تهمة الأب ناجي أبي سلوم.. رفض زيادة الأقساط؟

باسكال بطرس

الأربعاء 2017/09/13
لا يزال الأب ناجي أبي سلوم يجهل خلفية القرار المفاجئ الذي تبلغه من الرئاسة العامة للرهبانية المارونية عبر كتاب رسمي، قبل بدء العام الدراسي بأيام قليلة، والقاضي بنقله من مدرسة سيدة ميفوق، التي كان يتولى إدارتها، إلى دير الرهبانية في قرطبا.


وفي وقت يُتداول أن قرار إنهاء مهماته في المدرسة، جاء على خلفية اصدار إدارة المدرسة برئاسته، بياناً تحت عنوان "إن كان الله معنا فمن علينا"، يبشر بالإبقاء على الأقساط المدرسية بقيمة 650 ألف ليرة من الصف الابتدائي الأول إلى التاسع (البريفيه). ما أثار استياء الإدارة العامة للرهبنة. ويعتقد كثيرون، من جهة أخرى، أن القرار اتخذ على اثر إدلائه بحديث إلى إحدى الوسائل الإعلامية منذ بضعة أيام، وقبل استئذان المعنيين، داعياً إدارات المدارس الكاثوليكية إلى العودة إلى ضميرها في عملية زيادة الأقساط. ما أثار امتعاض مسؤولي المدارس الكاثوليكية.

لطالما كان أبي سلوم مدير مدرسة ميفوق، ومنذ العام 1995. صحيح أنه سافر إلى الخارج في العام 1999، غير أنه سرعان ما عاد إليها في العام 2007 وتولى إدارتها من جديد حتى العام 2013، حين أُقصي من مهماته ونُقل إلى جبيل حيث مكث ثلاث سنوات في خدمة سجناء السرايا وعددهم 500. ولم يلبث أن عاد في العام 2016 إلى مدرسة سيدة ميفوق لإنقاذها من خطر إقفالها نتيجة الاهمال وسوء الإدارة.

"لم يكن وارداً إقفال المدرسة الوحيدة في البلدة وضواحيها"، يشدد أبي سلوم، ويسأل: "بأي حق نسمح بتهجير سكان 20 قرية نحو الساحل، بسبب غياب مدرسة تحتضن أولادهم؟ وهل سيتمكنون من استئجار منزل وإيفاء الأقساط المستحقة، أم أنهم سيضطرون إلى ارسال أبنائهم إلى مدارس رسمية متدنية المستوى العلمي والجدارة؟ فهل هذا ما يريدونه؟ هل يخططون لدفع الناس إلى مغادرة قراهم زحفاً نحو المدينة؟".

أبدى أبي سلوم، وهو الحائز على شهادة دكتوراه في القانون، كل الاستعداد لإعادة إنعاش مدرسة ميفوق التي لم يكن يتعدى عدد تلاميذها 120. فما لبث أن كسب ثقة الأهالي الذين رحبوا بدعمه ومساندته لهم في سبيل تعليم أبنائهم. وبات يستقبل أكثر من 300 تلميذ في المدرسة من صفّ الروضة إلى البريفيه. هذا فضلاً عن وضعه طابقاً ونصف طابق من المدرسة، في تصرّف وزارة التربية لاستحداث قسم ثانوي رسمي يتابع التلاميذ فيه دراستهم.

ويكشف أبي سلوم عن "عقد موقع بين المدرسة ووزارة الشؤون الاجتماعية دعماً لبعض الفتيان، الذين لا تتعدى أعمارهم الـ15 عاماً، ومعظمهم أيتام أو فقراء أو يعانون من أوضاع اجتماعية غير مستقرة. فيمكثون داخل المدرسة وينامون فيها"، لافتاً إلى أن "الدولة تدفع عن كل تلميذ 4 دولارات يومياً. لكن غالباً ما تتأخر بالدفع للمواطن، إلا أن الرهبانية كانت دائماً تدعم إدارة المدرسة وتتكفل بدفع رواتب الأساتذة والمعلمات، في انتظار سدادها من جانب الدولة". يضيف: "هذا فضلاً عن الاتفاقية الموقعة مع وزارة التربية بخصوص اعتبار القسم الذي يشمل صفوف 11eme و6eme، مدرسة مجانية. بالتالي، تقليص القسط إلى 750 ألف ليرة، ثم اعتماد تسعيرة 650 ألف بناءً على طلب الأهالي".

"قررنا هذه السنة ألا نحدد أيّ قسط مدرسي"، يوضح أبي سلوم، "بل الاكتفاء بتحديد 650 ألف ليرة لبنانية كرسوم مدرسية لتلامذتنا"، مشيراً إلى "اعفاء أولياء تلامذتنا من دفع الديون المتراكمة على كاهلهم، لأنه علينا أن نشعر مع شعبنا. فلطالما كانت هذه السياسة التي نتبعها مع أهالي التلاميذ منذ العام 2007". 

في المقابل، يؤكد مصدر في الرهبانية، رفض الكشف عن اسمه، في حديث إلى "المدن"، أن "لا علاقة للاجراء المتخذ بملف الأقساط على الاطلاق، بل يعود إلى خلافات مسبقة مع مسؤوليه".

في أي حال، ومهما كانت أسباب انهاء مهماته في المدرسة، لا يتردد الأب أبي سلوم عن البوح بما يختلج في نفسه، مجدداً التأكيد أن "أي زيادة على الأقساط ستؤدي حتماً إلى إقفال المدرسة"، وأن "وضع مدرسة ميفوق يختلف تماماً عن سائر المدارس الكاثوليكية الخاصة. فلا ميزانية مخصصة للمدرسة وما من لجنة مؤلفة من الأهل".

"اخترت الدرب الرهبانية لأنني لا أريد شيئاً من هذه الحياة سوى خلاص نفسي"، يقول أبي سلوم، مؤكداً جهوزيته "للطاعة وتنفيذ كل ما توليه عليه الرئاسة العامة للرهبانية المارونية. فأنا في خدمة الناس. وإذا لم تشأ الرهبانية أن أبقى في خدمة أهلي في ميفوق، لن أتردد بالقيام بواجبي في أي مكان آخر".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024