الضربات الغربية لا تحظى باجماع أوروبي

المدن - عرب وعالم

الإثنين 2018/04/16
لا يبدو أن الضربات التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في سوريا، قد حظيت باجماع داخل الاتحاد الاوروبي، إذ يشكل إحياء الحوار مع روسيا أولوية لوزراء الخارجية الاوروبيين الذين اجتمعوا، الإثنين، في لوكسمبورغ.

ودعا الاتحاد الأوروبي، الإثنين، روسيا وإيران الى استخدام نفوذهما على الحكومة السورية لمنعها من أي استخدام آخر للأسلحة الكيماوية. وقال الاتحاد الأوروبي في تصريحات لاجتماع لمنظمة "حظر الأسلحة الكيماوية"، ونقلتها "رويترز": "الاتحاد الأوروبي يدعو جميع الدول، خاصة روسيا وإيران، لاستخدام نفوذها لمنع أي استخدام آخر للأسلحة الكيماوية، خاصة من جانب النظام السوري".

وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الإثنين، إن الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على سوريا لن تغير مسار الحرب، ولكنها كانت طريقة لإظهار أن العالم قد فرغ صبره على الهجمات الكيماوية. وتابع قائلاً للصحافيين لدى وصوله لحضور اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي: "من المهم جدا التشديد على أنها ليست محاولة لتغيير دفة الحرب في سوريا أو لتغيير النظام". وأضاف: "للأسف ستستمر الحرب السورية بشكلها المروع والبائس. لكن العالم كان يقول إنه نفد صبره على استخدام الأسلحة الكيماوية".

وصرح وزير الخارجية الالماني هيكو ماس، لدى وصوله الى لوكسمبورغ: "يستحيل حل النزاع من دون روسيا"، بحسب ما نقلته "فرانس برس"، مؤكداً أن الاولوية هي تجنب "تصعيد" عسكري في المنطقة. ونقلت قناة "الجزيرة" عن ماس استبعاده أن يكون رئيس النظام السوري بشار الأسد جزءاً من الحل في سوريا. وأضاف: "الصراع السوري بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة"، مضيفا أنه "لا يمكن أن يتخيل أحد أن يكون شخص يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه جزءا من هذا الحل". وأبلغ ماس الصحافيين عند وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في بروكسل "سيكون هناك حل يشارك به جميع من لهم نفوذ في المنطقة".

وقال وزير الخارجية البلجيكية ديدييه ريندرز: "علينا ان نسلك مجدداً طريق حوار سياسي حول سوريا مع روسيا وايران" الداعمتين للنظام السوري.

وتوقعت مصادر ديبلوماسية ان يكتفي الوزراء الاوروبيون في لوكسمبورغ بالتعبير عن تفهمهم للضربات. وعلق وزير خارجية لوكسمبورغ يان اسلبورن: "انها عملية (عسكرية) واحدة ويجب ان تبقى كذلك". من جهته، قال نظيره الليتواني ليناس انتاناس لينكيفيشيوس، إن "حلا سلمياً يتطلب احياناً عملاً شديداً".

وبينما اتفق اعضاء الاتحاد الأوروبي الـ28 على أن الهجوم على دوما كان غير مقبول ويجب ألا يمر من دون عقاب، لم يتطرق بيان صادر عن وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني، إلى تأييد الضربات مكتفياً بالتأكيد أنه ستتم "محاسبة المسؤولين عن هذا الانتهاك للقانون الدولي". وقال مصدر أوروبي إن البيان "لم يكن مفاجئا".

لكن دول الاتحاد الأوروبي منقسمة بحيث تقف فرنسا وبريطانيا في جهة ودول محايدة في جهة أخرى بينما في الوسط تبنى أعضاء في حلف شمال الأطلسي مواقف متباينة من الضربات. واكدت ايطاليا ان "هذا العمل المحدود (...) لن يكون بداية تصعيد".

وأكد مصدر أوروبي ان "بيان الدول الـ28 هو أقصى ما يمكنهم قوله"، فيما كان تأييد حلف شمال الاطلسي أكثر وضوحاً.

وينبع التباين بين الحكومات الاوروبية من خشية رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يدعم نظيره السوري بشار الاسد.

وقال مسؤول أوروبي: "على الاتحاد الاوروبي ان يبقى موحداً. علينا تجنب ان تتبنى كل دولة سياسة منفردة حيال موسكو. هذا مهم لوجود الاتحاد". وسارعت موسكو إلى استغلال الانقسامات في الاتحاد الأوروبي التي بدت واضحة في ردود الفعل على عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.

وقال ديبلوماسي أوروبي إن "الجميع خلصوا الى الامر نفسه. الجميع قرأوا الوقائع بالطريقة نفسها لكنهم لم يصدروا ردود الفعل نفسها". وفي المحصلة، عمدت 19 دولة عضوا في الاتحاد الاوروبي الى طرد ديبلوماسيين روس في حين اكتفت خمس دول باستدعاء سفرائها للتشاور ولم تتخذ ثلاث اخرى هي النمسا وقبرص اليونان اي خطوة.

وبعد ضغط مكثف من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وقع قادة دول التكتل الـ28 بياناً صدر في قمة ببروكسل الأسبوع الماضي واتهم روسيا بتنفيذ العملية. لكن الأمر تطلب كثيرا من الجهود لإقناع المترددين.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، الأحد: "ينبغي ان نأمل الان بان روسيا ادركت انه بعد الرد العسكري (...) علينا ان نوحد جهودنا من اجل عملية سياسية في سوريا تتيح الخروج من الازمة. ان فرنسا مستعدة للتوصل الى ذلك".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024