القنيطرة: النظام و"حزب الله" في طور الهجوم

ينال الحمدان

الجمعة 2017/04/21
بات واضحاً خلال الأيام الماضية سعي إيران ومليشيا "حزب الله" للتقدم في ريف القنيطرة السورية، لتأمين مواقع متقدمة يمكن من خلالها تهديد إسرائيل في ظل تصاعد التوتر بين الطرفين، وسط تهديد الولايات المتحدة المتواصل لإيران بالكف عن نشاطاتها الإرهابية، واحتمال مراجعة الاتفاق النووي معها.

وشوهدت تحشيدات لقوات النظام والمليشيات "الرديفة"، الجمعة، في بلدتي خان أرنبة وجبا، في ما تعتقد المعارضة أنه نية لهجوم رابع يستهدف ريف القنيطرة الشمالي. وكانت فصائل المعارضة السورية المسلحة، قد أفشلت الأربعاء هجوماً ثالثاً لقوات النظام مدعومةً بمليشيات "فوج الجولان" و"جيش التحرير الفلسطيني"، بإشراف قياديين من "حزب الله"، للسيطرة على معبر القنيطرة في هضبة الجولان المحتل. وشهدت المنطقة تحليقاً كثيفاً لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، التي لا تغادر الأجواء في الأوقات الطبيعية.

وبدأت مليشيات النظام بإشراف مباشر من "حزب الله"، منذ 15 نيسان/إبريل، هجوماً على بلدات أم باطنة والصمدانية في ريف القنيطرة، في محاولة للتقدم باتجاه سد المنطرة الاستراتيجي الذي يمكن منه رصد البلدات التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة. ويعتبر سد المنطرة خط الدفاع الأول عن معبر القنيطرة، هدف مليشيات النظام.

وكان 200 عنصر من "جيش التحرير الفلسطيني" تقلّهم 3 حافلات، قد وصلوا إلى محافظة القنيطرة، الإثنين، ودخلوا كتيبة تابعة لـ"فوج الجولان" قريبة من بلدة خان أرنبة.

وأفشلت قوات المعارضة المسلحة الهجوم الثالث وشنّت هجوماً عكسياً مباغتاً على محاور تقدّم قوات النظام ما أجبرها على الانسحاب إلى الخطوط الخلفية. وسقط على إثر المعارك ما يزيد عن 30 عنصراً من مليشيات النظام بين قتيل وجريح، وتمكنت المعارضة من تدمير مدفع وسيارة محملة برشاش. وقامت فصائل "الجبهة الجنوبية" باستهداف مواقع لـ"فوج الجولان" في بلدة خان أرنبة وكتيبة "مجد حيمود"، ومواقع في مدينة البعث بقذائف الهاون والدبابات. وبحسب مصادر "المدن" فقد وصلت 7 جثث لضباط وعناصر من قوات النظام، وأكثر من 28 جريحاً معظمهم في حالات حرجة، إلى مستشفى "الشهيد ممدوح أباظة".

وعلمت "المدن" أن اجتماعاً عُقِدَ في قيادة "اللواء 90" صباح الثلاثاء، وضمّ قياديين من "حزب الله" ورئيس فرع "الأمن العسكري/سعسع" أسامة زهر الدين، وقائد "اللواء 90" وقائد "فوج الجولان" مجد حيمود. وجرت في الاجتماع مناقشة بنود خطة عمل بشقين؛ الأول عن هجوم لاستعادة معبر القنيطرة واستكمال حصار القنيطرة المهدمة وبلدات ريف القنيطرة الشمالي وبلدات بيت جن ومزرعتها ومغر المير في ريف دمشق الغربي، وعزل كامل القطاع الشمالي من ريف القنيطرة عن القطاع الجنوبي الذي يعد شريان الحياة الرئيسي لمناطق المعارضة.

والشق الثاني من خطة العمل يتعلق بمؤازرة العمليات التي تقوم بها قوات النظام في محاور القطاع الأوسط من القنيطرة، على أن تترافق بعمليات في محاور مثلث الموت الرابط بين محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق. ومن المرجح أن تنطلق العمليات في مثلث الموت، بالتوازي، من "كتيبة المدفعية" في بلدة جدية ومن تل غرين باتجاه بلدتي زمرين وكفر ناسج المُحررتين في ريف درعا الشمالي.


المصدر (LM)

وتقسم محافظة القنيطرة جغرافياً إلى ثلاثة قطاعات: جنوبي تسيطر عليه فصائل المعارضة بالكامل ويضم بلدات الريف المتصلة مع قرى وبلدات ريف درعا الشمالي والغربي، وقطاع أوسط تقتسمه قوات النظام والمعارضة التي تسيطر على جميع البلدات القريبة من الحدود مع هضبة الجولان. والقطاع الشمالي من محافظة القنيطرة يقع على سفح جبل الشيخ القريب من الحدود اللبنانية والمرتبط مع بلدات ريف دمشق الغربي وخاصة بلدة بيت جن المحاصرة حالياً، وهذا القطاع مقسم بدوره بين المعارضة والنظام. وبذلك تكون قوات المعارضة المتمثلة بفصائل "الجبهة الجنوبية" مسيطرة على أكثر من ثلثي مساحة محافظة القنيطرة.

ووصلت مؤخراً قوات إضافية من مليشيا "حزب الله" إلى مقر قيادة "الفرقة التاسعة" في مدينة الصمنين وإلى بلدة دير العدس في منطقة مثلث الموت، في ريف درعا الشمالي، قدّرت المعارضة عددها بما يزيد عن 150 عنصراً مع آلياتهم، بغرض شنّ هجوم باتجاه تل الحارة، ومنه باتجاه معبر القنيطرة. وذلك من أجل تشتيت قوات المعارضة وفتح أكثر جبهة في آن واحد لتتقدم باتجاه الحدود مع هضبة الجولان.

ولقوات النظام ومليشياتها الرديفة أهداف متعددة من التقدم في قطاع القنيطرة الأوسط، باتجاه سد المنطرة وبلدات أم باطنة والصمدانية؛ فذلك يحقق للمليشيات قطع طريق إمداد قوات المعارضة، الخطر، ما بين قطاعي القنيطرة الشمالي والجنوبي، وفصل بلدة جباتا الخشب عن بلدة بيت جن، آخر مناطق المعارضة في ريف دمشق الغربي. وفي حال سيطرت المليشيات على سد المنطرة، سيصبح بإمكانها قطع طريق إمداد المعارضة نارياً، ومنع أي تنقل على الطريق الواصل بين جباتا الخشب وطرنجة على سفح جبل الشيخ في القطاع الشمالي، وبين بيت جن في ريف دمشق الغربي. والهدف الأبرز يبقى الوصول إلى القنيطرة المهدمة وبلدتي القحطانية والحميدية، ما يعني الوصول فعلياً إلى معبر القنيطرة، وتقطيع أوصال المنطقة بشكل كامل.

المعارضة كانت قد سيطرت على معبر القنيطرة مع هضبة الجولان في شهر آب/أغسطس 2014، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام، واستطاعت بذلك ربط ريفي القنيطرة الشمالي والجنوبي، وتمكنت حينها من تأمين طريق امداد إلى البلدات المُحررة في جبل الشيخ وريف دمشق الغربي. وحاولت قوات النظام طيلة الأعوام الثلاثة الماضية التقدم في هذه المنطقة من دون تحقيق أي إنجاز عسكري مهم، وباءت جميع المحاولات بالفشل.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024