انتخابية مشتركة.

ويوضح القيادي السابق في التيار الوطني الحر والمرشح عن المقعد الأرثوذكسي في دائرة بيروت الأولى زياد عبس لـ"المدن"، "أنّنا وصلنا إلى مرحلة لم يعد مقبولاً فيها أن نبقى صامتين ازاء المخالفات التي تحصل وتدحض كل المبادئ والقيم التي لا نزال نتمسك بها، والتي على أساسها أنشىء هذا التيار"، منتقداً القيادة الحالية في التيار على ممارستها الحزبية وبعض المواقف والتحالفات غير المبنية على أسس واضحة. يضيف: "لم نعد نشعر أنه يشبهنا ويمثل تطلعاتنا. لذلك نسعى اليوم إلى التعاطي في الشأن العام والانخراط فيه أكثر فأكثر من موقع المثالية وفي سبيل خدمة الناس، على أن يكون الترشح للانتخابات وسيلة وليس هدفاً".

وإذ يشير إلى "أننا قد نتشارك مع التيار في جزء من الرؤية، لكننا نختلف معه في مكان آخر، إذ إننا لا نؤمن بمبدأ التوريث السياسي وغياب المشاركة والديمقراطية". ويشدّد عبس على "أنّنا لا نطمح حالياً إلى الوقوف في وجه التيار تحديداً، أو محاولة استرداد وتصحيح حالة داخل الحزب، فذلك صار من الماضي، إلا أننا لم نختر بعد أي تسمية أخرى لهذه الحركة الوطنية، وسط عدم وضوح الاطار التنظيمي بعد. لكن ما هو مؤكد أننا نتطلع دائماً إلى الأمام. ونرفض رفضاً قاطعاً التعاطي مع الأمور بالطريقة نفسها التي كنا ننتقد فيها الأحزاب والمجموعات الأخرى في المرحلة السابقة".

إذاً، حسم عبس ترشحه للانتخابات النيابية المقبلة، على أن يكون مستقلاً وضمن لائحة من الأشخاص غير الحزبيين الذين يتشارك معهم الأفكار والقيم، مؤكداً عدم عقد تحالفات انتخابية آنية. فـ"المصلحة الوطنية"، يقول عبس، "تكمن في ايصال أشخاص إلى المجلس النيابي من خارج الاصطفاف السياسي التقليدي ومن خارج الحسابات الضيقة، خصوصاً أن الانتخابات ستجرى وفق القانون الجديد".

ويختم عبس معرباً عن تفاؤله بتحقيق نتائج واعدة في الانتخابات قد تؤسس لحالة يمكن أن تستمر. فـ"الهدف من خلال خوض هذا الاستحقاق، هو إعادة مفهوم العمل الديمقراطي إلى الطريق الصحيح. ما سيدفع النواب الآخرون الذين وصلوا إلى المجلس من خلال أحزاب ولوائح تقليدية، ومن دون أدنى شك، إلى تحسين أدائهم في العمل النيابي".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024