"الزنكي": "تحرير الشام" بدأت الحرب ونحن من نقرر إنهاءها

أحمد مراد

الثلاثاء 2017/11/14
تجددت المعارك بين "حركة نور الدين الزنكي" و"هيئة تحرير الشام" في ريف حلب الغربي، الإثنين، بعد توقفها بشكل شبه كامل لأكثر من 20 ساعة على خلفية توقيع اتفاق بين الطرفين في مدينة الأتارب، مساء الأحد، وإعلان وقف إطلاق النار بعد وساطة شرعيين ووجهاء العشائر.

عضو مجلس شورى "الزنكي" حسام الأطرش، أعلن في تسجيل صوتي، ظهيرة الإثنين، عودة المعارك بين الفصيلين، بعد فشل وساطة الشيخ عبد الرزاق المهدي و"مجلس القبائل والعشائر" ووجهاء المنطقة في الحصول على ردّ من الجولاني بالموافقة على مطالب الحركة. إذ لم تقبل "الهيئة" بالشروط التي تقدمت بها "حركة الزنكي" لإتمام وقف إطلاق النار، واستأنفت معركتها ضد مواقع الحركة. وتمكنت "الزنكي" من صد هجوم "الهيئة" على محاور مختلفة في ريف حلب الغربي.

وكانت "حركة الزنكي" قد تقدمت بمجموعة من الشروط لإتمام وقف إطلاق النار، وأصرت على أن يحصل أصحاب المبادرة على موافقة شخصية من زعيم "الهيئة" أبو محمد الجولاني. ومن بين الشروط التي قدمتها الحركة: ايجاد حل لمدينة ادلب وما حولها والساحل وحلب وحماة، وعدم السماح للجولاني بالهيمنة على القرار السياسي. وأكدت "الزنكي" أنه من غير الممكن السماح للجولاني باستئثار قرار السلم والحرب، و لا يمكن له ولهيئته التحكم بالمعابر والمقدرات الاقتصادية بالمناطق المحررة. وطالبت بتحرير المعتقلين من كل الفصائل التي اعتدت عليها "الهيئة" قبل معتقلي "الزنكي". وطالبت بأن يكون القرار السيادي للشعب بمجالسه وهيئاته. وطالبت "الهيئة" برد الحقوق لجميع الفصائل بما فيها "الاحرار" وغيرها قبل حقوق "الزنكي".

"وكالة إباء الإخبارية" الناطقة باسم "هيئة تحرير الشام"، نقلت عن مصدر في "الهيئة" أن "الجولاني أبدى موافقته على وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى كبادرة حسن نية"، وأن "حركة الزنكي تلجأ للتصعيد الإعلامي والميداني، وفرض شروط تعجيزية خارجة عن سياق الواقع، تعبر عن تهورهم، واتخاذهم خطوات لا يدرون مآلاتها". ولم توفر الوكالة الإشارة لمظلومية "الهيئة" بالحديث عن "بغي الحركة المتزامن مع حشود النظام على ريفي حلب الشرقي وحلب الجنوبي".

عضو مجلس شورى "الزنكي" حسام الأطرش، قال لـ"المدن": إن "هيئة تحرير الشام هي من بدأت حربها ضدنا، ولن نسمح لها بأن تكون صاحبة القرار بإنهاء الحرب، ومن حق المنتصر أن يملي شروطه، ولن نطلب شروطاً لأنفسنا وإنما لشعبنا المكلوم". موضحاً، أن "الهدف من هذه المطالب هو إعادة الحقوق لأصحابها وعودة الثورة لما كانت عليه قبل أن يسيطر الجولاني على قرار المناطق المحررة".

وأضاف الأطرش: "تحرير الشام سيطرت على الموارد الاقتصادية والمعابر في إدلب بطرق غير مشروعة، ووضعت رجالاً بهيئة مدنية ليكونوا في الواجهة. وما تسمى حكومة الإنقاذ هي حكومة الجولاني، وحكمها كحكمه، اختار شخصياتها ونصبها ممثلةً للشعب". وأكد الأطرش أن "جميع ما سيطرت عليه تحرير الشام في مناطق الشمال السوري يجب أن يعود للشعب تحت إدارة منبثقة عنه، ويجب إعادة الحقوق للفصائل التي ما زالت قائمة". وأوضح أن "الهيئة حاربت فصائل متعددة، قضت على بعضها، والبعض الآخر ما زال موجوداً، ويجب إعادة حقوق الفصائل القائمة حتى الآن، ويجب أن يخضع جميع معتقلي الفصائل التي بغت عليها تحرير الشام لمحكمة مستقلة أو يطلق سراحهم، لا أن يغيبوا في السجون السرية، ويحاكموا من قضاة الهيئة أنفسهم".

وتحاول "حركة الزنكي" توسيع قاعدتها الشعبية في الشمال السوري، عبر هذه المطالب، بعد انفصالها عن "هيئة تحرير الشام"، ووقوفها على الحياد خلال قضاء "الهيئة" على "أحرار الشام". "الزنكي" كانت قد شاركت في ما مضى "جبهة فتح الشام" في مهاجمة "تجمع فاستقم كما أمرت" خلال حصار مدينة حلب.

مطالب "الزنكي" هي تكرار لتصريحات الأطرش التي تسببت بملاحقته "قضائياً" من قبل "هيئة تحرير الشام". الأطرش الذي شغل منصباً قيادياً في "الهيئة"، نشر نهاية حزيران/مايو تغريدات في "تويتر" حول رؤيته لتجنيب المناطق الخاضعة للمعارضة شمال سوريا الدمار وهجمات قوات النظام، وذلك بترتيب البيت الداخلي، من خلال إدارة الحكومة المؤقتة للمناطق المحررة، باعتبارها تحظى بشرعية دولية، وتشكيل وزارة دفاع تنضوي فيها جميع الفصائل، ما دفع "الهيئة" حينها للتنصل من تصريحاته، وإحالته لقضائها الداخلي.

ويبدو أن حدة خطاب "حركة نور الدين الزنكي" في وجه "تحرير الشام" يعود لأسباب عديدة، أهمها وجود معاهدة دفاعية بين "الحركة" وبين كل من "أحرار الشام" و"جيش الأحرار". وبحسب الأطرش "تقضي المعاهدة بتضامن تلك الفصائل في حال تعرضت لأي اعتداء من هيئة تحرير الشام".

لكن "الزنكي" لا تعوّل على بقية الفصائل في حربها مع "الهيئة"، وإنما بسيطرتها على مناطق وتحصينات خاصة بها، وخطابها الذي يمثل الإرادة الشعبية، بعد تكرار ذرائع "تحرير الشام" في حربها على الفصائل. عضو مجلس شورى الحركة ختم حديثه قائلاً: "للأسف.. الفصائل لا تنجد نفسها حتى ينجدها غيرها".

ويرى الصحافي منار عبد الرزاق أن "الحركة" تستمد قوة خطابها من منطقة نفوذها الممتدة من ريف حلب الغربي وحتى منطقة الراشدين، وهو ما أدى لتماسكها في وجه "تحرير الشام" ودحرها، لتلجأ "تحرير الشام" لطلب الوساطة، في الوقت الذي استعادت فيه "الزنكي" السيطرة على النقاط والبلدات التي خسرتها بداية المعركة. و"الهيئة" هي الفصيل الوحيد بعد "تنظيم الدولة" الذي يفرض سيطرته على مناطق من دون وجود فصائل أخرى.

عبد الرزاق قال: "لن تنتهي حرب الهيئة والزنكي إلا بإنهاء أحد الفصيلين، ولن تنجح جهود الوساطة بين الطرفين، لأن الهدف الرئيس وراء الاقتتال هو الدفع لتغليب طرف ضد آخر، ووجود فصيل مسيطر يوحد كافة القوى العسكرية، لتسهيل تطبيق مقررات مؤتمر أستانة 6 التي تم التوافق عليها من الأطراف الضامنة".

وتجددت الاشتباكات بين الفصيلين، مساء الإثنين، بعد محاولة "تحرير الشام" الاقتحام من محور "الفوج 111" ومنطقتي عويجل وعاجل في ريف حلب الغربي، ومن منطقة الحيلونة بين خان العسل وكفرناها، ومن أطراف مدينة الأتارب، لكن عناصر "الزنكي" صدوا الهجوم.

الحساب المعروف باسم "أس الصراع في الشام" والمُقرب من "أحرار الشام"، قال في "تويتر": "النظام يحشد 15 دبابة و25 بيك أب في منطقة الحمرا شرقي حماه ليفتح محوراً جديداً، ويحتل ثلاث قرى، بينما الجولاني يحشد ثلاثة آلاف مقاتل ليقتحم مناطق الزنكي من ثلاثة محاور ويسلم نقاط رباطه لفيلق الشام".

وهاجم ناشطون من أبناء مدينة الأتارب "هيئة تحرير الشام" لاستمرارها في قتال "الزنكي" ومحاولتها القضاء عليها في مناطق نفوذها، بدلاً من فتح جبهات قتال مع النظام انتقاماً للمجزرة التي ارتكبها الطيران الروسي مساء الإثنين، وراح ضحيتها ما لا يقل عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، وما زال العشرات تحت الأنقاض.

"مزمجر الأتارب" نشر في "تويتر": "في الوقت الذي كانت تحاول عصابات الجولاني اقتحام الشيخ سليمان وتقاد، قام الطيران الحربي باستهداف مدينة الأتارب. كان الأجدر أن تستهدف هيئة تحرير الشام النظام بالمدافع والصواريخ رداً على مجزرة المدينة، لكنها تستهدف وتحشد مقاتليها لاقتحام مناطق نور الدين زنكي".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024