جنيف 6: هل طُبّقت "الآلية التشاورية"؟

المدن - عرب وعالم

الجمعة 2017/05/19
تختتم الجمعة "الجولة السادسة" من مفاوضات جنيف، بين المعارضة والنظام، برعاية دولية. ويسود كثير من اللغط حول إقرار "الآلية التشاوية" التي طرحها فريق "المبعوث الدولي إلى سوريا" ستيفان دي ميستورا. ففي حين أبدت المعارضة تحفظات عليها، قال رئيس وفد النظام إنها "أصبحت وراء ظهرنا"، في حين لا تزال روسيا مرحبة بإقرارها، ومكتب دي ميستورا يطبقها في مناقشة الدستور.

وأعلن الوفد العسكري المعارض المنضوي في "وفد الهيئة العليا للمفاوضات"، الخميس، تعليق مشاركته في مفاوضات "جنيف 6" مرجعاً ذلك إلى "غياب إستراتيجية تفاوضية واضحة". وبررت الفصائل قرارها "بعدم وضوح المرجعية بالمفاوضات والتخبط في اتخاذ القرارات وعدم وجود إستراتيجية تفاوضية واضحة"، فضلاً عن اعتبارها أن "العلاقة بين الهيئة العليا للمفاوضات وبين الوفد المفاوض لا تصب في مصلحة الثورة".

ووقع على رسالة تعليق المشاركة كل من "فرقة السلطان مراد" و"فيلق الشام" و"جيش الثورة" و"جيش اليرموك" و"حركة تحرير الوطن" و"تحالف قوات الجنوب" و"جيش أحرار العشائر" و"الجبهة الشامية". وتمثل هذه الفصائل معظم الممثلين العسكريين لفصائل المعارضة المشاركين في "وفد الهيئة العليا للتفاوض"، باستثناء "جيش الإسلام". وتُشكّلُ هذه الفصائل وفد المعارضة في اجتماعات أستانة. وثلث أعضاء "وفد الهيئة العليا للتفاوض" في جنيف، هم من العسكريين.

من جهتها، قالت الأمم المتحدة، الخميس، إن الأطراف السورية المشاركة في الجولة السادسة من مفاوضات جنيف، وافقت على تشكيل لجان على مستوى الخبراء لمناقشة قضايا دستورية. في حين أعلن مكتب دي ميستورا، ما اعتبره أول خطوة ملموسة، وهي عقد سلسلة من الاجتماعات المنفصلة مع وفدي الحكومة والمعارضة لمناقشة "القضايا القانونية والدستورية المتعلقة بالمحادثات بين السوريين".

وأعلن مكتب دي ميستورا، الخميس، بدء مباحثات حول الدستور مع خبراء من وفدي النظام السوري والمعارضة، كل على حدة، في إطار مفاوضات "جنيف 6".

وقالت مصادر في المعارضة السورية إن هناك ضغوطاً روسية كبيرة على وفد "هيئة التفاوض" في جنيف للقبول بمناقشة ملف الدستور. وقالت المصادر إن الاجتماع الذي عقده "وفد الهيئة العليا للتفاوض" مع نائب وزير خارجية روسيا غينادي غاتيلوف، تضمن تصريحات من المسؤول الروسي أنه لا توجد أي قرارات دولية برحيل الأسد. وردّ وفد المعارضة بأنه لا يمكن قبول أي حل في سوريا يتضمن بقاء بشار الأسد في السلطة.

ويجري غاتيلوف اتصالات واجتماعات مع جميع الوفود المشاركة، كان آخرها وفد المعارضة الذي قالت مصادر إن المبعوث الروسي حاول الضغط عليه للقبول بنقاش القضايا الدستورية خلال هذه الجولة بعدما كانت المعارضة تصر على مناقشة ملفات الانتقال السياسي والمعتقلين. في حين رفضت "الهيئة العليا للمفاوضات" مناقشة دستور جديد للبلاد من إعداد إيران أو روسيا. وقال سالم المسلط إن "بحث دستور دائم لسوريا له مكان آخر غير جنيف، ونحن لا نريد ولا نقبل باتفاق يتم تحت مظلة إيران وروسيا". وطالب بـ"جولات متواصلة لمفاوضات جنيف، كأن تجري 4 جولات خلال شهرين، تكون كل جولة منها على مدى 15 يوماً، لبحث ملف من الملفات الأربعة". وأشار المسلط إلى أنه "لو أنجزت هيئة الحكم الانتقالي، فإن ذلك سيشجع الجميع لبحث كل الملفات المتعلقة بالدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب.. نحن نريد أن ننجز تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة من دون وجود الأسد، لا في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سوريا".

ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية الحكومية عن مصدر "قريب من المفاوضات في جنيف"، إن الآلية التي أعلنها دي ميستورا في بداية الجولة السادسة من مفاوضات جنيف "ستطبق رغم التحفظات التي برزت لدى بعض الأطراف". وزاد المصدر أن دي ميستورا استهل نشاطه على هذا الصعيد، الخميس، بدعوة الأطراف إلى عقد اجتماع تشاوري على مستوى الخبراء، ضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، ومراقبين من روسيا ومصر والأمم المتحدة، وأشار إلى أن وفدي الحكومة والمعارضة السورية جلسا في قاعتين منفصلتين. وشدد على أن "آلية دي ميستورا سوف تعمل خلال اجتماعات جنيف فقط"، وعدم تحويلها إلى "آلية دائمة تعقد اجتماعات ومناقشات في الفترات التي تفصل بين جولتين في جنيف".

رئيس وفد المعارضة السورية إلى جنيف نصر الحريري، قال إن الوفد عقد جلسة مع خبراء الفريق الدولي بحثت الإجراءات الدستورية والقانونية التي تخدم عملية الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي. وقال الحريري إنه جرت مناقشة كيفية الانتقال السياسي إضافة إلى أمور فنية أخرى، كما أكد أن جلسة الخميس ركزت على الإجراءات الدستورية والقانونية التي تخدم الانتقال السياسي.

وقال الحريري، إن ورقة المبعوث الدولي حول تشكيل "آلية تشاورية" للمسائل الدستورية والقانونية، وُضعت جانباً حالياً، ويتم التركيز على القضايا الفنية. وأضاف: "ما نقوم به من لقاءات تقنية ليست الأولى مع الأمم المتحدة، إذ عقد أكثر من 10 لقاءات معها، وهي تساهم في تسريع عملية المفاوضات، وتسعى لتحقيق تقدم المفاوضات في المحاور الرئيسية". الحريري أشار إلى أنه "لا يمكن الفصل بين اللقاءات التقنية واللقاءات التفاوضية، وهي لقاءات مكملة لبعضها البعض، وفكرة اللقاءات التقنية ليست مستحدثة، بل مهمة الأمم المتحدة الدفع للفرق الفنية والاستشارية باللقاء، وهي مظلة لتقدم العملية السياسية".

وأضاف الحريري أن الوفد سيسلم دي ميستورا، الجمعة، مذكرتين عن دور إيران التخريبي في سوريا، وكذلك مسألة المعتقلين، وعمليات الاعتقال المستمرة التي لم تتوقف، واعتقال الشباب من المناطق المهجرة وإرسالهم المفرج عنهم إلى جبهات القتال. ووجه الحريري رسالة إلى روسيا طالبها فيها بـ"الالتزام الحقيقي بوقف إطلاق النار الشامل، والذي يؤسس لعملية الانتقال السياسي، وأنه آن الآوان أن يقتنعوا بأن الرهان على نظام فاشي قاتل رهان خاسر". وأكمل الحريري: "الرهان يجب أن يكون على الشعب السوري، وهو ما يمكن تحققه من خلال الدعم والدفع لتقدم العملية السياسية"، وذلك في معرض تعليقه على لقاء وفد من المعارضة مع مساعد وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف.

في المقابل، قلل رئيس وفد النظام من قدرة اجتماعات الخبراء على الدفع بعملية وضع الدستور قدماً، وقال إن "عمل هؤلاء الخبراء لن تكون له علاقة بالدستور.. ولن يتخذوا قرارات". وقال إن اجتماعات وفد النظام مع دي ميستورا تبحث ورقة المبادئ الأساسية التي تتضمن في بنودها نقاطاً مناسبة تصلح كمبادئ دستورية، وسيعرض الخبراء نتائج اجتماعاتهم هذه على اجتماع وفد النظام مع المبعوث الخاص لإصدار القرار النهائي بشأنها.

وأعلن رئيس وفد النظام أن المشاورات مع دي ميستورا أسفرت عن اتفاق على "عقد اجتماعات غير رسمية" بين خبراء دستوريين من وفد "الحكومة" وفريق المبعوث الخاص. وأوضح أنه تم الاتفاق على تسمية هذا الاجتماع "اجتماع خبراء فقط ... خبراء دستوريين". وأضاف أن "مشروع الورقة حول إنشاء آلية تشاورية أصبح وراء الظهر... يعني أننا نتحدث عن شيء آخر لا علاقة له بما كنتم قد سمعتموه... وتم الاتفاق أيضاً مع المبعوث الخاص على أن تكون اجتماعات الخبراء غير رسمية". وقال "إن موضوع الدستور هو حق حصري للشعب السوري ولا نقبل بأي تدخل خارجي".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024