وقف الدعم البريطاني:الشرطة الحرة تنفي الإتهامات..و"الإسلامية"تتربص

خالد الخطيب

الثلاثاء 2017/12/05
أكد قائد "الشرطة الحرة" في ريف حلب العميد أديب الشلاف، لـ"المدن"، أن الحكومة البريطانية أوقفت دفع حصتها من الدعم بشكل مؤقت عن الشرطة الحرة العاملة في عموم المناطق السورية، اعتباراً من بداية كانون الأول/ديسمبر، إلى أن يتم التحقق من "ادعاءات كاذبة وردت في تقارير إعلامية بريطانية اعتمدت على مراسلين صحافيين يعملون في مناطق النظام".

وزارة الخارجية البريطانية، كانت قد قالت، الأحد، إنها أوقفت تمويل مشروع "العدالة وأمن المجتمع" المعروف بـ"أجاكس"، والذي يقدم الدعم للشرطة السورية الحرة، والتي تنتشر في عدد من المناطق السورية المحررة. ويأتي القرار البريطاني على خلفية معلومات نشرتها شبكة "بي بي سي" البريطانية، اتهمت الشرطة الحرة بالتعامل مع الفصائل الإسلامية المتشددة، بالإضافة لاتهامها بارتكاب خروق في حقوق الإنسان، والفساد المالي.

من جهته، نفى العميد الشلاف صحة المعلومات التي وردت في التقارير الإعلامية، والتي تحدثت عن وصول أموال لفصائل مسلحة، من بينها "حركة نور الدين الزنكي" على سبيل المثال. وقال الشلاف: "لدينا نظام مالي مشدد، ولا يتم صرف أي مبلغ إلا بموجب أوراق وبيانات كاملة، ويتم توثيق المصاريف بشكل منتظم". وأضاف: "هناك مراقبة وتفتيش دائمين من قبل شركة أدم سميث الدولية المُنفذة للمشروع حول الملف المالي المقدم، وقد أثبتت الكشوفات كذب الادعاءات الموجهة ضدنا". وتابع الشلاف: "أما الحديث عن 1800 دولار قدمت لفصائل، كما روّج التقرير، فنحن إلى الآن لا نعلم ما هي الدلائل التي استندوا اليها لاستخدام المعلومة. كذلك ليس لديهم دلائل واقعية تشير لارتكاب الشرطة الحرة لخروق في حقوق الإنسان، أو تنفيذ أحكام إعدام".

وقال الشلاف: "بدأت الشرطة الحرة في الحصول على الدعم من شركة آدم سميث الدولية منذ أوائل العام 2014، وبريطانيا ليست الوحيدة التي تتولى الدعم، هناك عدد آخر من الدول الداعمة للمشروع، هي الولايات المتحدة الأميركية وهولندا وكندا وألمانيا والدانمارك، أي أن الجزء الذي تم تعليقه من برنامج الدعم هو فقط بريطاني، وبالتأكيد سوف يؤثر الاجراء البريطاني على استمرار المشروع في حال أصروا على تكذيبنا وتصديق التقارير الإعلامية المغلوطة التي تريد توقيف المشروع لغايات أخرى على ما يبدو".

وأوضح العميد الشلاف، أن جهاز الشرطة الحرة كان متجاوباً بشكل كبير مع المخاوف التي أبدتها الشركة الداعمة لمشروع "أجاكس"، و"أكدنا أكثر من مرة بشكل عملي على الأرض ومنذ نشأة هذا الجهاز الأمني أننا لسنا بصدد التعامل مع أي فصيل عسكري، الشرطة هي لضبط الأمن وتحقيق الأمان المجتمعي للمدنيين في المناطق التي تنتشر فيها، وليس لها أي علاقة بالفصائل المسلحة".

وقال: "لقد تم إغلاق أكثر من قسم شرطة في ريف حلب الغربي، وادلب، خلال الفترة الماضية، بعد تمدد هيئة تحرير الشام في المنطقة بشكل كبير، وسيطرتها على عدد من المدن والبلدات. كذلك تم إغلاق أقسام أخرى في المناطق التي تنتشر فيها حركة نور الدين الزنكي بعدما انضمت لصفوف هيئة تحرير الشام. وتلك الأقسام متوقفة عن العمل في تلك المناطق حتى الآن". وأضاف: "استطعنا فتح مركز مدينة دارة عزة مجدداً بعد قرار الإغلاق، كنا نقول دائماً أن قرار الإغلاق لا يصب في مصلحة المدنيين". الشلاف أكد بأن التشديدات التي فرضتها الشركة الداعمة للشرطة الحرة أدت لإغلاق مركز الشرطة في بلدة التوامة في ريف حلب الغربي، لأن أحد أقارب رئيس المجلس المحلي في البلدة عنصر في "هيئة تحرير الشام".

وأشار العميد الشلاف إلى أن "الادعاءات تبدو غير منطقية، ومؤسفة"، فالاتهام بتسريب مئات الدولارات من ضمن برنامج دعم يتجاوز 20 مليون دولار، "يشير إلى إفلاس المدعين"، كما أن بقية الاتهامات الموجهة للشرطة الحرة "ليست صحيحة ولا تعتمد على براهين ودلائل يمكن التعامل معها"، فالإجراءات المتشددة التي تفرضها الشركة على الشرطة الحرة وتطبيقها على الأرض "لم تترك مجالاً للاتهامات". وأوضح: "على الرغم من ذلك نرى أن هناك حملة لتجريم هذا الجهاز والقضاء عليه، وربما هذا جزء من التوجه العام لدى بريطانيا والدول الداعمة الأخرى للشرطة الحرة ومؤسسات مدنية وخدمية في المناطق المحررة، بهدف إيقاف عمل هذه المؤسسات، وتخفيض الدعم عنها".

ويعمل في الشرطة الحرة في ادلب وريفي حلب الغربي والجنوبي، وضواحي حلب الشمالية 3300 عنصر وضابط شرطة، معظمهم من عناصر الشرطة المنشقين عن شرطة النظام. وهناك قرابة 150 ضابط شرطة في أقسام ريف حلب البالغ عددها 27 مركزاً، و160 ضابطاً تقريباً في مراكز شرطة إدلب البالغ عددها 29 مركزاً.

وعلى الرغم من ثقة العميد الشلاف، وضباط شرطة آخرين على تواصل مباشر مع مسؤولي ملف الدعم الذي تقدمه الشركة لمشروع "أجاكس"، بعدم صمود الاتهامات ضد جهاز الشرطة الحرة أمام التحقيق، إلا أنهم لا يخفون تخوّفهم من قطع الدعم، بشكل كامل، وعدم الإفصاح عن نتائج التحقيقات. وما يدعوهم للتخوف هو الحملة الإعلامية الموجهة ضدهم، والتي توحي بأن الأمر قد حسم فعلاً، إذ لا بد من مقدمات ومبررات لاخفاء النوايا، كما يُشير البعض.

قيادة الشرطة الحرة في إدلب، كانت قد أعلنت الثلاثاء، عن إحصائية لعملياتها خلال تشرين الثاني/نوفمبر، والتي بلغت 1112 عملية، تضمنت إنجاز 639 مذكرة عدلية، و168 ضبطاً إدارياً، و59 مشاجرة، و57 عملية سرقة، و23 ضبطاً حراجياً، و24 عملية تخريب ممتلكات، و63 حادثاً مرورياً، و8 عمليات نصب واحتيال، و7 بيع مسروقات، 15 عملية عقوق والدين، و5 عمليات إساءة أمانة، و6 عمليات خطف وتغيّب، و2 مخلة بالآداب، و12 حالة إيذاء، و3 عمليات شروع بالقتل، وجريمة قتل واحدة. وأكدت قيادة شرطة ادلب استمرارها في حفظ الأمن في المناطق التي تنتشر فيها.

مصدر من الشرطة الحرة في ريف حلب أكد لـ"المدن"، أن الاتهامات التي وجهت للشرطة الحرة تسببت باستياء في أوساط عناصر وضباط الشرطة الذين يعملون في ظروف أمنية صعبة ومواقع خطرة، ومقارهم عرضة للقصف المباشر من طائرات النظام وروسيا. وقبل أيام قليلة ودعوا قافلة من رفاقهم قتلوا في غارة جوية استهدفت مركز شرطة الأتارب والسوق القريب منه. المجزرة قضى فيها 100 شخص تقريباً، بينهم 13 عنصر شرطة.

وفي مقابل الاجراءات البريطانية الرامية لوقف دعم الشرطة الحرة في ريف حلب وادلب، أعلنت "الشرطة الإسلامية" التي كانت تتبع للإدارة العامة لـ"جيش الفتح" سابقاً، والآن لـ"هيئة تحرير الشام"، أنها قامت بهيكلة نفسها، تمهيداً للعمل باسم "شرطة إدلب" التي من المفترض أن تديرها وزارة الداخلية التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" العاملة في المناطق الخاضعة لـ"الهيئة". ومن المقرر أن يضم الجهاز فروعاً للأمن الجنائي والتحقيق الإداري والمرور والقوة التنفيذية والتدخل السريع وقسم الحواجز وضبط الأمن.

وعلى الرغم من المآخذ الكثيرة على الشرطة الحرة منذ إنشائها وحتى الآن، أي طوال السنوات الأربع الماضية، ومن بينها عدم قدرتها على إدارة الملف الأمني بعيداً عن تدخلات فصائل المعارضة المسلحة، والتي عملت بدورها على عدم اتاحة الفرصة لتمكين الشرطة الحرة، وتفعيل دورها بالشكل المطلوب، إلا أن هذا الجهاز يبقى مطلباً لغالبية السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ويعتبرون قرار قطع الدعم عنها خدمة جليلة لـ"الشرطة الإسلامية" التي ستديرها "حكومة الإنقاذ" الموالية لـ"الهيئة".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024