موسكو تتهم واشنطن بـ"العمى الانتقائي"في سوريا

المدن - عرب وعالم

الخميس 2017/10/12
اتهمت روسيا الولايات المتحدة بالسماح لتنظيم "الدولة الإسلامية" بالعمل "تحت أعينها" في سوريا، قائلة إن واشنطن تدع التنظيم المتشدد يتحرك بحرية في منطقة متاخمة لقاعدة التنف العسكرية الأميركية في البادية السورية بالقرب من مثلث الحدود السورية-الأردنية-العراقية. وتقول روسيا إن القاعدة الأميركية "غير قانونية" وإنها أصبحت والمنطقة المحيطة بها "ثقباً أسود" ينشط فيه المتشددون بحرية.

المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الميجر جنرال إيجور كوناشينكوف، قال إن موسكو تريد معرفة كيف عبر نحو 300 من متشددي "الدولة الإسلامية" في شاحنات بيك أب من منطقة تسيطر عليها الولايات المتحدة، وحاولوا غلق الطريق السريع بين دمشق وديرالزور الذي كان يستخدم في إمداد القوات السورية. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تقدم تفسيراً حتى الآن.

مصادر "المدن" نفت تحرك قوات من تنظيم "الدولة" من محيط قاعدة التنف، التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية وقوات خاصة غربية. وأكدت أن الاتهامات الروسية تأتي لخلط الأوراق، والتلاعب بتفاصيل الجغرافيا السورية لتناسب أهداف موسكو. قوات "داعش" التي قطعت طريق دمشق-ديرالزور كانت قد تقدمت من جنوبي مدينة ديرالزور، في منطقة صحراوية، تبعد مئات الكيلومترات عن قاعدة التنف. كما أن المليشيات الإيرانية، كانت قد أحكمت حصارها حول قاعدة التنف، وطوقتها من جميع الجهات، ما يجعل من تسلل أي قوات منها، على افتراض وجود "الدولة الإسلامية" فيها، أمراً مستحيلاً.

وقال كوناشينكوف في بيان له: "نقترح أن يفسر الجانب الأميركي أيضاً واقعة أخرى للعمى الانتقائي، تجاه المتشددين الذين ينشطون تحت أعينه". وأضاف أن نحو 600 متشدد يتمركزون في مخيم لاجئين في المنطقة الخاضعة للسيطرة الأميركية توجهوا إلى موقع جمركي سابق يعرف باسم طفس على الحدود السورية الأردنية، هذا الشهر، واستولوا على إمدادات غذائية وطبية كانت في طريقها للسكان.

ورغم الخلط الروسي المتعمد للوقائع، إلا أن أبسط الحقائق تكفي لنقض تلك المقولات. فالمعكسر المذكور، وهو على الأغلب مخيم الركبان على الحدود السورية-الأردنية، مُحاصر بدوره من مليشيات النظام، ويمثل نقطة تجمع لزهاء 80 آلف لاجئ، وتسيطر عليه فصائل المعارضة السورية في البادية؛ "قوات الشهيد أحمد العبدو" و"جيش أسود الشرقية" و"جيش العشائر"، وهي قوات سبق وحررت كامل البادية السورية من تنظيم "الدولة" مطلع العام 2017. قوات النظام والمليشيات الإيرانية، وبدعم جوي روسي، عادت واستولت على معظم الأراضي التي حررتها تلك الفصائل، وحشرتها في المنطقة الآمنة المحيطة بقاعدة التنف العسكرية.

إلا أن "العمى الانتقائي" يبدو حالة مستفحلة قد أصابت الضباط الروس، ومنعتهم من رؤية تقدم أكثر من 300 مقاتل من تنظيم "الدولة الإسلامية" شرقي حماة، ولمسافة 50 كيلومتراً في منطقة تسيطر عليها قوات النظام، حتى وصلوا بسلاحهم الثقيل، ودباباتهم، إلى منطقة الرهجان جنوب شرقي إدلب.

كوناشينكوف أضاف في معرض تهجمه على الولايات المتحدة: "لست بحاجة إلى خبير الآن للتكهن بمحاولة لانتهاك اتفاق السلام في منطقة عدم التصعيد الجنوبية". وأضاف: "إننا نطلق تحذيراً. سيكون الجانب الأميركي هو الوحيد المسؤول عن تخريب عملية السلام". ويشير ذلك، بحسب مصادر "المدن"، إلى نية روسية بالتصعيد في محيط قاعدة التنف العسكرية، بغرض طرد المعارضة السورية بالكامل منها، وكذلك قوات "التحالف"، وتأمين الحدود السورية العراقية، كي يتم تحقيق ربط طريق طهران-بيروت البري، عبر العراق وسوريا.

مصادر "المدن" أشارت إلى أن اغلاق "التحالف" لقاعدة التنف، هو أمر متوقع، ضمن الاتفاق الروسي-الأميركي على تقاسم الشرق السوري بين وكلائهما؛ غربي الفرات للنظام، وشرقيه لـ"قوات سوريا الديموقراطية". وقوع التنف غربي الفرات، ستجعلها هدفاً متكرراً لمليشيات النظام، بعدما لاقت صعوبة في عبور نهر الفرات والوصول إلى حقل العمر النفطي على ضفته الشرقية.

وتصب في السياق، تصريحات وزير الخارجية السورية وليد المعلم، الأربعاء، في سوتشي الروسية، على هامش مؤتمر "اللجنة السورية الروسية للأعمال"، التي قال فيها، إن "أكراد سوريا ينافسون الجيش السوري للسيطرة على المناطق المنتجة للنفط". وأضاف قائلا لنظيره الروسي سيرغي لافروف: "الأكراد يعرفون أن سوريا لن تسمح مطلقاً بانتهاك سيادتها". وأشار إلى أن "الأكراد أسكرتهم نشوة المساعدة والدعم الأميركي، لكن يجب عليهم إدراك أن هذه المساعدة لن تستمر إلى الأبد". تصريحات المعلم، جاءت متناقضة مع تصريحات سابقة له، قال فيها إن دمشق مستعدة للحوار مع الأكراد بخصوص "حكم ذاتي".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024