صفقة بواخر الطاقة.. الحكومة تهدد إدارة المناقصات؟

خضر حسان

الخميس 2017/09/14
ضغوط كثيرة مارستها قوى وشخصيات سياسية، على إدارة المناقصات بشخص رئيسها جان العلية، لتمرير صفقة بواخر الطاقة لمصلحة عارض وحيد، هو الشركة التركية كارادينيز، المشغلة باخرتي فاطمة غول وأورهان باي، والتي يستفيد من وجودها تيارا المستقبل والوطني الحر.

ليست الضغوط بحد ذاتها هي ما يثير الغرابة، بل الغرابة في تولي مجلس الوزراء مهمة الضغط على العلية، وحثه على مخالفة القوانين عبر الموافقة على الصفقة دون تعديل جدي في دفتر الشروط. والضغوط أعلنها بشكل غير مباشر، الوزير طلال إرسلان، بقوله بعد جلسة الحكومة يوم الخميس 14 أيلول، "اتفقنا في مجلس الوزراء على إحالة مشروع الكهرباء على إدارة المناقصات لإطلاق المناقصة غداً (الجمعة)".

تعتبر مصادر وزارية في حديث لـ"المدن" أن كلام إرسلان "يؤشر إلى أن القرار أتُخذ، وأن محاولة تجميل الصفقة سابقاً، عبر إحالتها إلى إدارة المناقصات ليتم إخراجها موقّعة من هناك، لم تصل إلى خواتيمها كما يشتهي المستفيدون منها. فالرئيس العلية التزم القوانين، ورفض الضغوط المباشرة وغير المباشرة التي مارسها وزراء وسياسيون بارزون، ورفض محاولات دخول بعض السياسيين كوساطة بينه وبين المعنيين بالصفقة، لعلّ الوساطة تنجح، لكنها فشلت، إذ كان دفتر الشروط المحال من الحكومة هو التأشيرة الوحيدة التي تخوّل الصفقة المرور بإدارة المناقصات. وتلك التأشيرة كانت ومازالت غير صالحة".

كلام إرسلان ودلالاته لا يمكن الاعتداد به لتمرير إدارة المناقصات الصفقة. فبحسب المصادر، "إحالة الملف إلى إدارة المناقصات لا يعني بالضرورة إقراره الجمعة، إلا إذا أشهَرَت الحكومة نيتها مخالفة القوانين. فالإحالة تعني وجود دفتر شروط ثالث، يختلف عن الدفترين المرفوضين سابقاً من الإدارة. وهذا ما لم يحصل حتى الآن. فالعارض الوحيد مازال وحيداً وليس في جعبة الإدارة دفتر شروط ثالث، ينص على وجود أكثر من عارض".

ترى المصادر أن "الكلام حتى الآن شفهي ولا يُلزم الإدارة بشيء. أما في حال أرادت الحكومة إلزام الإدارة بالموافقة على المناقصة كما هي، وبعارض وحيد، فإن تثبيت الإصرار بكتاب مباشر وخطي، ممكن. لكن حينها يعفى العلية من تحمل مسؤولية مخالفة القانون، وتحصرها الحكومة بنفسها. وعندها يمكن للإدارة تنفيذ قرار الحكومة، لأن للأخيرة السلطة الأعلى. وفي تلك اللحظة، تكون الحكومة قد سجّلت سابقة هي الأولى من نوعها، إذ ألزمت سلطة رقابية بإجراء مخالف للقانون، بدل الأخذ بتوصياتها لحماية القانون".

رغم وجود معارضة قواتية وإشتراكية، إلى جانب تيار المردة، لتمرير الصفقة خارج إدارة المناقصات، إلا أن هذه المعارضة "ضبابية". فبالنسبة إلى المصادر، "إذا كانت تلك الأحزاب تُعارض بشكل فعلي لكانت حددت موقفها بوضوح برفض وجود عارض وحيد، وليس بالإعلان عن ضرورة مرور الملف بإدارة المناقصات، وكأن مروره بوجود عارض وحيد، أمر جائز". وتلفت المصادر إلى أن "رئيس مجلس النواب نبيه بري، هو صاحب الضوء الأحمر الوحيد حتى الآن أمام هذه الصفقة. إذ يرفضها جملة وتفصيلاً، حتى بوجود أكثر من عارض، لأن أسباب الاستعانة بالبواخر غير مقنعة، ناهيك بوضوح إستفادة مستقبليين وعونيين منها، وعلامات الاستفهام المطروحة حول دفاعهم عنها".

تحديد يوم الجمعة موعداً لإطلاق المناقصة، يعني أن الحكومة قررت القفز فوق رأي إدارة المناقصات. ما يفتح الباب أمام تكرار هذه الحالة في مناقصات لاحقة. عليه، تحول الحكومة إدارة المناقصات إلى جهاز بمهمات شكلية، هدفه تبييض الصفقات وتحويلها إلى مناقصات.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024