سمير القنطار.. عصا سليماني للشجار مع إسرائيل

فادي الداهوك

الثلاثاء 2015/12/22

قبل عام تماماً، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث كثيراً عن سمير القنطار. ذلك الحديث استند إلى تسريبات استخباراتية نشرت في الإعلام تقول إن إيران تتطلع بشغف إلى تنشيط الجبهة الشمالية، وإحداث بؤر متوترة مع إسرائيل من خلال "شبكتين إرهابيتين". كان اللافت في الأمر آنذاك أن التسريبات أشارت بوضوح، وسمّت، المسؤولين عن تشغيل الشبكتين: جهاد مغنية، وسمير القنطار.

بالشراكة مع "حزب الله" أقامت قوة "قدس" التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني في قرية عين الشعرة في جبل الشيخ، قرب بلدة حضر الدرزية، مقرين عسكريين؛ الأول لقوات "الدفاع الوطني"، والثاني "سرية المهام الخاصة"، التي كان يديرها جهاد مغينة، معنوياً، بإشراف سمير القنطار. في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، فُضح أمر المقرين على خلفية مقتل 22 درزياً من "الدفاع الوطني" ورّطهم القنطار بهجوم خاسر على قرى مجاورة تسيطر عليها المعارضة. حينها أصبح التداول باسم القنطار ومغنية، والمقرّين، علنياً من قبل سكان التجمعات الدرزية في منطقة جبل الشيخ، ما أدى إلى حصول توتر في العلاقة معهم، فانسحب القنطار ومغنية من المشهد.


في حقيقة الأمر، لم تكن عين الشعرة أكثر من محطة للاسترخاء والتخطيط في قلب طبيعة خلابة. فالقرية تقع في مركز دائرة تحميه 6 بلدات لا تسيطر عليها المعارضة، وموقعها لا يمكن أن يشكل تهديداً لإسرائيل بأي حال من الأحوال، إلا إذا تمكّن مقاتلو القنطار ومغنية من السيطرة على قرى المعارضة، وذلك شبه مستحيل ضمن إمكانات الخليتين، كما أنه آخر ما يمكن أن يسمح به حزب الله لاعتبارات داخلية، تجنّباً لتوسّع المواجهة من عين الشعرة إلى راشيا على الحدود اللبنانية-السورية.


تلك الوقائع سرّعت الانتقال إلى مرحلة جديدة من الخطة، تمثّلت باستطلاع مناطق أقرب من عين الشعرة إلى الجبهة الشمالية، الهادئة، مع إسرائيل. وتطبيقاً لقواعد أمان الخليتين كانت بلدة مزرعة الأمل في القنيطرة، الواقعة في المنطقة محددة التسليح بإشراف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك "اندوف" جنوب شرقي بلدة حضر، مكاناً أمثل للقنطار ومغنية. بيد أنها كانت أمثل للجميع فعلياً، حيث قتلت إسرائيل في يناير/كانون الثاني 2015 جهاد مغنية مع 5 آخرين من حزب الله، أهمهم محمد أحمد عيسى الملقب بـ"أبو عيسى"، وهو المسؤول الأبرز لحزب الله والنظام السوري في المنطقة منذ حرب يوليو/تموز 2006.


آنذاك، حظي مغنية بتشييع لافت، وردٍ من حزب الله تمثل باستهداف قافلة عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا، قتل على إثرها جنديان إسرائيليان. توقف الموضوع عند هذا الحد، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون إن اليونيفل نقل رسالة من حزب الله لإسرائيل: "من وجهة نظرهم فإن الحادث انتهى".


والآن، الرد على مقتل القنطار لن يكون أكثر مما فعل حزب الله من أجل مغنية، فهو ليس معنياً بذلك إلى حد كبير. القنطار مجرّد ناشط في حزب الله يفتقد للخبرة العسكرية، لكنّه يتمتع بالمواصفات التي يفضّلها قائد قوة "قدس" قاسم سليماني.


من ذلك، كان خطاب نصرالله متواضعاً، ومتصالحاً مع تاريخ القنطار الفارغ، ومع حجم الخسارة التي تساوي صفر بالنسبة له. فمعركة الحزب حتى الآن لم تخرج من القلمون، ولم يسجّل أن وقع أسرى له أو قتلى خارج تلك المنطقة، إلا في حالات نادرة، على عكس من اشتغلوا مع سليماني.


حين تحدّث الإعلام الإسرائيلي عن القنطار ومغنية، وصفهما بالمشغلين لخلايا إيرانية على الحدود الشمالية، ولم يقل إنهما من حزب الله. كان من السهل التنبؤ أن ذلك الحديث رسالة تحذيرية لسليماني، الزائر الجديد لـ"الحي السوري" على الحدود المكشوفة لإسرائيل. لذا، فإن الرد على مقتل القنطار هو بعهدة إيران الآن، وربما كان وضع صورة القنطار في علم إيران على شكل خريطة فلسطين خلال خطاب نصرالله إشارة واضحة على ذلك؛ القنطار كان العصا التي حملها سليماني في الشجار مع إسرائيل.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024